تم الكشف عن الحجم الحقيقي للدمار الذي حل بإفريقيا من جراء مرض الإيدز في التقرير السنوي الصادر عن منظمة الصحة العالمية أخيرا. إذ انخفض العمر الافتراضي المتوقع في بعض الدول الإفريقية بحوالي 20 سنة في العقد الأخير. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى أزمة فيروس نقص المناعة المكتسبة (الأيدز).
وقد ازدادت معدلات الوفيات للأطفال والكبار في أكثر من اثنتي عشرة دولة جنوب الصحراء الكبرى في السنوات العشر الأخيرة، في وقت مازال متوسط العمر المتوقع في الدول المتقدمة يتحسن باستمرار.
واستخدم تقرير منظمة الصحة العالمية مقارنة بسيطة لإبراز هذه القضية، ففي الوقت الذي يتوقع للأنثى التي ولدت في بريطانيا أن تعيش حوالي 80,6 سنة، يتوقع ألاّ يتجاوز عمر الأنثى المولودة في سيراليون السادسة والثلاثين، أي أقل حتى من نصف العمر.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يونغ ووك لي «هذه الفجوات في الصحة العالمية غير مقبولة. إن عالما تحكمه مثل هذه المظالم لاشك انه في معضلة خطيرة».
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية هناك أربع عشرة دولة في إفريقيا تشهد الآن معدلات وفيات أعلى مما كانت عليه في العام 1990، إذ بلغ متوسط العمر الافتراضي في زامبيا، زيمبابوي وأنجولا الآن أقل من 40 سنة، وهو ما وصفته المنظمة بـ «قلق حقيقي يتعلق بالصحة العامة». وأضافت «هنا في إفريقيا، تعيش عدة ملايين من البشر تحت خط الفاقة، بل ان القارة بكاملها تقريبا تم إهمالها كثيرا».
وانخفض مستوى العمر المتوقع في بتسوانا، ليسوتو، سوازيلاند وزيمبابوي بنحو 20 سنة، وهي دول أظهر ثلث السكان فيها اختبارا إيجابيا لفيروس الإيدز الآن. يذكر ان روسيا أيضا شهدت أيضا انخفاضا في العمر المتوقع خلال السنوات العشر الماضية، بسبب تدهور نظامها الصحي وإصابة ملايين الناس بعدوى الأيدز. ويتوقع أن يعيش الذكر المولود في روسيا اليوم 58 سنة فقط.
ويقدّر أن واحدا من كل ثلاثة أشخاص في الدول النامية يموتون الآن قبل عمر 60 عاما، إضافة إلى الحرمان الاقتصادي، بينما يتعرض جيل للموت بسبب الإيدز. ووفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية فإن خمسة في المئة فقط من الناس في الدول النامية يتلقون أدوية فيروسية يمكن أن تنقذ حياتهم من الأيدز.
وفي إفريقيا يموت حوالي 5 آلاف شخص من الكبار، إلى جانب 1000 طفل يوميا نتيجة لفيروس الأيدز، بينما هناك 30 مليون مصاب بالفيروس في القارة السوداء.
ويعتبر الأيدز الآن سببا بارزا للوفاة في الفئة العمرية بين 15 و59 عاما. واحتمال موت المرأة في أفريقيا بسبب الولادة أعلى بنحو 250 مرة مقارنة بالمرأة في بريطانيا.
وأضاف ووك لي «نحتاج إلى وضع قائمة واضحة للأولويات، فهناك مجموعة جديدة من التحديات الكبرى. ستكون السنة الجديدة وما بعدها اختبارا حاسما لمدى التزامنا الأخلاقي الجماعي»
العدد 519 - الجمعة 06 فبراير 2004م الموافق 14 ذي الحجة 1424هـ