هو فنان يحمل شخصية خاصة جدا، يعرف كيف يتوحد مع الدور لتشعر انه هو الشخصية، الفن في منطقه لمس التفاصيل البسيطة.
«أنا لست فنان مانشيتات» هكذا يعلن الفنان السوري عبدالهادي الصباغ في حديثه إلى «الوسط».
وللحديث مذاق ورؤية خصوصا للفن.
هل تحمل هاجسا فنيا؟
- نعم الفنان الحقيقي لابد أن يحمل هاجسه الفني الخاص، وهاجسي أن تصل قضايانا إلى العالم الغربي.
وما العائق في ذلك؟
- المشكلة الحقيقية تكمن في ان كل القائمين على الدراما العربية لم يتوصلوا إلى الدراما التي يمكن أن تصل إلى الغرب، فحين تصل الدراما العربية إلى الغرب، فهذا يعني وصول قضايانا، ونعرف العالم الغربي على ملامحنا الفكرية.
الطموح مسألة، وما يحدث مسألة أخرى فأي حديث عن المهرجانات يصب في أهمية حدوث تفاعل الدراما المحلية بين الفنانين العرب، والحقيقة لا يوجد أي تفاعل أو نقاش بين الفنانين العرب في هذه المهرجانات، فكل جنسية تنفصل على حدة في كل مهرجان، وهذا لا يمكن أن يحقق أي تفاعل.
وأين يكمن الخلل؟
- يكمن الخلل في القائمين على الدراما، وفي عدم مبادرتنا نحن في أن نصبح قائمين بشكل أو بآخر حتى نساهم في تطوير أي شيء، أنا في الوسط الفني منذ 25 سنة، وخلال كل هذه السنوات أتابع كل الفعاليات، لا يوجد سوى كلام نظري يطرح كل سنة بلا جدوى.
والسبب في شخصيتك الفنية الخاصة؟
- داخلي طموح للتعامل مع الدنيا القريبة، فهناك بعد بين الناس وبين العمل التاريخي، فالشعبية المعطرة هي الموجودة في سورية، هي الموجودة في مصر وفلسطين ومختلف البلدان العربية، هذه هي الطبقة التي أحب أن أخاطبها، لا بد أن أقدم شيئا يمس الناس، عندما أتكلم عن الحب يمس الناس بشكل أو بآخر، أنا لست ممثل (مانشيتات)، ولكني ممثل تفاصيل الناس الصغيرة، لدي طموح إلى أن أقدم شيئا عفويا وصادقا يصل إلى الناس.
وأسباب نهضة الدراما السورية؟
- كان التلفزيون في سورية مقتصرا على القطاع العام، والقطاع العام في كل مكان يتيح للواسطة أن تدخل في العمل الفني، كان المسئولون يشترون نصوصا خاصة بأصحابهم مجاملة لهم.
عندما دخل القطاع الخاص في العمل الفني التلفزيوني، ساهم في تجويد العمل الفني، لأن المال أتاح للمنتج أن يختار المخرج والممثل والمؤلف على المستوى الذي يمكن أن ينجح العمل، أصبح هناك تنافس بين الفنانين على الأفضل.
لماذا توجد فجوة بين الناس وبعض الأعمال الدرامية؟
- يحدث هذا عندما يشعر المشاهد ان هذا العمل ينفذ داخل الأستوديو، عندما لا تشم رائحة الغراء في المصانع، عندما لا تصدق العمل الفني تحدث هذه الفجوة، وهذه مشكلة في الدراما المصرية طوال الوقت يشعر المرء بأستوديوهات، ونحن لا نستطيع إغفال أن هناك نسبة من الأعمال الدرامية المصرية تفوقت كثيرا على الأعمال العربية الأخرى، ولكن النسبة الأكبر يشعر معه المشاهد بالفجوة الدرامية.
في أحد الأعمال الدرامية كنت أمثل دور محب تركته حبيبته وتزوجت بآخر، وفي لقائه الأول بها بعد هجرها له كان المفروض أن أعاتبها - وفقا لتعليمات المخرج- على هذا الهجر، ولكني طلبت من المخرج أن أكتفي بالنظر إليها من دون كلمة واحدة، فأحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلام ووافق المخرج على أن نتجاوز الحوار المكتوب، فجاء المشهد قويا.
الفنان السوري هل تدعمه الدولة؟
- الفنان السوري لا يحصل على أي دعم من قبل الدولة، الفنان السوري هو من يعمل بنفسه، الموظفون في التلفزيون يستفيدون من وضعهم ويمثلون في التلفزيون، ولكن بشكل عام الدولة لا تدعم الفنان السوري أبدا.
في المسلسلات السورية التاريخية يعتقد البعض ان الدولة تدعمها بوجود مجموعات كبيرة من العسكر، ولكن هذا لا يحدث، وليس له أي علاقة مع الواقع.
ففي أحد المسلسلات أحضرنا ثلاثة آلاف كومبارس، إذ يستدعي العمل وجود هذه المجموعات.
وما العمل الفني الذي استهواك؟
- نادرا ما أتابع أعمالا درامية، ولكني أحببت كثيرا الزير سالم حتى اعتبرت وقته مقدسا لدرجة انني لا أرد حتى على الهاتف، سحرتني موسيقاه، أرسلت لي الشركة الموسيقى على ( سي.دي)، فقمت بنقلها على كاسيت ووزعته على أصدقائي، أحب كل عمل «متعوب عليه»، ومن الفنانين العرب أحب أحمد زكي، فهو فنان موهوب ومجتهد كثيرا، فهو لا يستسلم لموهبته، ولكنه يعرف ان الاجتهاد يثقل موهبته، يحيى الفخراني هو من أنقذ الدراما المصرية هذا العام، ولكنني أيضا أحب الفنان فاروق الفيشاوي وعزت العلايلي.
هل هناك أزمة نص؟
- نعم وهذه الأزمة موجودة في كل البلدان العربية، وفي محاولة منا لعودة النص القوي قمنا بالضغط على وليد السيف وهو من أهم من يكتب الأعمال باللغة العربية الفصحى، ليعود إلى الساحة الفنية، وعاد بعد أن مكث في بيته حوالي عشرين عاما لا يساهم في أعمال فنية، وعمل سلسلة الأندلس.
لدينا روائي أسمه حسن سامي، جذبناه ليعمل لنا نساء صغيرات وأيامنا الحلوة، أعتقد ان هذا العمل سيصنف ضمن الأعمال المهمة.
وماذا عن حياتك الخاصة؟
- لدي ابنة اسمها شام طالبة في الجامعة، وطارق (16 عام) - فنان يمثل ويعزف موسيقى، متزوج من خارج الوسط الفني، أعشق القراءة، وفي رأيي إن الحاجة إلى المعرفة هي من تساهم في ثقافة المرء، كلما احتجت إلى المعرفة، حاولت الاغتراف من بحر الثقافة، المعرفة والعمل هما قضايا حياتي الأساسية.
وحلم عبدالهادي الصباغ؟
- ربما لا أحمل أحلاما كبيرة، ولكنني أتمنى أن يعطيني الله - سبحانه وتعالى - عمرا وصحة لأقوم بالمشروع الفني الذي بدأته وحلمت به منذ طفولتي، بحيث تكون أعمالي نافذة مفتوحة على العالم، وأن أنجح في توصيل المضمون ببساطة وعفوية وأن تصل أعمالي إلى كل الناس
العدد 508 - الإثنين 26 يناير 2004م الموافق 03 ذي الحجة 1424هـ