العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ

بشمي: القانون خلق أزمة مستمرة... ويحمل نذور فشله

في ندوة العمل الديمقراطي عن الحريات الصحافية

أم الحصم - سلمان عبدالحسين 

12 يونيو 2003

لم تكن ندوة جمعية العمل عن الحريات الصحافية، مساء أمس الأول إلا استرجاعا لخطوات تم تجاوزها بشأن لجنة صياغة قانون الصحافة وما أنجزته، والتحليق عاليا في المبادئ المثلى لقانون حرية الصحافة والنشر، فيما غابت تداعيات التصريح الأخير لوزير الإعلام نبيل الحمر عن التفاعل الجدي سواء بالسلب أو الإيجاب تجاهها، بعد أن سعى مقدم الندوة رضي الموسوي إلى حفز المنتدى والحضور باتجاه بلورة رؤية محددة تجاه التصريحات، إذ أشار إلى تضارب تصريحات المسئولين وكثافتها في الوقت نفسه بشأن الحرية الصحافية خلال الأسبوعين الماضيين، وانعكاس ذلك على هامش الحرية النسبي.

بدأ الحديث عضو مجلس الشورى إبراهيم بشمي، فاسترجع أيام لجنة صياغة قانون الصحافة بلجنة تفعيل الميثاق، والمبادئ التي وضعتها للقانون، ثم اختفت بقدرة قادر، فأكد أن القانون المقترح من قبل اللجنة ينص على حرية الصحافة، وحرية المواطن في الحصول على المعلومات من الصحف التي يريدها، وحماية سرية مصدر الصحافي، واعتماد على مبدأ الإباحة، والمنع هو الاستثناء، مؤكدا أن اللجنة عقدت 26 اجتماعا لصوغ هذا القانون، إلا أنه (القانون) أصبح بعيدا عن هذه الروح.

وأضاف: أصبحنا، أعضاء اللجنة، نحمل المسئولية الشخصية تجاه ما حصل، إلا أن أعضاء اللجنة لم تعد لهم صفة رسمية بعد حل لجنة تفعيل ميثاق العمل الوطني، وأصبحنا نجتمع بصفتنا مثقفين وصحافيين، ونتحمل مسئوليتنا تجاه هذا القانون من هذا الجانب فقط.

وعن اللجنة السداسية التي شكلت من رؤساء تحرير الصحف الثلاث وثلاثة صحافيين بعد رفض الصحافيين لقانون 47، أكد بشمي أن اللجنة وضعت 54 ملاحظة على قانون 47، واجتمعت مع وزير الإعلام لاطلاعه على ملاحظات اللجنة، فأحيلت على الشئون القانونية بمجلس الوزراء لتدارسها، على أمل عقد اجتماع نهائي لوضع الأطر الصحيحة للقانون، ولا أدرى ما حدث كما قال، فاللجنة التي شكلت لم يتم استدعاؤها.

ووصف بشمي قانون 47 الذي صدر بعيدا عن إرادة الصحافيين، بأنه خلق أزمة مستمرة، وأنه يحمل في طياته بذور فشله، إذ لا يمكن للصحافيين أن يتقبلوه، مسجلا في الوقت نفسه اعتراضات أربع عليه، فلا عقوبة للصحافي بالسجن، لأن جرائم الرأي والفكر جنح وليس جنايات، وهذا يتناسب مع روح الإصلاح في هذه المرحلة، ولا وجود لرقابة مسبقة على الصحافة، وإنما الرقابة بعد نشر الخبر، ولا حاجة إلى العبارات المطاطة التي تعطي الكثير من التأويلات، إضافة إلى ضرورة وجود محكمة خاصة بقانون الصحافة، لا يرتبط الصحافي من خلالها بقانون العقوبات، أو القانون المطبوعات الحالي الذي هو جسر لقانون العقوبات كما قال، بحيث تصل فيه بعض العقوبات إلى السجن المؤبد.

أسئلة لم نجد لها إجابة...!

وتساءل بشمي: هل قانون 47 بديلا عن القانون القديم؟ وهل سنكتفي بالتعديلات على هذا القانون؟ أسئلة لم نجد لها إجابة إلى الآن كما قال، مؤكدا أن مجلس النواب يسعى إلى تقديم مقترح بقانون للصحافة يحمل طموحات ورؤى الصحافيين، بحيث يكون قانونا شاملا للإعلام المرئي والمسموع والمقروء، ويغطي وجود محطات فضائية وصحافة عربية داخل البحرين، إضافة إلى تنظيم النشر الإلكتروني، مشددا على ضرورة وجود هذه الآليات التقنية جميعها في القانون المقترح للصحافة والنشر.

وادعى بشمي أن حدود الحرية الصحافية مرهون بتقدير رؤساء التحرير للأخبار التي ترد عليهم، وكيفية نشرها، فبعضهم كما قال يحذف الخبر وبعضهم ينشره، فهذا خاضع لمزاج رئيس التحرير، ولا علاقة له بقانون المطبوعات، إلا أنه عاد وأكد أن اللجوء إلى القضاء أفضل للصحافي من أن يتلقى أوامر عن طريق الهاتف بنشر هذا الخبر أو منع ذلك الخبر، معتبرا أن لجوء الصحافي إلى القضاء شرف له وليس إهانة، فالقانون قد أرسى مؤسسة ويجب على الصحافي أن يلتجأ إليها».

وأضاف: «إذا قامت كل مؤسسة بدورها كما ينبغي، فهذا يخلق لنا في النهاية توازن هذه المؤسسات، حتى لا تطغى مؤسسة على مؤسسة أخرى، ويجب على الصحافة أن تلعب دور المراقب على كل هذه المؤسسات بما فيها السلطة التنفيذية والتشريعية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى».

ونعت بشمي الجيل الجديد القادم إلى الصحافة بأنه جيل قادم من جانب الوظيفة فحسب، ولا يحمل رؤية سياسية أو ايديولوجية في توجيهه للخبر الصحافي، ما يجعل الخبر الصحافي خبرا ضعيفا ويوجد خللا في الخبر والتغطية على حد قوله، بعكس الجيل القديم الذي يحمل من الثقافة والإيديولوجا ما يستطيع من خلاله توجيه الخبر التوجيه الصحيح.

العصا توضع أمام العجلة

وفي أجواء الحوار، داخلت الصحافية عصمت الموسوي، فأعلنت سأمها من الحديث عن قانون الصحافة، وقانون الأحوال الشخصية، وغيرها من حزمة القوانين التي تصدر هنا وهناك، إذ قالت: كتبت عن قانون الأحوال الشخصية منذ بدايتي كصحافية، وأجد نفسي محتاجة إلى الكتابة عنه بعد عشرين سنة.

وواصلت الموسوي تذمرها، فقالت: جاءت المحافظات قبل المجالس البلدية، وجاء الدستور قبل البرلمان، ومثل ذلك حزمة القوانين، ما يعني أن العصا توضع أمام العجلة دائما، وعن قانون الصحافة، فقد أقيمت الندوات الكثيرة، وتم الضغط باتجاه تعديل القانون، فأوحت الحكومة بوجود مبادرات، إلا أننا لم نستشعر وجودها، فقانون أمن الدولة تسلل إلى هذا (قانون الصحافة)، ورسم معالمه.

وتساءلت الموسوي: كيف نتحرك عندما يتم استدعاء رؤساء التحرير أو الصحافيين؟ وأجابت: لولا لقمة العيش، لتوقف الكثيرون من الصحافيين عن الكتابة.

وفي الإطار نفسه، داخل المحامي علي سالم العريض، وقال: لا أسمي قانون الصحافة الحالي قانونا بل لائحة إدارية، إذ أشار إلى أن غالبية القوانين التي صدرت منذ الميثاق حتى بدء انعقاد البرلمان الحالي لا تشكل تشريعات ضرورية، يسمح بإصدارها الدستور، ومن هذه التشريعات غير الضرورية قانون المطبوعات كما قال، داعيا إلى النظر في القانون المدني والاحتكام إليه قبل النظر والاحتكام إلى قانون المطبوعات.

قانون شبه مثالي!

وعن اللجنة التي انبثقت من لجنة تفعيل الميثاق، أكد العريض أن هذه اللجنة صاغت قانونا شبه مثالي، ويحتوي على قدر كبير من الإنسانية في تعاطيه مع الصحافيين، إلا أن هذا القانون اختفى بقدرة قادر، مشددا على أن المسئولية تقع على اللجنة في تحريك هذا الملف، باعتبارها تحمل الصفة المعنوية منذ تشكيلها، وبإمكانها أن تمارس دورا ضاغطا أكثر من الدور الحالي على الحكومة. ورد عليه بشمي بالقول: إن اللجنة قامت بدورها، من خلال مسارعتها في إبداء تحفظاتها على قانون المطبوعات والصحافة الحالي الذي تمثل بعض بنوده قانون أمن الدولة، إلا انه شدد على ضرورة الأخذ بالجوانب الإيجابية في القانون وترسيخها، مثل عدم إيقاف الصحيفة إلا بأمر من القضاء.

ظاهرة صوتية

أما سميرة رجب، فأشارت إلى المقابلة الصحافية التي أجرتها شخصيا مع رئيس جمعية العمل الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي، وانتقد فيه البرلمان. وتطرقت رجب إلى تأثيرات القوى الخارجية على بلورة رؤى الإصلاح في المنطقة، متسائلة: هل سننتظر بلورة هذه السياسات في الخارج لتأتينا جاهزة؟ وكيف سيتسلم المجتمع هذه المبادرات الخارجية؟أما رئيس جمعية العمل الديمقراطي عبدالرحمن النعيمي، فأكد أن الموضوع لا يمس الصحافة فحسب، بل جميع قوى وأطياف المجتمع، فنحن حددنا هدفنا في المملكة الدستورية على غرار الديمقراطيات العريقة، فماذا عملنا لتحقيق هذا الهدف؟ مؤكدا أن تحقيق هذا الهدف ليس منوطا بالسلطة التنفيذية فقط، بل بالجمعيات السياسية وجميع مؤسسات المجتمع المدني.

وأكد النعيمي أن الجمعيات السياسية لا تخجل أن تصف نفسها بـ «ظاهرة صوتية»، لأن الحكومة لا تريد لنا أن نتحول إلى أحزاب سياسية لها وجود فعلي في المعادلة السياسية.

أما الصحافي عباس بوصفوان، فأكد أن التصريحات الأخيرة تجاوزت القانون غير المرضي عنه أصلا، ما أثار قلقا حقيقيا عند الصحافيين، داعيا مؤسسات المجتمع المدني إلى الوقوف بجانب الصحافة كما وقفت الصحافة بجانبها

العدد 280 - الخميس 12 يونيو 2003م الموافق 11 ربيع الثاني 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً