الحية بية تلك العادة الشعبية التي توارثها الخليجيون من أجدادهم واستمرت حتى يومنا هذا في عدد من دول الخليج العربي وتعتبر إحدى فعاليات الاحتفال بعيد الأضحى المبارك حيث يعبر هذا التراث السنوي عن فرحة الصغار والكبار باليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة من كل عام وبحلول عيد الأضحى المبارك وكذلك بعودة حجاج بيت الله الحرام بعد تأدية مناسك الحج.
وهكذا يقضي الأطفال مع أهاليهم يوما اجتماعيّا ممتعا على ساحل البحر يرددون أنشودة / الحية البية / المشهورة حيث يتعلم الأطفال كيفية الاهتمام بحاجاتهم الشخصية والتضحية بأعز ما لديهم من أجل أهاليهم.
ولمعرفة أصل هذا التراث الشعبي وكيفية نشأته في دول الخليج العربي يجب علينا الرجوع الى الماضي... الى الأساطير والخرافات القديمة التي كانت سائدة في الحضارات القديمة... حضارة مصر والهند وغيرها فقد كان سكان تلك الحضارات وفق معتقداتهم السائدة آنذاك يخافون من آلهتهم التي تنزل عليهم العذاب والدمار كالرياح والبرق والخوف والهلع وفكروا في كيفية ارضاء آلهتهم والتقرب لها فيقدمون القرابين والهدايا الى آلهتهم حتى ينالوا رضاءها ومحبتها حتى لاتغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم فاعتادوا أن يقوموا في كل عام جلب أجمل فتاة شابة في القرية ويقومون بتجميلها وتزيينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلي حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها الى البحر او النهر لتذهب مع الامواج الى البعيد وتختفي حتى تصل الى الآلهة وبذلك ينالون رضاها.
وقد وصلت مثل هذه القصص والاساطير والخرافات الى دول الخليج العربي حيث كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة وكانت تتبادل بعض العادات والأطباع من هنا ابتكر أهالي الخليج عادة «الحية بية» التي تشابهت مع تلك الخرافات لكن بالمعقول فاستبدلوا قذف الفتاة في النهر او البحر بالحية (الحشائش الخضراء) ارضاء للبحر وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطئ وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية بين دول مجلس التعاون ويقال إن أصل كلمة الحية بية هى ح الحجي بيجي ج كما هو لدى القطريين والكويتين والإماراتين وتعني أن الحاج سوف يأتي بعد انتهاء موسم الحج ان شاء الله.
وعن كيفية الحصول على الحية بية فهى إما أن يشتريها الاطفال من السوق جاهزة على هيئة سلة من الخوص تسمى «قفه» وهي السلة التي يضع فيها المزارع التمر حتى يأكله ثم يضع الاطفال حب الشعير لينبت كما يقوم الأطفال بصنعها في المنزل وهو ما يحبذونه فيأخذ الأطفال علبة من الحديد وتقطع من الاعلى ويثقب اسفلها بثقوب كثيرة حتى يسمح بخروج الماء عند سقيها وغالبا ما تكون تلك العلبة هى علبة الاناناس الحمراء المعروفة والمتداولة بين الناس حيث يتم ملئها بالتراب ثم يوضع بها بذر الحشيش وتسقى بالماء حتى تنبت وتكبر ويتم ربطها بحبل رفيع حتى يتم تعليقها بسهولة حيث يستيقظ الاطفال صباح كل يوم ليروا نبتتهم وهي تكبر يوما بعد يوم وتأخذ هذه العملية قرابة الاسبوع حتى تنبت البذور وتكبر
العدد 2284 - السبت 06 ديسمبر 2008م الموافق 07 ذي الحجة 1429هـ