العدد 455 - الخميس 04 ديسمبر 2003م الموافق 09 شوال 1424هـ

المواقع الأثرية والتاريخية في طولكرم ضحيّة «الجدار» العنصري

لم تقتصر المآسي والمخاطر - التي تترتب على إقامة الجدار العنصري على أراضي المواطنين الفلسطينيين المحتلة في الضفة الغربية - على التأثير السلبي المباشر على المدى القريب والبعيد على حياة المواطنين الذين استولى الاحتلال على ما يزيد من 150 ألف دونم من أراضيهم، ولكن سيؤثر ذلك أيضا على تراثهم الحضاري وذاكرتهم المنحوتة على تلك الأرض.

وقد تأثرت الكثير من المواقع التاريخية والتراثية المهمة في الضفة بشكل كبير واقتطع الجدار العنصري الكثير منها بشكل مقصود ويستهدف تاريخ شعب بأكمله، ومنها المواقع التاريخية التي اقتطعها «المشروع» الاستيطاني في محافظة طولكرم. فقد أفادت وزارة السياحة والآثار الفلسطينية أن الجدار استولى على ما يزيد على 40 ألف دونم من الأراضي الزراعية الخصبة التي يعتمد عليها المواطنون في معيشتهم في المحافظة، تضم كذلك مواقع أثرية مهمة وضاربة في عمق التاريخ.

ومن تلك المواقع خربة شمسين، وهي خربة أثرية تقع بين قريتي قفين وباقة الشرقية، وهي قرية رومانية تمتد على مساحة 60 دونما وهي غنية بالمعالم المهمة كالجدران، وأنقاض الأبنية، وكذلك أساسات بناء وخزانات آبار منحوتة للمياه ومقاطع صخرية ومقابر. وكانت هذه الخربة تشهد أحيانا حركة سياحية نشطة، لكن الجدار التهمها إذ وقعت غرب الجدار.

وخربة أم قصير، وهي خربة رومانية تقع بين قريتي قفين والنزلة الشرقية، وقد تأثرت بإقامة الجدار العنصري وتم اقتطاع جزء منها وتضم أساسات آبار ومغاور وجدران ومقابر وغيرها، وتمتد معالمها على مساحة 10 دونمات.

والتهم الجدار موقعا أثريا يسمى خربة رحال، وهي خربة أثرية رومانية تقع غرب قرية دير الغصون، مر الجدار من منتصفها فالتهمها جميعها. وتمتد هذه الخربة على مساحة تصل إلى 8 دونمات، وكانت توجد في ذلك الموقع بعثة إسرائيلية خاصة أثناء أعمال الحفر لصالح «الجدار» العنصري مما يعني النية المبيتة لسرقة الآثار الفلسطينية.

ومن المواقع الهامة التي استولى عليها الاحتلال وضمها للجدار، تل شويكة أو تل الراس وقد شهد عددا من الحقب المتعاقبة، ما يعني أنه خصب وغني بالآثار ويعتبر من المواقع المهمة في فلسطين، إذ يعود نشوء الحضارة فيه إلى العصر البرونزي المتأخر والفترة الحديدية والرومانية والبيزنطية، حسب الاستقراءات الفخارية. وكان هذا التل ممرا للقوافل التجارية والعسكرية من شمال فلسطين لجنوبها، ويعتقد أن هذا التل شهد معركة «قادش» التاريخية التي حارب فيها الجيش المصري ممالك الكنعانيين. ويقع التل بمحاذاة الجدار الفاصل، وقد تأثر بعدد من الحفريات التي نفذتها طواقم الآثار الإسرائيلية أثناء شق الجدار، ما يشير إلى سرقة الآثار الموجودة فيه.

ومن المواقع المسلوبة أيضا خربة زهران، وتقع بين قريتي سفارين وكفر اللبد، شرق طولكرم. وتضم كنيسة قديمة وجدران فسيفساء، كما تضم أساسات ومباني وغيرها من المعالم الأثرية المهمة، وهي قريبة مما تسمى «مستوطنة عناب» الأمر الذي يهدد بإزالتها إلى الأبد أو إلحاقها بالمسروقات الإسرائيلية.

الحال في طولكرم لا يختلف كثيرا عن حال المدن الفلسطينية الأخرى التي قطّع الجدار أوصالها والتهم منها مساحات واسعة ويواصل زحفه لمسح وتغييب وهدم كل الأسس التاريخية والحضارية الدالة على وجود الشعب الفلسطيني على أرضه وفرض واقع جديد في المنطقة

العدد 455 - الخميس 04 ديسمبر 2003م الموافق 09 شوال 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً