العدد 2950 - الأحد 03 أكتوبر 2010م الموافق 24 شوال 1431هـ

صربيا تأمل برئيس ينتشلها من مرارة الدكتاتورية

تجمع أمام مبنى الحكومة الصربية  ضد إعلان استقلال كوسوفو في بلغراد               (رويترز)
تجمع أمام مبنى الحكومة الصربية ضد إعلان استقلال كوسوفو في بلغراد (رويترز)

ابتهج الصرب بإسقاط الرئيس السابق، سلوبودان ميلوسيفيتش في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 2000، لكن خلال عشر سنوات منذ هذا الحدث الجلل، انسابت من بين أيديهم دواعي السرور والاحتفال. وأنهى سقوط ميلوسيفيتش عقداً من النزاع الذي لا طائل منه والعزلة والفساد الاقتصادي. ومع هذا، لم يتجسد الرخاء الذي توقع الصرب أن يعم البلاد بعد رحيل ميلوسيفيتش.

وواصلت الحياة قسوتها كما كانت دائماً. فالانتقال من الحكم الاستبدادي إلى الديمقراطية صاحبه فساد مستشر وتفكك اقتصادي زاد من حدته ركود عالمي. فبدلاً من العضوية المأمولة في الاتحاد الأوروبي، عزلت صربيا نفسها من خلال عدم تسليمها المتهمين بجرائم حرب ورفضها الاعتراف باستقلال إقليمها السابق كوسوفو. وقال زاركو كوراتش، وهو زعيم سابق للمعارضة ونائب رئيس الوزراء في أول حكومة بعد رحيل ميلوسيفيتش، إن «صربيا فازت في الخامس من أكتوبر بفرصة للتنمية» لكن قادة البلاد لم ينجحوا في انتهاز تلك الفرصة. وكانت السلطات بطيئة في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة. وتسبب تراخيها في توتر العلاقات مع دول غرب أوروبا وعطل مسعى صربيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي. وفي حرص لإسعاد دائرة انتخابية ذات توجهات قومية قوية، واصلت مقاومة استقلال كوسوفو. وألقي القبض على المشتبه في ارتكابه جرائم حرب، رادوفان كارادزيتش، الذي تمتع بحماية أجهزة الأمن في صربيا، وسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة في العام 2008 ، بعد 12 عاماً من اتهامه. ولا يزال متهماً آخر بارتكاب جرائم حرب، وهو راتكو ملاديتش، حراً طليقاً. وقال كوراتش لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن « صربيا لا تزال ميدان صراع لهؤلاء الذين يؤيدون اندماجنا فى أوروبا وأولئك الذين يعارضونه». وقال إن الأزمة الناجمة أذكت «الإحباط والغضب، ووجهت في يوم إلى الحكومة وفي اليوم الآخر إلى أوروبا». وتشارك أليكساندرا ميتيش، مديرة في مدرسة عليا ببلغراد، كوراتش الرأي نفسه، قائلة: «توقعنا المزيد. خيبة الأمل هي أول شيء يتبادر إلى ذهني عندما أفكر في (الخامس من أكتوبر) وها نحن ذا. الشعور بالاستياء هو الأمر التالي». وفي حال صدق استطلاعات الرأي، فإن القادة الحاليين سيواجهون معركة شرسة في الانتخابات البرلمانية المقررة في العام 2012. وتحظى حكومة رئيس الوزراء، ميركو تشفيتكوفيتش، التى تتولى السلطة في العامين الماضيين، بقبول شعبي لا يتجاوز 10 في المئة فقط، وفقاً لاستطلاع رأي هذا الصيف أجرته وكالة «إبسوس» للتسويق الاستراتيجي. ولم تكن نسب قبول سلفه أفضل حالاً. ويتعين على «الحزب الديمقراطي» بزعامة فويسلاف كوستونيتشا، رئيس وزراء صربيا لمرتين، العمل بجد للحصول على نسبة الخمسة في المئة من الأصوات اللازمة للتأهل للتمثيل في البرلمان. ولا تثق ميتيش ، التي كانت نشطة في معارضة ميلوسيفيتش في فترة التسعينيات من القرن الماضي، في قدرة السياسيين على إحداث تغيير. وقالت إنها «تظاهرت عدة مرات وفي نهاية المطاف شهدنا سقوط (ميلوسيفيتش) في العام 2000. لكني لم أزل أشعر بالخداع، لأن كثيراً من الأمور لا تزال على حالها. أشعر وكأن هذه السلطات الجديدة تسخر منا... جميعهم يتحدثون عن كوسوفو، بينما نتعفن في الفساد والفقر». ولا يزال الفساد، والذي كان مستشرياً إبان فترة حكم ميلوسيفيتش، مشكلة مستعصية، لكن مواطني صربيا العاديين ينتابهم قلق بالغ هذه الأيام بشأن انخفاض الأجور، والبطالة والفقر.

وقال ثلثا المشاركين في استطلاع أخير للرأي أجراه معهد «جالوب» إن البلاد تتحرك في «الاتجاه الخاطئ». وربما تكون أحد مشكلات صربيا هو أن الحكومات المتعاقبة لديها عادة تغيير الاتجاه. فصربيا تبنت نهجاً واضحاً مؤيداً للموقف الغربي في ظل رئيس الوزراء الراحل، زوران دينديتش، الذي اغتيل في العام 2003، لكن عندما تولى كوستونيتشا المنصب بعده، أدار دفة البلاد تجاه روسيا. وقاد تشفيتكوفيتش والرئيس الحالي، بوريس تاديتش البلاد في اتجاه واحد ثم اتجاه معاكس. فمن ناحية، أعربا عن رغبتهما في الانضام للاتحاد الأوروبي ، ومن ناحية أخرى، يعارضان تطبيع العلاقات مع كوسوفو، التي قيل لهما إنه شرط مسبق لنيل عضوية الاتحاد الأوروبي. وربما يصل هذا السلوك المتذبذب في نهاية المطاف إلى نهاية المهلة الزمنية التي منحتها ألمانيا مؤخراً لصربيا. وقال وزير الخارجية الألماني، جيدو فيسترفيله عندما زار بلغراد في شهر أغسطس/ آب الماضي: «من وجهة نظرنا، لا يمكن لدولة أن تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي إلا إذا كانت تهدف للتعاون ومستعدة لحل صعوبات الجوار من خلال التعاون».

العدد 2950 - الأحد 03 أكتوبر 2010م الموافق 24 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً