لكي نقف على حقيقة الاستعدادات في بلادنا، لابد من العودة إلى قرار سمو رئيس الوزراء القاضي بتشكيل لجنة لمكافحة احتمال دخول مرض انفلونزا الطيور برئاسة وكيل الوزارة للزراعة كاظم هاشم الهاشمي وعضوية الجهات الرسمية ذات العلاقة في المملكة وهي وزارة الإعلام، شئون الطيران المدني، وزارة الصحة، الهيئة العامة للثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية.
ففي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف مع اقتراب المرض المرعب رويداً رويداً ووصوله إلى تركيا والعراق، وتناقل ثمة معلومات غير مؤكدة حول بلوغه المملكة العربية السعودية، يحق لنا أن نتساءل: «هل نحن في البحرين، مستعدون فعلاً؟ أم هي مجرد بيانات إعلامية تصدر تارة هنا وتارة هناك تخفي وراءها تخبطاً في الإجراءات وسوء تنسيق حتى مع وجود لجنة معنية؟ وما حقيقة الصورة، قبل أي شيء، بالنسبة إلى الوضع الترصدي في بلادنا؟
في هذا التحقيق، سنقف على أبرز نقاط الاستعداد، فمع وجود اللجنة، تم تحديد المهمات والتي أولها التنسيق بين جميع الجهات المعنية ذات العلاقة بخصوص الإجراءات الواجب تطبيقها وزيادة التأكد من فاعلية الاحتياطات الاحترازية المتبعة لمنع دخول المرض إلى المملكة.
ومن المهم الإشارة الى أن اللجنة أعلنت حصولها على موافقة الحكومة على الخطة الاحترازية التي وضعتها شئون الزراعة بوزارة شئون البلديات والزراعة لمنع دخول المرض والتي تم البدء في تنفيذها واتخاذ ما يلزم من خطوات لتنفيذها بأسرع وقت ممكن.
أما على مستوى مجلس التعاون الخليجي، فقد شاركت البحرين في الاجتماع الطارئ الذي عقد في يوم 24 من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي 2005 لوكلاء وزارات الزراعة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مقر الأمانة العامة بالرياض، وذلك للتنسيق بين دول المجلس والاتفاق على الإجراءات المناسبة لحماية دول مجلس التعاون من مرض انفلونزا الطيور.
بلدان تكافح وأخرى تمنع؟
في تجاوب سريع وتعاون واضح، يقدم مدير إدارة الثروة الحيوانية بوزارة شئون البلديات والزراعة سلمان عبد النبي إجابة واضحة اذ يشير إلى أن الأجهزة المعنية في مملكة البحرين تعمل لمنع دخول المرض، خلاف بعض الدول القريبة التي تحولت من جهود المنع، إلى جهود «المكافحة» بعد أن وصل اليها المرض.
لكنني، والكلام لمحدثنا سلمان عبدالنبي، أود التأكيد على أن الاحترازات التي وضعناها في اعتبارنا كفيلة بمنع دخول المرض ومنها إصدار قرار وزاري بحظر استيراد جميع أنواع الطيور الحية والداجنة من الدولتين المذكورتين. كما سيتم إصدار قرار وزاري بحظر استيراد الطيور من أية دولة تظهر فيها إصابات.
الإجراءات الاحترازية... ما هي؟
تشمل الخطة الاحترازية التي وضعتها اللجنة المكلفة حظر استيراد جميع الطيور الحية المائية والبرية والداجنة وبيض التفريخ من دول آسيا، وكذلك حظر استيراد هذه الطيور من الدول الموبوءة، وتضمن البند الثاني من الخطة الإجراءات الوقائية التي تشمل القيام بحملة تحصين شاملة ضد المرض، وذلك لرفع مناعة الطيور المحلية والطيور الواردة عن طريق المحاجر البيطرية لحمايتها من المرض.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك ثلاث فرق عمل تعمل وفقاً لمهمات موزعة منها متابعة ورصد المزارع المحلية وفحص الطيور وتطهير المزارع، واجراء عمليات التحصين ضد المرض، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على المنافذ وفحص كل الإرساليات الواردة والتدقيق في أوراقها الثبوتية، وتجهيز المحجر الطبي، ولا شك في أنه من الإجراءات المهمة حرق الطيور النافقة ورصد الطيور المهاجرة، واجراء المسوحات المستمرة والتحصينات لكل المزارع بما فيها محمية العريق.
الخطة الإعلامية... تعمل!
وعلى رغم ضعف الخطة الإعلامية في أجهزة الإعلام المحلية، إلا أنه بحسب القائم بأعمال مدير إدارة الإرشاد والعلاقات الزراعية خليل إبراهيم الدرازي فإن هناك برنامجاً إعلامياً يهدف إلى طمأنة المواطنين ونشر الوعي فيما بينهم وتعريفهم بالمرض وتضمنت أيضا عقد لقاءات مع مربي الدواجن والطيور لتزويدهم بالإرشادات الضرورية تنفيذا للخطة الاحترازية لمواجهة المرض.
وفي هذا الإطار تم التنسيق مع الجهات الرسمية الأخرى في المملكة ذات العلاقة كوزارة الصحة والهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والحياة الفطرية والبيئة والطيران المدني والإدارة العامة للموانئ والجمارك للعمل على تنفيذ القرار الوزاري الخاص بفرض الحظر المؤقت على استيراد الطيور. وتعمل شئون الزراعة بالاتصال بالمنظمات الدولية ذات العلاقة مثل المنظمة العالمية للصحة الحيوانية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» لمتابعة آخر التطورات.
الصحة العالمية وحال التأهب!
لا يمكن فصل دول الخليج العربي عن بعضها بعضاً، لذلك، تم اقرار تنسيق الجهود لمواجهة تهديد المرض... بل لنقل «التهديد المتزايد»، ومن هنا، تم الاتفاق على خطة موحدة من خلال ضباط اتصال بين دول المجلس، لكن كخطوة أولى، تم توحيد الإجراء الأول... «حظر استيراد الطيور ولحوم الدواجن وبيض التفقيس والأعلاف من الدول الموبوءة والمشتبه فيها، وتشديد إجراءات الحجر وتبادل المعلومات الخاصة بقرارات الحظر بشكل فوري وسريع بين الدول الأعضاء».
لكن هل هناك داع للقلق؟ الإجابة نحصل عليها من رئيسة قسم مكافحة الأمراض المعدية بوزارة الصحة منى الموسوي التي أكدت على متابعة دقيقة لكل الأوضاع، وهي تطمئن الناس أيضاً بالقول... المفروض من الناس ألا يقلقوا! واذا كان القلق يسيطر على منظمة الصحة العالمية فهذا لأنها مسئولة على مستوى العالم، لكننا في البحرين في مأمن ولله الحمد.
وما يتابعه الناس من مستجدات في شأن المرض ما هي إلا محاولة من المنظمة لترسيخ حال التأهب حتى لا تتحول الحال إلى وباء عالمي... والحقيقة التي اريد أن يعرفها الناس، أن الوضع، حتى على مستوى الدول التي سجلت حالات إصابة ليس مخيفاً أبداً، فكل ما في الأمر، أن المنظمة العالمية تتحمل مسئولية دولية... فالمرض، وبصراحة، ليس موجوداً حتى في الدول التي اكتشفت إصابة بعض الطيور، إلا أن المحذور هو من تحول الفيروس وتصبح له القدرة لنقل العدوى من الإنسان إلى الإنسان وليس كما هو حاصل الآن، إذ ينتقل المرض من الطيور إلى الإنسان.
تضيف... منذ بداية العام 2003 بدأ الفيروس (يتحول) ويصيب الحيوانات بصورة شرسة ويقتلهم بأعداد كبيرة، ومنذ نهاية ديسمبر من ذلك العام، بدأ ينتشر في دول عدة ويقتل الكثير من الطيور، لكن في الفترة الأخيرة، ظهرت حالات جديدة قوامها 115 حالة، وعندها بدأ المرض في الانتقال من الحيوان إلى الإنسان، لكنه لم يتحول من انسان إلى إنسان...
وتكرر إعادة أسباب التأهب العالمي بالقول: «الخوف هو حين يزداد الفيروس شراسة، ويفتك بالحيوان والإنسان، لذلك وضعت المنظمة العالمية العالم في حال تأهب تحسباً من تحول الفيروس وانتقاله من وإلى البشر.
العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ