من أوراق زوج سعيد جدا
كتب عضو منتديات الدانة في منتداه هذه الأوراق
الورقة الأولى
التقطت مفاتيح سيارتي على عجل وهرولت باتجاه الباب لأدرك صلاة العشاء عندما سمعت الصوت المعتاد:
... خذ هذه ورقة بما نحتاجه من السوق وأريدها كلها اليوم رمضان أقترب تناولت الورقة صاغرا... فعشر سنين من الزواج كفيلة بترويض أسد هصور دسست الورقة فى جيبي دون النظر إليها مؤثرا السلامة مما قد يصيبنى من توبيخ محقق إذا استشفت زوجتي من النظرة امتعاضا أو ترددا في سرعة التنفيذ خرجت من المسجد مشمرا عن ساعد الجد للمهمة الجليلة في السيارة أخرجت الورقة كما أخرجت دفترا صغيرا أخفيه بعناية لأعيد ترتيب المتطلبات حسب أماكن تواجدها بالأسواق اكتسبت هذه العادة مؤخرا بعد أن اكتشفت - متأخرا جدا - أن زوجتي تتعمد بعثرة المتطلبات في الورقة بقدر ما تستطيع فإذا احتاجت ثمانية أصناف من العطارة فهي لا تكتبهم متجاورين بل تكتب أول أربعة منهم متجاورين وذلك لكي تعطيني الانطباع بأن هذا كل ما تريده من عطارة ثم توزع الباقي بين أصناف اللحوم والخضار والمنظفات فلا أكتشفها إلا عند الجزار ويكون الوقت قد فات للعودة 20 كيلو مترا وسط الزحام لإحضار 100 جرام ورق غار ، فأعود بدونها واقف أمامها كتلميذ خائب يخفق دائما في الامتحان... (وعند ذلك يهان الزوج أو يهان) انتهيت من ترتيب المتطلبات وانطلقت أولا إلى محل العطارة وبدأت أملى على البائع منشليش مطحون - سبلدج أسود حب - وراغ ورق صغير - ملسويس خشن - حمنش أصفر - فشخمان إيرانى... موجود ولكن عندنا ملسويس ناعم فقط...
حسنا سأبحث عنه فى مكان أخر كم الحساب... 117 ملطوش ولكن لا يوجد ملسويس خشن في السوق لم يعد أحد يستورده لن تجد سوى الناعم (بائع حقير...). منذ سنوات - والقلب غض والآمال واعده - كنت أصدق مثل هذا البائع فما أن أعود إلى زوجتي بما قال حاملا البديل حتى تصب على رأسي كل ما في قاموس التهكم والسخرية من كلمات على غفلتى وخيبتى الثقيلة وكيف ضحك على البائع لأشترى ما لديه وتؤكد لي أن جارتنا قد اشترت نفس الغرض أمس فقط شكرت البائع وطفت سوق العطارة كله بحثا عن ملسويس خشن بلا فائدة اتصلت من الجوال ... السلام عليكم... نعم... لا يوجد ملسويس خشن فى كل السوق لا يوجد سوى ملسويس ناعم... أنت فلوسك كثيرة تتصل من الجوال لهذا ألا تتصرف مرة واحدة من نفسك أشترى ناعم طبعا وهل تريدنا أن نقضى رمضان بدون ملسويس حسبى الله ونعم الوكيل فيك عدت إلى البائع وطلبت ملسويس ناعم ناولني إياه وابتسامة شامتة مرسومة على وجهه العكر عدت إلى سيارتي لأجد أحدهم وقد أغلق على الطريق بسيارته (انتظرت لمدة نصف ساعة وأنا أكاد أنفجر من الغيظ) الويل لي إن أغلقت الأسواق قبل أن أشترى كل ما بالورق أخذت أتخيل ما سأفعله بصاحب السيارة، لأفجرن فيه قهر السنين.
وصل أخيرا واتجه إلى سيارته كطاووس متبختر
كظمت غيظي وعفوت - امتثالا للآية الكريمة - ثم امتثالا لهاتف العقل حيث إن وزن المذكور لا يمكن أن يقل عن المئة وخمسين كيلو جراما بحال من الأحوال قفزت إلى سيارتي وقبلتي سوق الخضار
الورقة الثانية
وصلت إلى سوق الخضار كم أحس بالاختناق هنا فأنا من (رُهاب الزحام) ولكن بدرجه أقل من (رُهاب الزوجات) انطلقت على بركة الله بين المبسطات حاملا الورقة بين أسناني لانشغال يدي وكتفي بحمل ما لذ وطاب ، خطر لي استئجار أحد الحمالين ولكنه كان مطلبا أعز من الخل الوفي في مثل هذا الزحام أحرص دائما على الفصال مع شدة كرهي له ولكن امتثالا لأوامر حرمنا المصون التي لا تنسى السؤال عن سعر كل سلعة قبل الفصال وبعده... فإذا أرتج على القول كعادة كل كذوب صاحت بحكمتها المفضلة (أطبعك والطبع فيك غالب) وتمسك عن إكمالها لوضوح القصد وتعففا عن ذكر الذيو من بين المتطلبات (فلفل رومي أصفر) لم أجده... هناك أخضر و أحمر فقط مددت يدي إلى الجوال ولكن تذكرت موقعة ملسويس الحربية وما نالني فيها فتوكلت على الله و اشتريت فلفلا ذا لون أحم أوصلت الخضار والفواكه إلى السيارة و أنا أشهق بأنفاسى ويتصبب منى العرق لمحت البقالات على الجانب الأخر من الطريق فعبرت الطريق متقافزا بين السيارات كراقص باليه محترف أعانى مشكلة عويصة فى هذه البقالات.. أقف وسط الزبائن أمام ثلاجة الأجبان والمخللات فيتجاهلنى البائعون تماما ملبين طلبات كل من حولي ... وكثيرا ما وقفت أمام المرآة في حمامي أحملق في صورتي لعلى أكتشف السبب... ولكن عجزت تماما الصبر يا رب... أخذت أبتسم للبائع ابتسامات عريضة عل بياض أسناني يلفت نظره أخيرا تلطف البائع بإجابة طلباتي ولكن جبن فلمنك شركة رحماني اختفى من السوق.. لا يوجد سوى جبن فلمنك شنخوانى لا بأس كله فلمنك... أخذت شنخوانى دفعت الحساب ووضعت الأغراض على المقعد الخلفي والباقي على المقعد الأمامي وانحشرت بين الأغراض لأقود السيارة إلى البيت وصلت أخيرا وقضيت حوالي الساعة في رحلات مكوكية بين منزلنا العامر في الطابق الثالث والسيارة لنقل كل الأغراض دخلت بالدفعة الأخيرة من الأغراض وأنا أكاد أحبو على أربع وجدت زوجتي واقفة في المطبخ وسط الأغراض ويديها في وسطها كقائد ملهم يستعرض قواته... السلام عليكم... هل اشتريت كل ما طلبت... نعم الحمد لله... هات الورقة التي بها الطلبات ألقت عليها نظرة سريعة ومدت يدها إلى أحد الأكياس الحقيقة أن الله قد من على بزوجة ذات موهبة رائعة - تفوق موهبة سحرة برامج المنوعات التلفزيونية - فمن بين الثمانين كيسا وصندوقا سحبت أول كيس فكان كيس الفلفل الأحمر ثم سحبت الكيس التالي فكان طبعا كيس الجبن الشنخواني نظرت إلى بدهشة واستنكار فهوى قلبي إلى قرار سحيق... يتبع
عزيزة محمد الأفغانية
هذا الموضوع مقتبس من مدونة «شبايك» الإلكترونية:
لا أستطيع أن ألوم من يقرأ قصص النجاح التي أرويها في المدونة، ثم يرى أن هذه النجاحات لم تكن لتتحقق لولا حدوثها في الغرب، حيث المناخ العام يساعد على هذا النجاح، بل إني أحيانا أبدأ الاعتقاد بذلك، لولا قصة مثل تلك التي حكاها جاي كاوزاكي في مدونته، حين قابل عزيزة محمد، الأفغانية ذات 48 عاما من الكفاح المتواصل، حين سافرت إلى الولايات المتحدة لتلقي دروس في بدء النشاط التجاري.
عزيزة محمد من مواليد مزار الشريف في أفغانستان. في العام 1959 كان قدومها إلى هذه الدنيا، لوالد عمل رجل أعمال رائجة تجارته، وبعد إنهائها دراستها الثانوية، سافرت إلى مدينة كييف الأوكرانية، وحصلت على شهادتها في العلوم الاجتماعية. بعد عودتها إلى العاصمة (كابول)، عملت أستاذة في معهد كابول للتربية. في العام 1997، قررت عزيزة بدء نشاطها التجاري، عبر إلقاء الدروس في بيتها على الأطفال، وكان ذلك أمرا معتادا وقتها، إذ حرمت وجرمت حركة «طالبان» تعليم الإناث على إطلاقه، وفي البداية حصرت عزيزة علومها على تعليم البنات، وهي درّست لأكثر من 385 فتاة في بيتها، يدرسن من الصف الأول حتى التاسع (الإعدادي). في ظل حكم عسكري مثل حركة «طالبان»، كانت عزيزة تواجه الأمرين كل يوم، ولكن «طالبان» لم تترك متنفسا لتعليم البنات، إذ قررت الحركة في يونيو/ حزيران العام 1998 منع تعليم البنات نهائيا في جميع البلاد، وبذلك تم إغلاق مدرسة عزيزة، التي باتت تبحث عن مكان آمن لأسرتها.
مثل غيرها من الأفغان، اضطرت عزيزة إلى هجران كابول إلى هاريبور في باكستان، أملا في ملاذ آمن من تهديدات المتشددين بقتلها، وهناك تلقاها معهد أميركي لتعليم الأطفال، عملت فيه مدرسة لثلاث سنوات، ثم عادت إلى بلدها بعد سيطرة الحكومة الانتقالية (الموالية للمحتل الأميركي) وبدأت مشروعها غير الهادف إلى الربح، إذ دربت أكثر من ألفي أفغاني وأفغانية على أعمال الخبز والخياطة ودبغ الجلود والنجارة والكهرباء والحدادة والسباكة والحاسب الآلي واللغة الإنجليزية، وأكثر ما يهمنا أنها دربتهم على صنع كرات رياضة كرة القدم.
وظفت عزيزة أكثر من 200 أرملة أفغانية فقدن عوائلهن، فأصبحن المعيلات الوحيدات لأفراد أسرهن، واللواتي لم تكن لهن أية فرصة في كسب العيش بشكل شريف. استأجرت عزيزة لإتقان عملهن بعض الخبراء في مجال دبغ الجلود لتعليم هؤلاء النسوة فنون التعامل مع الجلود، ولكن هؤلاء الخبراء لم يكونوا من دون مقابل، ومشروعها كان لا يهدف إلى الربح؛ لذلك قررت عزيزة في العام 2003 تسجيل مشروعها للمنتجات الجلدية شركة تجارية. كان هدف عزيزة - حسبما تروي هي قصتها - الارتقاء بمستوى معيشة النساء في أفغانستان، وتوفير مصدر دخل شريف لهن، وأن تساعد على نمو اقتصاد بلادها؛ ولذلك في العام 2006 أسست عزيزة مؤسستها لمنتجات النساء اليدوية وتصنيع كرات لعبة كرة القدم، والتي تهدف إلى تحسين مهارات النسوة الأفغانيات. كانت عزيزة أول امرأة تشارك وتساهم في صناعة المنتجات الجلدية الأفغانية.
تعمل اليوم مع عزيزة أكثر من 220 أرملة في تصنيع الكرات، و40 امرأة في المنتجات الجلدية، و5 خبراء. تفخر عزيزة بقدرتها على إنتاج أي تصميم لمنتج مصنوع من الجلد، وبأي حجم، وبسعر لا يقارن. لا تقتصر الكرات على القدم، بل تشمل اليد والطائرة، وكذلك الحقائب الجلدية والمحافظ وشنط اليد وغيرها. في أول عام من بدء نشاطها، لم تبع عزيزة أكثر من 5 أو 6 آلاف كرة جلدية، ولكنها باعت في العام 2006 أكثر من 10 آلاف كرة قدم و3 آلاف كرة قدم أطفال وألف كرة طائرة، ولدى عزيزة الآن عقد مع مؤسسة «اليونيسيف» لتصنيع 173 ألف حقيبة مدرسية. رأس مال مشروع عزيزة كان 5 آلاف دولار، بالإضافة إلى قروض من أصدقاء، وآلات قدرت بثلاثة آلاف دولار، حصلت عليها من مشروعها السابق.
أرجو أن تعفوني من أي نقاش عبثي لا طائل منه للدفاع عن حركة «طالبان»، فليس هذا مكانها، أو للتذكير أن كل ما هو أميركي هو الشر بعينه، ومن يفهم كلامي على أنه دفاع عن المحتل الأميركي فعليه أن يعيد قراءة المقال من البداية بتأنٍ، من دون رغبة داخلية في الهجوم لأجل الهجوم. أذكر مرة أني قرأت تعليقا لأميركي مندهش ومصدوم، دخل أفغانستان مع القوات الأميركية، فقال: إن هذه البلاد متأخرة عن ركب الحضارة قرابة مئتي عام، إن لم يكن أكثر. والآن، من يوجز ويلخص أسباب النجاح في مساعدة الظروف المحيطة للناجحين، لا حجة له بعد هذه القصة، ومن يرى أن ظروفه المحيطة به من القسوة بحيث لا يمكن له أن ينجح فعليه مراجعة نفسه، فحججه واهية، وأعذاره مردودة عليه وغير مقبولة. أرى أن مثل هذا المشروع قابل للتنفيذ في ربوع بلادنا العربية، فحرفة العرب الأوائل كانت - ومازالت - رعي الأغنام، ولا حرج أو عيب في ذلك، فهذه كانت حرفة أنبياء الله.
هل من مشمر؟