العدد: 4410 | الجمعة 03 أكتوبر 2014م الموافق 09 ذي الحجة 1435هـ
وزارة فوضى ووزير غائب
الكاتب: جميل المحاري - jameel.almahari@alwasatnews.com
توزيع الحقائب الوزارية وكما هو معمولٌ في منطقتنا، يكون وفقاً للانتماء الطائفي أو القبلي أو في بعض الأحيان مكافأة شخصية أو عائلية، ما جعل لدينا ثلاثة إخوة وزراء في وزارات مختلفة وفي أوقات مختلفة، ولا يمكن أن يؤدي مثل هذا الوضع إلا إلى تردي وتدني مستوى الأداء الحكومي، وبالتالي جودة ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين. ولذلك لدينا أزمة في السكن، وأزمة في التعليم، وفي تقديم الرعاية الصحية، وتوفير فرص عمل لائقة، وتدني مستوى الرواتب و...
ما يستدعي هذا الحديث تجربة شخصية عانيت خلالها الأمرّين، وعلى الرغم من أنني لا أحبذ الكتابة عن الأمور الشخصية ولكنني مقتنعٌ بأن ما جرى علي يمكن أن يجري على أي فرد في المجتمع، أو أي مواطن آخر، إن لم يكن أسوأ من ذلك.
خلال الأشهر الأربعة الماضية، عانيت من الآلام ومعاملة فيها الكثير من الإهمال والاستخفاف، وهو ما يسمح لي بطرح مشكلتي الخاصة في عمود صحافي يجب أن يخصّص للقضايا العامة، ومع ذلك أرى أن ما مررت به جزء بسيط مما عاناه المواطنون من غياب مفهوم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
في السنوات الأخيرة تدنى لدينا مستوى الرعاية الصحية والخدمات المقدمة إلى المواطنين إلى مستوى غير مقبول، ونرى نتائج ذلك في زيادة أعداد وفيات مرض «السكلر» لأرقام غير مسبوقة؛ وزيادة شكاوى المواطنين من الإهمال والأخطاء الطبية وتأخير المواعيد للدخول على الاستشاريين أو إجراء الفحوصات الطبية المختلفة. وبصفة عامة عدم الاهتمام بصحة المواطن بشكل جدي إلا فيما ندر من حالات.
خلال الأشهر الأربعة الماضية، أي منذ بداية شهر يونيو/حزيران الماضي، فاجأتني وزارة الصحة بثلاث حالات لا يمكن أن توصف إلا بالإهمال وعدم المبالاة، واعتبار المريض شيئاً أو جماداً يمكن تعويضه في أي وقت. ولا يهم وزارة الصحة وأطباؤها ما يعانيه المريض من آلام مبرحة في أن يتم شرح حالته، ليكون على معرفة بالمرض الذي يعاني منه أو حتى طرح طريقة العلاج أو البدائل التي يمكن استخدامها، في حين أن الأطباء والاستشاريين الذين يعملون في وزارة الصحة أنفسهم، يمكن أن يقدموا لك من الوقت والاستشارات والمعلومات أكثر مما تحتاجه، ويجروا لك من التحاليل الطبية والأشعة المقطعية وتخطيط ضربات القلب، خصوصاً إن كان لديك تأمين طبي، بشرط أن تذهب إلى عياداتهم الخاصة.
الحالة الأولى التي صادفتها هي خطأ طبي في تشخيص الحالة في قسم الطوارئ، إذ شخّص الطبيب حالتي بشد عضلي في الساق، ويمكن أن يعالج خلال يومين بالبندول و«البندج» والثلج، ولم يتعب نفسه حتى بالأمر بإجراء أشعة أو حتى بفحص الرجل المصابة. وبعد ثلاثة أسابيع من الحادثة استطعت أن أحصل على موعد مع أخصائي العظام ليفاجئني بأن الوتر الذي يصل القدم بعضلة الساق مقطوعٌ تماماً ويجب إجراء عملية جراحية لإعادة ربط الوتر بالعضلة في أسرع وقت ممكن، وحدّد لي اليوم التالي لإجراء العملية، وتم حجز السرير وموعد العملية، إلا أن الطبيب الجراح ارتأى عدم إجراء العملية والاستعاضة عن ذلك بتجبير الساق لمدة شهر ونصف. ورغم تقديمي شكوى للوزارة حول الخطأ في التشخيص إلا أن الشكوى رميت في سلة المهملات الخاصة بالوكيل المساعد.
بعد ثلاثة أشهر تقريباً لم يحصل أي تحسن في رجلي المصابة، وعند سؤال الطبيب قال إن طريقة التجبير لإعادة وصل عضلة الساق بالوتر هي طريقة جديدة قدمت في إحدى أوراق العمل العلمية، ويمكن أن تكون أنت أول من تجرّب عليه طريقة العلاج هذه، ولذلك ليس من المعلوم كيف ستكون النتيجة، ما يعني أن الأطباء جربوا عليّ طريقة علاج جديدة دون أن يخبروني بذلك. والأسوأ أن من اقترح هذا العلاج لم يتابع حالتي أبداً، ولم أره إلا نحو 5 دقائق حين قرّر عدم إجراء العملية. والنتيجة بعد أربعة أشهر، تم إجراء أشعة «التراساوند» حيث كانت النتيجة أن الوتر لم يلتحم مع العضلة أبداً، وأن القطع مازال مستمراً، ولعدم وجود فحص سابق عند حدوث الإصابة، فلا أحد يمكنه أن يقرّر مدى تطور الحالة سواءً بشكل إيجابي أو سلبي، فحسبنا الله ونعم الوكيل... يا وزير الصحة.
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/925849.html