العدد 966 - الخميس 28 أبريل 2005م الموافق 19 ربيع الاول 1426هـ

الهاشمي: الحرية المستلهمة من الإسلام تبث في جسد الأمة النور

على هامش مشاركته في محاضرة "الوحدة الإسلامية"

شارك الداعية والأكاديمي السعودي بجامعة الملك عبدالعزيز الشيخ سعود مختار الهاشمي في محاضرة "الوحدة الاسلامية في مفهوم أهل البيت "ع"" التي عقدت في جامع السيف الأسبوع الماضي.

وفي لقاء مع "الوسط" دعا الهاشمي الأمة إلى استلهام دروسها من هدي المصطفى "ص" من خلال الحفاظ على وحدتها وهويتها، كما عبر الهاشمي عن سعادته بزيارة البحرين التي شهدت عهدا إصلاحيا اعتبره نموذجا مشرفا للتسامح والحرية. نفرد هنا اللقاء...

روح التسامح

بداية ما انطباعك عن البحرين؟ وهل لمست بين أهلها روح التسامح؟

- لقد أسعدني خلق أهل البحرين وانفتاحهم المعهود، وهذا ما ألاحظه كلما أزور البحرين الشقيقة، ورسالتي لهم أن يكونوا أبناء وطن واحد متحدين مع بعضهم بعضا تحت راية الإسلام الخالدة، وأن يقطعوا الطريق على كل متربص بهذا الثغر الجميل. ولا شك أن المسلم يحب أن يجتمع المسلمون على كلمة سواء ترضي ربهم عز وجل وترضي نبيهم "ص" يوم نلقاه جميعا غدا عند الحوض. ولكن هذه الأمنيات الجميلة ما كان لها أن تكون في الواقع إلا بحوار هادف وصادق وبتجرد يجعل الإنسان يبحث عن الحقيقة، ويستمسك بها أيا كانت هذه الحقيقة ومع أية جماعة. وهنا أحمل القيادات الدينية مسئولية لم الشمل من خلال نقاش يهدف الى تصحيح المسار والى توحيد حقيقي للأمة، لا مجرد كلمات معسولة تنتهي في الهواء. وهذا لن يحدث أبدا الا اذا امتلكنا كميات كبيرة من التجرد والصدق.

الحرية والسلم الأهلي

وكيف تفسرون علاقة الحرية بالسلم الأهلي على رغم التنوع والاختلاف؟

- إن الحرية معناها الطمأنينة، والحرية معناها الدفء والثقة في الآخر، وإن الأمة التي تفتقد الحرية ستخرج عن ضوء الشمس ودفء النهار الى دهاليز مظلمة، وسراديب مغلقة لا يحس فيها بنور ولا دفء. فالحرية تصحح الأخطاء، لأنها ستدع مجالا أكبر للحوار، والحرية تبث الامن، لأن في ظلها لن يخاف أحد أو يتوجس من أحد. والحرية تعلم الابداع والانطلاق في الفكر والتنمية وعمليات التجديد والتطور، لأن ذلك لا يمكن أن يصدر أبدا من انسان عبد خائف.

إن تاريخنا الاسلامي يؤكد هذه الحقيقة، فالعلماء لما كانوا مستقلين بأوضاعهم، ومستغنين عن النظام السياسي من ناحية المال وغيرها كانوا علماء أحرارا. وتاريخنا يؤكد أيضا أن أمتنا لما كانت تحت نظام سياسي عادل ونزيه الى حد كبير صنعنا حضارة مبدعة انتشرت في كل الآفاق. وماذا لو سألنا أنفسنا: كيف حصل ذلك؟ والجواب لأن إنسان هذه الأمة كان إنسانا مبدعا منطلقا ومجددا.

حرية غربية ولكن...

ولكن الكثيرين تعلموا الحرية من بلاد الغرب التي لا تدين بالاسلام؟

- نعم، إن بعض الذين سافروا الى الغرب رأوا ما فيه من العدل بين النظام السياسي تجاه شعوبها، وشاهدوا كيف أن الأنظمة هناك تهتم ببلادها وتنميتها، وتمتلك حسا وطنيا فائقا مقارنة بدول العالم الثالث التي لا يوجد فيها المستوى نفسه من الولاء والاهتمام بالمواطن، ولكن هذا لا يعني أن هذه القاعدة صحيحة بنسبة 100 في المئة، لكنها الغالبة.

مشروعات إصلاح من الخارج

وأنت كمفكر سعودي هل تثق بمشروعات الاصلاح الآتية من الخارج؟

- لو قالت أميركا إن الشرق من حيث تطلع الشمس لتساءلت مع نفسي إن كانت صادقة أم لا، وهذه مبالغة للتندر طبعا. ولكننا على مدى تاريخنا المعاصر نعلم أن أكبر من امتص خيرات شعوبنا، وتلاعب بقضايانا السياسية في المحافل الدولية، وفجر الحروب، وما حرب العراق مع ايران إلا مثال واحد، ولهذا فإن الذي فعل ذلك كله ومازال يفعله هي القوى الاستكبارية في هذا العالم.

تجربة وليدة

*

اليوم تشهد المملكة السعودية الشقيقة حوارا وطنيا رفيع المستوى يقوده سمو الامير عبدالله بن عبد العزيز، ما أهمية هذا الحوار في نشر ثقافة التسامح؟

- إن تجربة الحوار الوطني في السعودية تجربة وليدة، وأقل فوائدها أنها أقامت جسورا للحوار بين أطراف وأفكار شتى. ولكن الأمل في قيادتنا - وفقها الله - أن تحول توصيات الحوار الى واقع ملموس حتى لا يفقد الحوار صدقيته. وقد قلت في بلادي في أكثر من مناسبة إن ثقافة الحوار يجب أن تبدأ من المنزل والمحاضن التربوية، وأن يتم تشجيع ذلك من خلال الحوار الجاد والصادق والبناء في وسائل الاعلام، وهذا من شأنه أن يرسخ مفهوم الثقة والاحترام بين جميع الأطراف، وما نحتاجه فقط هو الحب والصدق من كل منا إلى الآخر.

سر التخلف

وأين يكمن سر تخلف أمتنا عن ركب الانسانية والتنمية من المنظور الاسلامي والانساني برأيك؟

- لا شك أننا نعاني من تخلفنا عن الركب، فهذه الأمة التي قادت العالم كله قد تراجعت عن دورها وتخلى أبناؤها عن رسالتهم. فالبشرية التي استشرى فيها الظلم والاستغلال الاعلامي وشيوع ثقافة شريعة الغاب والبقاء للأقوى، وأنه صراع لا يحكمه إلا أسود غالبة... هذا العالم يحتاج الى استنهاض الهمم والارادات من أجل التغيير. وأين هم أتباع الدين الاسلامي العظيم الذي عاش تحت كنفه اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الملل؟! واذا أردنا أن نسير في ركب حضارة منطلقة فعلينا أن نبدأ من أول كلمة في كتاب الله، وهي العلم "اقرأ باسم ربك الذي خلق..." "العلق: 1"، فالقرآن الكريم يعلمنا كيف نحل مشكلاتنا، وكيف نحول المعلومة الى قناعة راسخة. وقد يقول قائل إن حروف القرآن هي ذاتها حروفنا؟ فما سر هذا الكتاب وعظمته؟ ونقول: نعم الحروف هي الحروف، ولكن هذا القرآن هو كلام الله المنزل على حبيبه وخيرته من خلقه محمد "ص"، وما لم يكن التعليم نبراسا لنا فلن نجد نجاحا، فالنبي "ص" جاء بمجموعة من القناعات التي تغير حياة الانسان. والتعليم يغير على ثلاث مستويات: أما بزيادة معلومة أو بتعليم مهارة أو بزيادة قناعة، لكن التربية والمدرسة والاعلام والمجتمع كلها نجدها في المسجد الذي تقام فيه المعلومة وهي مهمة، ولكن المهارة التي تعلم الناس السلوكيات عمليا هي أكثر أهمية. فالاسلام الذي جاء بعد قرون طويلة من انتشار العقائد الضالة والفلسفات المنحرفة أتى ليعلم الناس وحدانية الله تعالى من خلال مجموعة من القواعد والسلوكيات، وهذا ما يجب علينا كمسلمين اتباعه

العدد 966 - الخميس 28 أبريل 2005م الموافق 19 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً