تقدم إبراهيم الجعفري على أقرانه من أعضاء مجلس الحكم في استطلاع شعبية الرمز السياسي للعراق الجديد، فقد أخذت استطلاعات الرأي تقرع أجراس الطريق للسياسيين في معرفة موقف العراقيين الحقيقي، ويؤكد منقذ محمد داغر هذه المقولة عند استعراضه لنتائج الاستطلاع الأخير الذي قام به المعهد المستقل لدراسات الإدارة والمجتمع المدني، ويقول، يبدو واضحا «أن للعراقيين موقفا سلبيا عموما» من الأحزاب السياسية كما لم تظهر لديهم تفضيلات معينة لاتجاه فكري أو حزبي معين بقدر تفضيلهم لكل ما من شأنه زيادة وتحسين الخدمات العامة المقدمة إليهم.
فقد أجرى هذا المعهد استطلاعا «للرأي العام خلال النصف الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2003 شمل ست مدن عراقية (بغداد والموصل والبصرة والرمادي والحلة والديوانية)، وذلك لمعرفة رؤية العراقيين بشأن المواضيع السياسية والأمنية والاجتماعية التي تواجه العراق حاليا».
وكما تشير نتائج الاستطلاع في المدن الست فإن العراقيين لا يميلون إلى الأحزاب المتطرفة في رؤيتها للدين ولا يؤيدون الأحزاب ذات التوجهات الطائفية إنما يؤيدون الحزب الذي يستند إلى الدين والاعتدال ولا يستخدم العنف ويزداد مثل هذا التأييد للحزب الذي يتبنى برامج تخدم العراق بشكل أفضل ويسعى إلى تقديم الخدمات.
على رغم وجود شك لدى غالبية العراقيين من إمكان تشكيل حكومة عراقية ذات سيادة في الوقت الحاضر فإن نتائج الاستطلاع تشير إلى التأييد الواضح للاتفاق الذي تم بين مجلس الحكم وسلطة التحالف المؤقتة بشأن مسألة نقل السلطة إلى العراقيين تدريجيا.
ويرى داغر، من الواضح أن معظم العراقيين قد سمعوا بالاتفاق لكن مع ذلك يوجد 23 في المئة من لم يسمعوا به. وقد كانت قناة التلفزيون «العراقية» هي المصدر الأساسي للمعلومات هذه تليها الفضائيات العربية.
وهناك تأييد نسبي واضح للاتفاق إذ ان 52 في المئة يؤمنون بأن الاتفاق سيطبق مقابل 35 في المئة لا يؤمنون بتحققه.
وعند السؤال عن مدى التأييد لتفاصيل اتفاق نقل السلطة ظهر هناك تأييد نسبي عالٍ لكل خطوة من خطوات الاتفاق، فقد ايد 83 في المئة قانون إدارة الدولة الانتقالي وعارضه 7 في المئة، في حين عارض موضوع الانتخابات للقيادات المحلية 16 في المئة وايده73 في المئة، كذلك عارض 7 في المئة مسألة انتخابات الجمعية الدستورية مقابل 82 في المئة مؤيدين لها، وعارض 5,5 في المئة من المستطلعة آرائهم انتخابات حكومة دائمة، في حين وافق عليها 85 في المئة.
صفات القائد
واخرج الاستطلاع رأي العراقيين فيما لو أتيح لهم انتخاب شخص معين ليكون رئيسا للعراق لم تشر النتائج إلى اتفاق بشأن شخصية معينة تحظى بالتأييد والقبول عندهم حاليا إذ لم تحصل افضل الخيارات سوى على اقل من 18 في المئة.
أما بشأن الصفات المهمة التي يريدها العراقيون في شخصية القائد المستقبلي فإنهم يريدونه متعلما بتعليم عال بنسبة 95,7 في المئة، هناك 91,2 في المئة يريدونه رجلا، وفضل 95,7 في المئة منهم ان يكون من نفس الديانة ويقوم بتادية فرائضه الدينية، واعتبر 78,5 في المئة منهم اهمية ان يكون الرئيس العراقي المقبل قد عاش في العراق طوال حياته، وأراده 70 في المئة من المستطلعة آرائهم بأن يكون واحدا من عامة الناس.
ويرى داغر ان هذه الارقام يمكن قراءتها في ان العراقيين، يريدون قائدا ملتزما بالدين الذي يدينون به ويؤدي فرائضه الدينية، عاش في العراق طوال حياته وتحمل همومهم وشاركهم مختلف الظروف وليس بعيدا عنهم، ان يكون متعلما وعلى درجة عالية من التعلم، واحدا من عامة الناس وليس من عوائل لها صفات وخصائص متفردة.
أعضاء مجلس الحكم
تفاوتت آراء العراقيين بين التأييد بشدة والتأييد إلى حد ما لأعضاء مجلس الحكم. وتنحصر نسبة تأييد بين 54,8 في المئة و36 في المئة تقريبا من مجموع آراء العينة لستة من أعضاء مجلس الحكم فقط في حين لم يحصل بقية أعضاء المجلس إلا على نسب ضئيلة لم تتجاوز في احسن الأحوال الـ 25 في المئة لبقية الأعضاء، فقد حصل ابراهيم الجعفري على 54,8 في المئة، بينما حصل عبدالعزيز الحكيم على 48,4 في المئة، و39,6 في المئة لمحمد بحر العلوم، مقابل 35,9 في المئة لعدنان الباجه جي و 30,8 في المئة لجلال الطالباني.
الموقف من الأحزاب السياسية
ويستنتج مدير المعهد المستقل من الارقام المستخلصة، أن العراقيين ليست لديهم اتجاهات إيجابية نحو الأحزاب السياسية عموما. إذ ان 2,4 في المئة فقط ممن استطلعت آراؤهم هم أعضاء في حزب سياسي وأن 17 في المئة فقط منهم يميلون إلى تأييد أو دعم أي حزب سياسي موجود مما يدلل على ضعف القاعدة الجماهيرية للأحزاب الموجودة حاليا.
وانعكس هذا الموقف من الأحزاب السياسية في مدى ثقة العراقيين بقدرة الأحزاب السياسية على حل مشكلات العراق إذ ان 38 في المئة فقط ممن استطلعت آراؤهم لديهم ثقة بقدرة تلك الأحزاب على حل المشكلات وأن معظم هؤلاء ثقتهم نسبية وليست تامة بهذه القدرة.
ويقول منقذ داغر، يبدو أن المرحلة السياسية التي مر بها العراق سابقا وما تشهده الحالة السياسية العراقية الراهنة من حوادث أسهمت معا في خلق هذا الاتجاه السلبي نحو الأحزاب السياسية، فعندما حاولنا استطلاع الرأي بخصوص الطبيعة الفكرية للحزب الذي يمكن أن يؤيده العراقيون جاءت معظم الخيارات سلبية جدا أو سلبية، فقد ايد 33,6 في المئة الطبيعة الفكرية القومية العربية للاحزاب، وعارضها 66,4 في المئة، وحصل الفكر الشيوعي على 1,1 في المئة من التأييد مقابل رفض 98,9 في المئة، ونسبيا كانت النتيجة ذاتها مع الفكر الاشتراكي الذي ايده 7,5 في المئة فقط ورفضه 92,5 في المئة، وحصل التيار الوطني العراقي على 40,2 في المئة من التأييد مقابل رفض 59,8 في المئة، في الوقت الذي حصل التيار الاسلامي الاصولي على نسبة قبول وصلت الى 1,18 في المئة مقابل عدم تأييد قدرها 81,9 في المئة، وحصلت الاحزاب الكردية على 2,4 في المئة من مجموع الذين استطلعت آراؤهم وعدم تأييد وصل الى 97,6 في المئة، وحصلت الاحزاب الاسلامية السنية على 10 في المئة من اصوات المستطلعة آراؤهم، مقابل 90 في المئة من عدم التاييد، وجاءت نسبة تأييد الاحزاب الأسلامية الشيعية مقاربة نوعا ما إذ حصلت نسبة تأييد 20 في المئة مقابل 80 في المئة من عدم التاييد، وظهرت الحصة الافضل للاحزاب الاسلامية المعتدلة بنسبة تأييد وصلت الى 48 في المئة ورفض 52 في المئة، واعتبرت الحصة الاضعف من نصيب الاحزاب القائمة على طبيعة فكرية قبلية بنسبة 1 في المئة فقط مقابل 99 في المئة من عدم التأييد، كذلك حصل التيار الديمقراطي على 36 في المئة من الاصوات مقابل 64 في المئة من عدم التأييد.
ويضيف داغر: وعندما حاولنا استطلاع الرأي بخصوص المواضيع التي يمكن أن يتبناها الحزب ليزيد من شعبيته كان واضحا أن الاهتمام بحل المشكلات اليومية للمواطن العراقي وخصوصا الأمن والخدمات وتجنب الممارسات السياسية الخاطئة للمرحلة السابقة هي فقط ما يجعل الناس يزيدون من تأييدهم للحزب، حصل الحزب الذي يتخلى عن المليشيا على 56 في المئة من التأييد، والحزب الذي يطالب بدستور يحدد ولاية الرئيس على 82 في المئة، اما الحزب الذي يتعهد بعدم استخدام العنف فحصل على 84 في المئة من التأييد، و87 في المئة للحزب الذي يطبق الشريعة الاسلامية، وحصل الحزب الذي لا يستند الى الدين على 9 في المئة فقط، 75 في المئة للحزب الذي يضمن ممارسة الشعائر ويفصل بين الدين والسياسة، و42 في المئة للحزب الذي لا يطلق على نفسه صفة حزب بل حركة او اتحاد والتأييد للحزب زاد بوضوح عندما يقوم بتوفير خدمات في المنطقة إذ وصل التأييد هنا الى 90 في المئة.
ومن النتائج المهمة التي دل عليها الاستطلاع أن العراقيين عموما لا يبنون خياراتهم السياسية على أساس عرقي أو طائفي. إذ لم يحظ خيار أن يكون الحزب «من نفس طائفتي» سوى على تأييد 18 في المئة من العراقيين، كما أن 62 في المئة ممن استطلعت آراؤهم أكدوا انهم سوف لن ينتخبوا الحزب على أساس عرقي أو طائفي بل لأنه يخدم العراق عموما
العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ