تناولت الصحف الأميركية الملف العراقي على خلفية الوضع المتدهور والهجوم الجديد «سرب الجراد» في سامراء. وانتقدت الإدارة التي تهتم بخطابات الرئيس بوش أكثر بكثير من الجهود اللازمة لترتيب الوضع العراقي. لكن هناك من رأى انه من دون وضع حد للدور الإيراني في العراق ليس هناك أي سبيل لحكومة وحدة وطنية.. ورجح أحدهم ان المحافظين الجدد يدبرون هجمات مماثلة لـ «11 سبتمبر» لتبرير غزو إيران، رغم ان كل الظروف تفيد ان قوات الاحتلال في العراق غير قادرة على السيطرة هناك.
«إنفورميشن هاوس»: بوش سيوسع رقعة النزاع
وتساءل بول كريغ روبرت في موقع «إنفورميشن كليرينغ هاوس» على الأنترنت، وهو موقع أميركي معارض لسياسة إدارة بوش، ما إذا كانت الإدارة الأميركية تحضر لـ «11 سبتمبر» جديد لتبرير هجوم على إيران؟ وفي المستهل سأل ساخراً ما إذا كان الرئيس بوش سيشن حربا على إيران وهو على يقين ان المقاومة العراقية باتت تربك الأميركيين، وأن واشنطن غير قادرة على السيطرة هناك؟ الجواب بحسب روبرت هو «نعم»، فبوش مصمم على توسيع رقعة النزاع في الشرق الأوسط بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران. غير انه استعرض خمسة عوامل من المفترض أن تمنع واشنطن من الخوض في هذه المغامرة. فلفت أولا إلى ان بوش لا يملك القوات الكافية للقيام بهذه المهمة، فالجيش الأميركي أخفق في احتلال العراق ما يعني انه لن يكون قادرا على احتلال إيران التي تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة العراق. ثانيا تستطيع إيران الرد عبر ضرب القواعد والسفن والمنشآت النفطية التابعة لواشنطن في الشرق الأوسط. ثالثا ان نفوذ طهران يتخطى الأراضي الإيرانية ليشمل الشيعة العراقيين وهذا يكفي للتسبب بالفوضى في الشرق الأوسط بأكمله. أما العامل الرابع فهو ان استطلاعات رأي الجنود الأميركيين في العراق تظهر ان غالبيتهم لا يؤمنون بصوابية المهمة المكلفين بها ويتمنون الانسحاب فورا. وبالتالي من المستحيل أن يتحمس هؤلاء للغرق في مستنقع آخر غير المستنقع العراقي. خامسا وأخيرا تؤكد الاستطلاعات في الولايات المتحدة ان الغالبية تعتبر ان غزو العراق كان قراراً خاطئاً في وقت بلغ التأييد الشعبي لبوش أدنى مستوياته إذ سجل أخيرا 34 في المئة. لكنه لاحظ ان بوش نجح حتى الآن في إثارة مخاوف الأميركيين حيال البرنامج النووي الإيراني وباشر ومساعدوه حملة إعلامية لإقناع الأميركيين بأن إيران تشكل أكبر تهديد حالي للولايات المتحدة. مؤكدا ان بوش مصمم على غزو إيران لذلك سيلجأ إلى جميع الوسائل.
«غلوبل إنتلجنس»: سرب الجراد ومسئوليات القوات العراقية
واعتبر «غلوبل إنتلجنس»، مركز الدراسات الاستراتيجية والجيوسياسية، ان العملية العسكرية الجديدة «سرب الجراد» التي يشنها الجيش الأميركي في سامراء بالتعاون مع القوات العراقية، هي جزء من مشروع لإسناد المزيد من المسئوليات للقوات العراقية. فالإدارة الأميركية تدرك جيدا ان تعزيز فعالية القوى العراقية هي الخطوة الأولى لتنفيذ انسحاب أميركي من العراق. وهو ما يبرر بحسب المركز.
أميركا تجتهد لصوغ خطابات بوش
ودعت «واشنطن بوست» الإدارة الأميركية إلى بذل المزيد من الجهود لتشكيل حكومة وحدة وطنية في العراق. فهذا هو السبيل الوحيد لتفادي حرب أهلية. وسخرت بأن على المسئولين في البيت الأبيض الذين يجهدون لصوغ خطابات بوش، أن يعملوا بجد أكبر لإنجاح الحكومة العراقية المقبلة.
العراق بحر من العنف
لكن حاتم مخلص في «واشنطن تايمز» كتب تحت عنوان «العراق...بحر من العنف»، فأكد انه من المستحيل حل الأزمة الحكومية والأمنية وفقاً لمقاربة محلية عراقية لأن الملف العراقي ليس معزولا عن المنطقة وثمة قوى خارجية وإقليمية ذات مصالح متضاربة تبذل جهودا حثيثة لتغيير النسيج العراقي. غير انه لم يشر سوى إلى دور طهران التي تساهم في تأجيج الحساسيات المذهبية، واستغلت تفجير المرقد الشيعي لصب الزيت على النار لإشعال نزاع مذهبي وعرقلة العملية السياسية. فمن دون وضع حد للدور الإيراني ليس هناك أي سبيل لحكومة وحدة وطنية.
وفي الختام لم ينس مخلص، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، أن يعبر عن امتنانه للجهود التي بذلها الأميركيون في سبيل تحرير بلاده من الطغيان.
العدد 1292 - الإثنين 20 مارس 2006م الموافق 19 صفر 1427هـ