أبدى تجار ورجال أعمال واقتصاديون معارضتهم الشديدة لاقتراح عضو كتلة المنبر الوطني الإسلامي النائب الشيخ محمد خالد بتغيير الدوام الرسمي الحكومي في شهر رمضان المبارك، ليكون من الساعة التاسعة صباحا حتى الواحدة ظهرا، بدلا من الساعة الثامنة صباحا إلى الثانية ظهرا. ووصف رجل الأعمال فاروق المؤيد الاقتراح بغير المدروس وغير المتزن، والذي من شأنه أن يكبد القطاعين العام والخاص خسائر اقتصادية تقدر بالملايين، وقال المؤيد في تصريح لـ «الوسط»: «إن هذا الاقتراح الذي قدمه الشيخ محمد خالد غير مدروس وغير متزن ولا يمكن تطبيقه، ومن الواضح أن الاقتراحات من هذا النوع لا تفكر في النتائج الاقتصادية السلبية التي سيتحملها الجميع».
وأضاف المؤيد أن «هذا الاقتراح هدفه الأول والوحيد على ما يبدو هو دغدغة مشاعر الناخبين، والمفترض من رجل الدين أن يحث الناس على العمل وليس على الكسل حتى في شهر رمضان الكريم، وكل الأحاديث النبوية تحث على العبادة والعمل وليس على الكسل، وإذا اقترح مثل هذا الدوام لموظفي الحكومة فكيف يطبق القطاع الخاص هذا الدوام».
وأشار المؤيد إلى أن «تطبيق دوام الـ4 ساعات مستحيل، فالأفضل أن نأخذ عطلة شهرين وليقترح النائب الكريم من الحكومة دفع رواتب القطاع الخاص (...) مع الأسف الشديد البحرين لديها أولويات أخرى لتطوير الاقتصاد وتعزيز سمعة المملكة على خريطة التجارة العالمية، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والدولية، ومن الطبيعي أن هذا الاقتراح لا يصب في هذا الاتجاه»، مضيفا: «ندعو الحكومة إلى عدم حتى النظر في الموضوع فضلا عن رفضه، لأنه سيضر بالجميع».
من جانبه، شنّ النائب الأول لرئيس مجلس الشورى ورجل الأعمال جمال فخرو هجوما حادا على الاقتراح الذي رأى أنه سيسب في حال تطبيقه «كارثة» ليس للقطاع العام وإنما القطاع الخاص أيضا بالقول: «إن هذا الاقتراح غير مقبول وغير منطقي ولا يمكن أن يقبل به أي عاقل إطلاقا، ونتمنى ألا يلقي آذانا صاغية من طرف الحكومة».
وأعلن عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب النائب عيسى أبوالفتح أن الاقتراح سيكلف خسارة تبلغ أكثر من 17 مليون ساعة عمل خلال شهر رمضان المبارك في حال تطبيقه على القطاعين العام والخاص، وقال أبوالفتح تعليقا على الاقتراح: «تأكيدا نحن نرفض أي اتجاه لتقليل الإنتاجية التي تنخفض أصلا في شهر رمضان، وهذا الشهر يفترض أن يكون للعبادة والعمل والإنتاجية، وهناك سلبيات غير محسوبة العواقب على اقتصاد البلد إذا طبّق هذا الاقتراح أو أي اقتراح مماثل، لأن كل دقيقة لها ثمنها».
وأوضح أبوالفتح أن الاقتراح سيتسبب في خسارة 680 ألف ساعة عمل يوميا على الأقل، مضيفا: «حتى نتعرف على الآثار السلبية للاقتراح يجب أن نجري عملية حسابية بسيطة، فعدد العاملين في القطاعين الحكومي والخاص يصل إلى 340 ألف موظف، وفي حال تقليص الدوام من 6 إلى 4 ساعات فسنخسر يوميا 680 ألف ساعة عمل، وفي 20 يوما ستصل الخسارة إلى 17 مليون ساعة عمل خلال شهر رمضان».
وتابع أبوالفتح: «في حال تطبيق هذا النظام ستكون له انعكاسات سلبية شديدة على الاقتصاد البحريني، وعلى سمعة الاستثمار في البحرين، وإذا عرفنا أن مؤشر الإنتاجية يقل بنسبة 20 في المئة فستكون الخسارة مضاعفة، وقد توازي 17 مليون ساعة أخرى لتصبح 34 مليون ساعة خسارة (17 x 2)، فضلا عن أن قرار الحكومة بخفض ساعتين من الدوام الاعتيادي إلى دوام شهر رمضان يكلف القطاع العام مليوني ساعة بالنسبة إلى العاملين في الخدمة المدنية».
ولم يختلف رأي زميله عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس الشورى جهاد بوكمال كثيرا إذ قال: «أريد أن أؤكد نقطة جوهرية، وهي أن دين الإسلام هو دين العمل والدليل ما تم تحقيقه من خلال الفتوحات والانتصارات في عهد الدولة الإسلامية لم يكن مبنيا على الكسل والخمول، وخصوصا أن جل فتوحات المسلمين كانت في شهر رمضان، فهل من المنطقي أن نخفض ساعات العمل إلى النصف في الوقت الذي نطالب فيه بتحسين الوضع المعيشي للمواطنين، والسؤال المهم لماذا نعمل 4 ساعات فقط؟».
أما الباحث الاقتصادي حسين المهدي فاعتبر أن أي اقتراح بتقليص دوام القطاع العام أو الخاص يجب أن يدرس قبل أن يتخذ قرار بشأنه، بحيث يتم التعرف إلى تداعيات الاقتراح ولا تتأثر وتيرة العمل وتتعرقل مصالح الناس والجهات ذات العلاقة، وبينت بعض الدراسات الحديثة أن ضياع كل ساعة دوام يكلف مبالغ كبيرة تصل إلى ملايين الدولارات».
وأكد المهدي أن هذا القرار «يؤثر على إنتاجية الجهة والمنشأة والموظف وينعكس ذلك سلبا على أداء وتقديم الخدمات لمستخدميها، وإذا ما أخذنا في الاعتبار عدم الرضا الموجود حاليا عن أداء كثير من قطاعات العمل العام فإن الموافقة على هذا الاقتراح سيضيف عبئا إضافيا كبيرا، ويمكن القول إن ليس له مبرر وجيه».
إلى ذلك، أكد الباحث الاقتصادي عبدالجليل النعيمي أن «هذا الاقتراح غير موفق، وخصوصا عندما نلاحظ أن التاريخ الإسلامي فإنه يخبرنا بأن المسلمين خاضوا حروبا في شهر رمضان وأثبتوا أن صيام هذا الشهر من أجل ليس من أجل النوم وإنما من أجل العمل، ولو افترضنا جدلا أن هذا الاقتراح قد طبّق، وأصبح الدوام 4 ساعات فكيف يستغل الناس الـ20 ساعة المتبقية من اليوم، وهذا الاقتراح ستكون له أضرار اقتصادية كبيرة» على حد قوله.
وكان النائب الشيخ محمد خالد قد اقترح تخفيض ساعات الدوام الحكومي خلال شهر رمضان المبارك، وساق مبررات لمقترحه بقوله: <>إذا تغيّر الدوام بهذا الشكل لن يتذمر الموظفون من وقت الدوام الرمضاني، ولن يطالب أحد بإجازة في الشهر الكريم وخصوصا في الأيام الأخيرة منه، فالمعروف أن الناس يسهرون في هذا الشهر من أجل العبادة أو العمل أو حتى التسوق، ولهذا كان من المفترض أن يتغير الدوام بحسب وضع الشهر وحرمته أيضا، مراعاة للصائمين وأسوة بدول المنطقة التي تجعل لشهر رمضان خصوصية حتى بالنسبة إلى الدوام الرسمي» .
العدد 1839 - الثلثاء 18 سبتمبر 2007م الموافق 06 رمضان 1428هـ