إن الزيادة الكبيرة في الاعلان عن الأطعمة والمشروبات للأطفال في العقد الماضي قد أحدثت انقساما في آراء الخبراء بشأن إذا ما كانت هذه الاعلانات جزءا أساسيا يساعد على عنف الأطفال أم أنها ضارة بالصحة.
إن أنواعا مثل حبوب سباريدرمان وعرائس باربي الموجودة في محلات ماكدونالدز والحلويات التي تعمل بالبطارية وتدور في الفم تساعد على نشر الوباء العالمي المعروف بالبدانة واضطرابات الأكل والمشكلات العاطفية. كما يقول بحث تم نشره في المجلة الطبية «لانست».
ولكن وحدة الشئون الاجتماعية - وهي فريق عمل يميني مستقل - تحاول ان تثبت أن تعلم كيفية التعامل مع الاعلانات الذي هو جزء من تثقيف الطفل.
إن حماسة صغار السن يجب ألا تتم عن طريق القوانين المتزايدة بشأن الاعلان عن المنتجات مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية وألعاب الكمبيوتر والكحول، بحسب قول فريق العمل. إن الذين يحاولون فرض قوانين جديدة لا يوجد لديهم دليل مدعمّ بالبحث، ويمكن ان تؤدي قوانينهم الجديدة إلى الضرر.
ان الانفاق على التسويق والذي كان يعتبر مقبولا بشكل متزايد في العقد الماضي قد ارتفع ليصل إلى 12 بليون دولار (8 بلايين جنيه استرليني) في الولايات المتحدة في العام 1999 إذ إن الشركات ادركت أنه يمكن تعليم الأطفال التأثير على مشتريات والديهم.
وفي المملكة المتحدة تقول مؤسسة الاعلانات إن المبلغ الكلي الذي تم إنفاقه على الاعلان والذي وصل في العام 2001 إلى 16,5 بليون جنيه تضمن مبلغا متزايدا موجها للأطفال.
وقد حذّر الأطباء في الاجتماع الذي نظمته «ائتلاف التوقف عن الاستغلال التجاري للأطفال» في نيويورك من أنه تم إجبار الأطفال على القيام بأعمال شاقة في مطلع القرن العشرين والاستحواذ على اجسادهم، فإن سماسرة السوق في القرن الحادي والعشرين يحاولون الاستحواذ على عقولهم.
ظهرت العلامات التجارية لبعض الأطعمة والمشروبات على سيارات الأطفال وأصدرت سلسلة مطاعم الوجبات السريعة العاب ورق تعليمية.
اما النوع الجديد من الحلوى فهو عبارة عن قطعة كراميل في عود تم تقليصها بمقبض يعمل بالبطارية وتحمل أسماء مثل «فرقعة أصوات» و«لعقات مثيرة» وتدور هذه القطعة عند مرور لسانك عليها.
إن الاثارة الجنسية لهذه المنتجات والتعرض المستمر لصور تفرط في الاثارة إلى الجنس في وسائل الاعلام تساهم في خلق انطباعات جسدية معينة ومشكلات أخرى عاطفية.
وفي المقالة الافتتاحية تقول مجلة «لانست» إن الجهود التي تقوم بها الشركات لايجاد مستهلكين دائمين قد تؤدي إلى ايجاد جيل يتجه نحو مشكلات جسدية ونفسية. وتقول المجلة ان الزيادة المرتفعة في نسبة البدانة وأمراض السكري عند الأطفال هي ازمة صحية عموما يمكن ربطها ظاهريا بالبيئة السامة الناجمة عن صناعة الاغذية. وتوصي المجلة بحلول جذرية بما في ذلك فرض ضرائب على المرطبات والوجبات السريعة ودعم حكومي مالي للأطعمة المغذية، وذِكر مكونات الوجبات السريعة ومنع التسويق والاعلام عن هذه الأغذية للأطفال.
وتقول الصحيفة إن اقتراحا بفرض حظر على الاعلانات مشابه للحظر على التبغ قد تم تقديمه إلى الاتحاد الأوروبي وهناك الآن اتجاه للمقاضاة سيتم اتباعه بعد عملية نجاح المقاضاة المتعلقة بالتبغ. ولكن استاذ علم النفس بجامعة لندن ايدريان فيرنهام يذكر في الكتيّب الذي اصدره لصالح وحدة الشئون الاجتماعية بعنوان «النمو مع الاعلان» ان هناك عوامل كثيرة تؤثر في الصغار غير الاعلانات من أهمها الوالدان والنظراء.
ومنذ خمسين عاما تقريبا ظهرت قصة خرافية عن قوة وتأثير الاعلانات. انها نظرية سرية غير مدعومة بالبيانات الصحيحة. ان المصنعين ينفقون مبالغ طائلة لزيادة حصتهم الكلية في السوق بنسب ضئيلة، كما يقول فيرنهام. وتقول مديرة وحدة إعلانات الأغذية بمؤسسة العلان سارة سولتاني، إن الانتقادات التي توجه إلى دور المعلنين في انتشار مرض البدانة هي انتقادات ساذجة وانفعالية.
وعلى رغم الزيادة في الاعلام فإن الناس يأكلون كميات أقل من السكر والدهون والسعرات الحرارية. إن زيادة معدل الوزن يرجع إلى نمط الحياة الذي يتم بالجلوس لفترات طويلة، كما تقول سولتاني. إن مشاهدة الاعلانات لا يجعلك تصاب بالبدانة.
(خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط»
العدد 439 - الثلثاء 18 نوفمبر 2003م الموافق 23 رمضان 1424هـ