العدد: 2475 | الثلثاء 16 يونيو 2009م الموافق 22 جمادى الآخرة 1430هـ

مقتل متظاهر بعد مسيرة مؤيدة لموسوي

مقتل متظاهر بعد مسيرة مؤيدة لموسوي

قُتل متظاهر إيراني بالرصاص أمس (الإثنين) وأصيب العديد من المتظاهرين الآخرين مع انتهاء تظاهرة في طهران جمعت مئات آلاف الأشخاص احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وكان المرشح الإصلاحي في انتخابات الرئاسة الإيرانية، مير حسين موسوي، انضم إلى المشاركين في التظاهرة. وقال موسوي أثناء مخاطبته للجماهير إنه مستعد للمشاركة بعملية اقتراع جديد. وأضاف «إنه جرى تزوير نتائج التصويت لصالح أحمدي نجاد» وهي التهمة التي نفاها الرئيس بقوله إن الاقتراع كان «عادلا».

وأعربت الولايات المتحدة عن «قلقها الشديد» إزاء أعمال العنف التي تلت الانتخابات الإيرانية، وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها «تراقب بحذر» تداعيات إعادة انتخاب أحمدي نجاد.


سقوط قتيل وعدة جرحى وأميركا تبدي قلقها وأوروبا تدعو للتحقيق

مواجهات عقب تظاهرة ضخمة لأنصار موسوي في طهران

طهران - أ ف ب، د ب أ

قتل متظاهر إيراني بالرصاص أمس (الاثنين) وأصيب العديد من المتظاهرين الآخرين مع انتهاء تظاهرة في طهران جمعت مئات آلاف الأشخاص احتجاجا على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وفق ما أفاد مصور صحافي.

و انضم المرشح الإصلاحي في انتخابات الرئاسة الإيرانية، مير حسين موسوي، إلى آلاف المشاركين في مظاهرة احتجاج ضخمة وسط العاصمة طهران.

وقال موسوي أثناء مخاطبته للجماهير المحتشدة في طهران قوله إنه مستعد للمشاركة بعملية اقتراع جديد. وأضاف موسوي، الذي كان يتحدث في أول ظهور علني له منذ انتخابات يوم الجمعة الماضي، قائلا إنه جرى تزوير نتائج التصويت لصالح أحمدي نجاد، التهمة التي نفاها الأخير بقوله إن الاقتراع كان «عادلا». شاب التوتر الأجواء الإيرانية المشحونة بعد أن بدأ آلاف المؤيدين موسوي أمس بالقيام بمسيرة احتجاجية ضد التزوير الذي يزعم أنه وقع في الانتخابات الرئاسية على رغم الحظر الذي فرضته وزارة الداخلية. وكان موسوي دعا أنصاره إلى عدم القيام بالمسيرة الاحتجاجية لتجنب وقوع مصادمات مع الشرطة. وردد المتظاهرون شعارات مؤيده لموسوي وضد التزوير الذي يزعم أنه أدى لإعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وحذرت وزارة الداخلية الإيرانية موسوي من عواقب تجاهل الحظر وقال رئيس الشرطة إن قواته ستواجه بحزم أي مجموعة تحاول إلحاق الضرر بالنظام العام.

من جانبه، أصدر الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي بيانا دعا فيه المواطنين إلى الامتناع عن المشاركة في التظاهرة في ضوء طلب موسوي بعدم التحرك خارج الأطر القانونية.

وأفادت وكالة «مهر» أن خاتمي أكد في هذا البيان أن الحرية وحق تقرير المصير هما من الإنجازات الكبرى التي حققتها الثورة الإسلامية. وأضاف «إنه حق مشروع للشعب أن يطالب بالمحافظة على أصواته ومن واجب المسئولين أن يصونوا هذه الأمانة ويسعوا إلى حفظ وتعزيز الثقة العامة التي هي أكبر رصيد للبلاد والنظام، وأن تجاهل هذا الحق والتصدي بعنف للمواطنين يتعارض مع مبادئ الثورة والنهج الواضح للإمام (الخميني) ولن يحل هذا الأسلوب أي مشكلة في البلاد».

وأشار خاتمي إلى أنه كان مصمما على المشاركة في الاجتماع السلمي للتعبير عن احتجاجه، مضيفا إنه لكن استنادا إلى البيان الذي أصدره موسوي فإنه لم يرخص لهذا الاجتماع خلافا لمصلحة النظام وحقكم.

إلى ذلك، وجه المرشح المحافظ للانتخابات الرئاسية محسن رضائي أمس رسالة إلى أحمدي نجاد يطلب فيها أن تزوده وزارة الداخلية بكل المعلومات الضرورية لتبرير أسباب اعتراضه على العملية الانتخابية أمام السلطات. وكتب رضائي «أطلب منكم أن تأمروا وزارة الداخلية بأن تزودني تفاصيل نتائج الانتخابات».

وعلى إثر ذلك أصدر أمين مجلس صيانة الدستور أحمدي جنتي بيانا دعا فيه مرشحي انتخابات رئاسة الجمهورية العاشرة إلى تقديم شكاواهم الموثقة بأسرع وقت من أجل دراستها.

وقال التلفزيون الإيراني إن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي طلب من موسوي متابعة الالتماس الذي تقدم به ضد نتيجة انتخابات الرئاسة التي جرت يوم الجمعة بشكل هادئ وقانوني. ونقل التلفزيون عن خامنئي قوله لموسوي في اجتماع عقد مساء أمس الأول «طبيعي في هذه الانتخابات أن تمر الشكاوى عبر قنوات قانونية... من الضروري أن تتابع الأمر بهدوء».

في إطار متصل، دعا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس إلى التحقيق في مزاعم حدوث تزوير في نتائج الانتخابات الإيرانية، إلا أنهم شددوا على أنهم يسعون إلى علاقات أفضل مع الجمهورية الإسلامية.

وقال وزير الخارجية الفنلندي ألكسندر ستوب عند وصوله إلى لوكسمبورغ للمشاركة في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي: «علينا في البداية أن نتأكد من أنها (الانتخابات) كانت فعلا ديمقراطية. وبعد ذلك علينا أن نبقي على الحوار قائما».

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند أن الاتحاد «قلق جدا» من مزاعم حدوث تلاعب في فرز الأصوات ومن العنف الذي استخدمته الحكومة ضد المتظاهرين المعارضين بعد الانتخابات. وتعد التوترات التي أعقبت الانتخابات الإيرانية من بين أهم الموضوعات على أجندة اليوم الحافلة.

وأشار وزير خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني إلى أن الاتحاد يتابع «عن كثب تطورات الاتهامات بحدوث تجاوزات... الأمر الأكثر إثارة للقلق هو تفجر العنف في الشوارع». إلا أن الوزراء لم يدعوا إلى إجراء تحقيق دولي في هذا الشأن، واكتفوا بالتأكيد على أن النظام الإيراني هو المخول بفعل هذا في المقام الأول.

من جانبها أعربت مفوضة الشئون الخارجية بالاتحاد بينيتا فيريرو-فالدنر عن أملها في أن «تنظر إيران فعلا في كل الشكاوى التي تقول بحدوث خروقات. وأنا أحترم بشدة كل المواطنين الإيرانيين الذين عبروا عن استيائهم وتظاهروا بصورة سلمية». من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تصريح صحافي إلى «احترام كامل للإرادة الحقيقية للشعب» في إيران. وقال مون ردا على سؤال بشأن الوضع في إيران «لا بد من الاحترام الكامل لإرادة الشعب» في إيران. وأعلن الأمين العام أنه «يتابع عن كثب» الوضع في إيران خصوصا «الطريقة التي سيجري على أساسها التحقيق».

من جانب آخر، أرجأ الرئيس الإيراني زيارته التي كانت مقررة لروسيا وذلك في ضوء الاحتجاجات التي تشهدها طهران على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ونقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن متحدث باسم السفارة الإيرانية في موسكو قوله إنه لم يتم بعد تحديد موعد جديد للزيارة. وكان دبلوماسي روسي قد قال إن أحمدي نجاد سيشارك اليوم (الثلثاء) في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة ييكاتيرينبرج.

في سياق متصل، اتهمت وسائل إعلام أجنبية عديدة أمس الأول السلطات الإيرانية بمنع صحافييها من تغطية التظاهرات الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخاب أحمدي نجاد.

وأكد قناتان تلفزيونيتان ألمانيتان أن صحافييهما منعوا من تغطية الأحداث بينما تحدثت هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية (بي بي سي) عن تشويش «مصدره إيران» يؤثر على برامجها في الشرق الأوسط وأوروبا. وقالت شبكة التلفزيون الهولندية «نيدرلاند 2» أن اثنين من صحافييها أوقفا وطلب منهما مغادرة إيران. كما أوقف صحافيان بلجيكيان وأغلق مكتب قناة «العربية» الفضائية في طهران لمدة أسبوع. واتهم رئيسا تحرير شبكتي التلفزيون العامتين الألمانيتين «آ ار دي» و»تسي دي اف» في رسالة إلى سفير إيران السلطات الإيرانية بأنها منعت صحافييهما من بث موضوعات عن التظاهرات التي تلت الانتخابات.

أعربت الولايات المتحدة أمس عن «قلقها الشديد» إزاء أعمال العنف التي تلت الانتخابات، وأكدت وزارة الخارجية الأميركية أنها «تراقب بحذر» تداعيات إعادة انتخاب أحمدي نجاد.


إيران شعار «الله أكبر»

هكذا إذا تحوّلت نتائج الانتخابات الإيرانية إلى خروج مئات الآلاف من أنصار المرشح الرئاسي مير حسين موسوي إلى ميدان آزادي، الميدان الذي يعتبره الإيرانيون رمزا تاريخيّا، وهذه المرة يتجمعون حول شخص كان من رجالات الثورة الإسلامية في 1979، ولكنه اليوم يفاجأ بأن الجماهير تلتفُّ حوله في مسيرة دعا إليها احتجاجا على ما اعتبره تزويرا للانتخابات، ومطالبا بإعادة الانتخابات وإجراء تحقيق فيما جرى في 12 يونيو/ حزيران الجاري.

لعلَّ الحيرة على وجه موسوي تعني الكثير، ولعلَّ الشعارات التي طالب أنصاره برفعها تترجم موقفه، فهو طالبهم بترديد «الله أكبر»، و «لا إله إلا الله»... أما الشعارات الأخرى فقد تطوَّع بها المتظاهرون بأنفسهم. ولكن اختيار موسوي لهذين الشعارين يحمل في طياته معانيَ مؤلمة جدّا للجمهورية الإسلامية التي تأسست على نداءات «الله أكبر» قبل 30 عاما، ولذا فإن ترديدها الآن وفي هذه المناسبة يعني الكثير لمن رفع هذا الشعار قبل ثلاثة عقود.

ربما لو كان موسوي عَلِمَ مسبقا أن هذا سيحدث له لاختار البقاء خارج السياسة، والانزواء عنها كما فعل منذ أن ترك منصب رئاسة الوزراء قبل عشرين عاما... فأنصاره الذين يرددون هتافاته وُلد أكثرهم بعد العام 1979، وذلك لأن 60 في المئة من الإيرانيين أعمارهم تقل عن 28 سنة، وهؤلاء يلتفون حول رمز خرج إلى السطح فجأة، وهو رمز لم يكونوا يعرفوه قبل فترة وجيزة لأنه توارى عن الأنظار.

سقوط على الأقل قتيل واحد أمس وسقوط أعداد غير معلومة من الجرحى بعد امتلاء شوارع طهران بالمحتجين على نتائج الانتخابات يُعتبر أكبر تحدٍّ لنظام الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها قبل 30 عاما... فالذين قادوا التظاهرة أمس ليسوا أناسا عاديين، وإنما هم تلامذة الإمام الخميني الذين كان يُطلَق عليهم «خط الامام»، وهؤلاء هم في وضع لا يُحسد عليه، إذ إنهم يعتقدون بأن أمامهم خيارين: البقاء في المنازل بانتظار طَرقات الباب، أو الخروج مع جمهور من الناس بمستوى أعمار أبنائهم.

إنه من المؤسف جدّا أن يكتب المرء عن الوضع الإيراني بما يفطر القلب، فالوضع الذي توتّر إنما جاء نتيجة لطريقة التعامل مع العملية الانتخابية... إيران عُرف عنها إمكانية تعايش اتجاهاتها داخل إطار مفاهيم الجمهورية الإسلامية، وكان مستوى هذا التعايش يحسدهم عليه العدو ويغبطهم الصديق، ولكن الآن يبدو أن شيئا ما قد انكسر، وهو ما يفسر الشعارات التي رُفِعَتْ أمس.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/7447.html