وفقا للتقرير السنوي لوزارة الخارجية الأميركية بشأن الإرهاب العالمي، فإن التعاون الدولي المتحسّن سمح بتحقيق مكاسب جديدة ضد الإرهاب في العام 2007، غير أن الأساليب الإرهابية المتغيرة، ودور الدول الراعية للإرهاب مثل إيران وسعي الإرهابيين للحصول على أسلحة دمار شامل يبرز تحديا أمنيا مستمرا.
وتقول تقارير العام 2007 الأميركية عن الإرهاب التي نشرت في 30 ابريل/ نيسان الماضي «إننا بالعمل مع حلفاء وشركاء عبر العالم، أوجدنا بيئة عمل أقل تساهلا تجاه الإرهابيين، وأبقينا قادتهم في حال فرار أو اختباء، واستطعنا الحد من قدرتهم على تخطيط وشن الهجمات».
وفي حين أن حكومات عدة تجابه الإرهاب عبر مزيج من المشاركة الدولية الفاعلة وسياسات محلية مسئولة، فإن جماعات إرهابية وجدت ملاذا آمنا في أطراف غير مستقرة من العالم وتستغل الإنترنت لشن حملة دعائية لاجتذاب مجندين جدد.
التصدي للراديكالية تحدٍ رئيسي
ولكن بينما أدى التعاون الدولي وتبادل محسّن للمعلومات إلى القبض على قادة إرهابيين رئيسيين والقضاء عليهم في العراق، باكستان، إثيوبيا والفلبين، فإن «القاعدة» استغلّ عدم الاستقرار المستمر على امتداد حدود أفغانستان-باكستان واتفاقا لوقف إطلاق النار بوساطة باكستانية لإعادة بناء قدراته وتقوية صلاته العملياتية مع فروع في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا وأوروبا. ويقول التقرير إن الخطوة تعكس تحولا تكتيكيا مستمرا من إرهاب «حملات» إلى إرهاب «عصابات»، وإن الإرهابيين يعتمدون بصورة متزايدة على جهود لجرّ شبيبة متذمرة إلى راديكالية متزايدة ووجهات نظر متطرفة، محولين إياهم إلى متعاطفين، ومؤيدين وفي النهاية، في معظم الحالات، إلى أعضاء في شبكات إرهابية.
ويقول التقرير إن «مكافحة الراديكالية هي أولوية سياسية رئيسية بالنسبة إلى الولايات المتحدة»، مشيرا إلى نموذج السعودية الناجح في إعادة الاعتبار لإرهابيين سابقين وداعيا الدول إلى مواصلة بناء «شبكات موثوقة» من الوكالات الحكومية، ومنظمات متعددة الأطراف، وقادة أعمال ومجتمع يستطيعون العمل معا لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي يستغلها المتطرفون. وقال التقرير إن «الصلة المتنامية بين الإرهاب والجريمة الدولية هي اتجاه آخر جدير بالمراقبة والترصد، إذ تجمع جماعات أموالا عبر نشاطات محظورة مثل المتاجرة بأشخاص ومخدرات واستعمال شبكات إرهابية لتسهيل تحرك الإرهابيين».
وأضاف التقرير قائلا «إن رعاية دول للإرهاب تبقى أيضا تحديا كبيرا آخر، مستشهدا بتدريب وتسليح إيران لمقاتلين في العراق فضلا عن دعمها المشترك مع سورية لحزب الله اللبناني». ومن الدول الأخرى الراعية للإرهاب التي ذكرها التقرير كوبا، وكوريا الشمالية والسودان.
التقرير يبرز اتجاهات الإرهاب
يتضمن التقرير السنوي إلى «الكونغرس» تحليلا من المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، تحدث عن وقوع 14.499 هجوما إرهابيا في مختلف أنحاء العالم العام 2007، ويمثل ذلك انخفاضا طفيفا من 14.570 هجوما إرهابيا العام 2006.
وذكر المركز الوطني لمكافحة الإرهاب أنه في العام 2007 استهدف ما مجموعه 72.006 مدنيين في هجمات في مختلف أنحاء العالم، مع وقوع 22.685 وفاة. وقال المركز إنه في العام 2006، استهدف 75.211 مدنيا في هجمات، ما أدى إلى وقوع 20.872 وفاة.
وقال المركز الوطني إنه كما في العام 2006، بقي العراق المرتع الرئيسي للإرهاب مشكلا 43 في المئة من الهجمات الإرهابية و60 في المئة من الوفيات المتصلة بالإرهاب عبر العالم. وقد انخفض قليلا العدد الإجمالي للهجمات من 6.628 العام 2006 إلى 6.212 العام 2007، لكن بينما اشتدت العمليات الأمنية العراقية والمتحالفة، ارتفع عدد العراقيين المدنيين الذين قتلوا، أو جرحوا أو خطفوا من قبل إرهابيين من 38.863 في العام 2006 إلى 44.000 في العام 2007. ووجد التقرير زيادة قدرها 16 في المئة في الهجمات الإرهابية في أفغانستان، من 969 حادثا في العام 2006 إلى 1.127 في العام 2007. ويقول التقرير إنه، كما في العام 2006، «تحمل المسلمون العبء الرئيسي بكونهم ضحايا هجمات إرهابية في العام 2007»، حيث شكلوا نحو 50 في المئة من مجموع عدد المدنيين الذين قتلوا أو جرحوا على أيدي إرهابيين في العام 2007، وفقا لتحليل المركز الوطني لمكافحة الإرهاب.
ووفقا للتقرير، فإن الأطفال كانوا بصورة متزايدة ضحايا الإرهاب في العام 2007، حيث قتل أو جرح 2.400 في هجمات، وهي زيادة قدرها 25 في المئة عن السنة السابقة. وكما في العام 2005، فإن مسئولين حكوميين، ومعلمين وصحافيين بقوا المهنيين المستهدفين من قبل الإرهابيين.
الإرهاب في انخفاض خارج الشرق الأوسط وإفريقيا
في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، شهدت «إسرائيل»، ولبنان، والجزائر، والمغرب، والسعودية هجمات بارزة في العام 2007. وشهدت إفريقيا أيضا ارتفاعا دراماتيكيا قدره 96 في المئة في هجمات إرهابية، متصلة بصورة رئيسية بعدم الاستقرار المستمر في الصومال.
وانخفضت الهجمات الإرهابية بنسبة 42 في المئة في نصف الكرة الغربي واقتصرت بصورة رئيسية على منظمة الآنديز. وإذ أشاد التقرير بكندا والمكسيك لالتزامهما بمكافحة الإرهاب، أعرب عن قلق مستمر بشأن فنزويلا حيث عزز الرئيس هوغو شافيز روابطه مع كوبا وإيران وسمح لجماعات إرهابية وتجار مخدرات من كولومبيا المجاورة باجتياز الحدود إلى فنزويلا.
وشهدت أوروبا وأوراسيا أيضا انخفاضا متواصلا في الحوادث الإرهابية خلال العام 2007 فلم تقع هجمات كبيرة في المنطقة خلال العام 2007، غير أن السلطات أحبطت عدة مؤامرات، بما فيها محاولة القيام بتفجيرات في المملكة المتحدة، ألمانيا والدنمارك.
وفي شرق آسيا، أبرز التقرير تنسيقا إقليميا متزايدا في مكافحة الإرهاب، حيث تقوم أستراليا، الصين، إندونيسيا، اليابان والفلبين بأدوار رئيسية في مجابهة تهديدات من جماعات أمثال الجمعية الإسلامية وجماعة أبوسياف.
العدد 2068 - الأحد 04 مايو 2008م الموافق 27 ربيع الثاني 1429هـ