قال القاضي السابق في المحاكم الشرعية الجعفرية علي العريبي «إن الشيخ الجمري كان رائدا للوحدة الوطنية، وكان قائداً بحجم الوطن على امتداد رقعته الجغرافية وتاريخه، كان أبرز رائد للوحدة الوطنية». جاء ذلك خلال مشاركته في حفل أقامه مجلس الشيخ الجمري بمناسبة الذكرى الثانية عشرة ليوم السبت الأسود (الأول من أبريل/ نيسان للعام 1995).
وتم على هامش الحفل عرض لصور الشيخ الجمري في مختلف أيام حياته، بالإضافة إلى مشاركة المرسم الحسيني بلوحات عن انتفاضة التسعينات، وقامت لجنة الشهداء وضحايا التعذيب بعرض شريط فيديو للشهداء وآثار التعذيب على أجساد بعض الضحايا، كما شاركت جمعية الإسكافي لتجميل البحرين في البرنامج.
يشار إلى أن فرقة إنشادية شاركت وعبرت في كلمات أنشودتها عن «حاجة الوطن إلى رأي الشيخ الجمري حتى لو كان على فراش المرض». كما تم تكريم عوائل شهداء السبت الأسود بالإضافة إلى أحد الجرحى.
مشيمع: المواطن يجب أن يكون جزءاً من قرار المعارضة
ذكر الأمين العام لحركة حق حسن مشيمع في ورقته التي كانت بعنوان (المعارضة بين الوفاء للشهداء واستحقاقات المرحلة): «أن الشهداء حين سقطوا وضرجوا بدمائهم الغالية تراب الوطن كانوا يستهدفون مطالبا محددة، وكانوا يدافعون عن مبادئ وعقيدة آمنوا بها»، مشيراً إلى أن «هؤلاء صدرت أرواحهم بدم بارد وبآلة قتل متعمدة، فلقد استخدم لقتلهم الرصاص الحي في تسعينات القرن الماضي، كان ذلك من أجل قتلهم وليس لإيقاف المسيرات السلمية التي كانوا يشاركون فيها»، موضحاً أن «قتل الإنسان جريمة في الشرع وفي جميع الأنظمة الدولية، وهذه جريمة لابد أن يحاسب مرتكبوها، هؤلاء عندما خرجوا وعبروا عن احتجاجهم كانوا يريدون تحقيق أهدافاً معينة انطلاقاً من فهم دينهم».
وأضاف مشيمع «لقد كانوا يريدون أن يحققوا حياة برلمانية عن طريق العمل بدستور العام 1973 لأنه كان يعطي بعض الصلاحيات لمراقبة الفساد ومنعه ووضع القوانين، ومساءلة الحكومة وهذا جزء مهم من الاستحقاقات»، مشيراً إلى أن «المعارضة يجب أن تكون قريبة من المواطن ولا يجب أن تعتبر المواطن مجرد آلة للتنفيذ بل يجب أن تكون القواعد الشعبية جزء من القرار»، مردفاً أن «المعارضة يجب أن تحمل مشروع الشعب وتحرص على تنفيذ مشروعات الشعب، ولا يجب أن تطبق أجندة خاصة بها ومن لا يستطيع تحمل ذلك فعليه أن يقول ذلك».
وانتقل بعدها للحديث عن حقوق الشهداء، منوهاً إلى أن للشهداء حقان الأول يتعلق بهم والثاني بعوائلهم، والحق المعنوي للشهداء يتعلق بتحقيق الأهداف التي حملوها والاستمرار في الطريق حتى تحقيق تلك الأهداف، كما لا بد من محاكمة جميع من ارتكبوا كل هذه الجرائم والاقتصاص من القتلة جزء رئيسي في أية عملية إصلاحية»، مردفاً أن «هناك جوانب مادية وهي جزء حقيقي في مسألة الصلح وهو ما حصل في المغرب وهو أن تعترف الدولة بأنها مارست خطأ ما، وتقوم بتعويض هو حق لكل عوائل الشهداء»، مؤكداً أن» سقف الاستحقاقات لا بد أن يتطور باستخدام الأساليب السلمية التي لم تستنفد بعد».
العريبي: لا نريد «وحدة» تباع في البازار السياسي
قال القاضي السابق في المحكمة الشرعية الجعفرية علي العريبي «إن العالم يتحرك اليوم على إيقاع بعض المشروعات مثل التعددية وحوار الحضارات والعولمة وهذه جميعا في العالم الذي أصبح كالقرية الصغيرة»، مشيراً إلى أن «هذه المشروعات جاءت بتحديات على مستويات عدة فكان هناك غزو على جميع الأصعدة للعالم الثالث»، موضحاً أن «الكثير يتغنون بشعار الوحدة ولكننا نريد أن يكون هذا الشعار جاداً ولا نريد منه أن يبقى للاستهلاك الإعلامي فقط أو بيعه في البازار السياسي»، مردفا «لا يستطيع أي وطن أن ينهض إلا إذا كان متوحداً».
وأضاف العريبي «مجتمعنا كالمجتمعات الإسلامية يحتوي على الكثير من التلونات والاختلافات وحتى نحقق الوحدة الوطنية يجب أن نقضي على التمايز الطائفي، كما أن أي مشروع نهضوي يجب أن ينطلق من الوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن «الوحدة مسئولية جميع أفراد المجتمع حتى لا يستخدم أي فرد كنافذة يتسلل منها المارد الطائفي لتفتيت وحدة المجتمع، فكثيراً ما تعبث يد السياسة على الاختلافات المذهبية لتحقيق المكاسب»، موضحاً أن «الاختلافات المذهبية يجب أن تكون مصدراً غنياً للفكر ومصدر قوة للمجتمع والقوى».
لماذا توقفت لجنة تنقية المناهج؟
ونوه العريبي إلى أن «القوى السياسية تتحمل مسئولية هنا فمشروعها يجب أن يكون مشروعاً وطنياً لا مذهبياً (نحذر من الاصطفاف الطائفي) وربما ينجح مشروع طائفي آني لكننا سندفع فاتورة هذا الاصطفاف»، محذراً «الحكومة من نشر الكتيبات المذهبية كما أنها يجب أن تحس بخطورة الأمر فربما تستفيد السياسة من الطائفية ولكن لفترة مؤقتة، ولا بد من تكريس مبدأ المساواة بين المواطنين في الوظائف وفي جميع أمور الحياة فهناك مجال ليعمل جميع المواطنين فلماذا يعطى الأجانب وظائف ويبقى المواطنون بلى عمل؟»، موضحاً «كما يجب أن تنقى مناهج التعليم وأن تلبي احتياجات جميع المذاهب»، متسائلاً «لماذا توقفت اللجنة التي شكلها سمو رئيس الوزراء لتنقية المناهج؟ فلقد كنت في اللجنة ولكني للآن وبعد 10 سنوات لا علم لي عن سبب توقفها».
انتقل بعدها العريبي للحديث عن الوطنية في منهجية الشيخ الجمري، مشيراً إلى أن «الشيخ الجمري كان قائداً وطنياً له موقعه الخاص والمتميز في تاريخ البحرين، لقد كان خطاب الشيخ الجمري مليء بمفردات مثل الوحدة (سنة وشيعة) والشعب وحقوق الشعب، وكان الشيخ يؤمن بالوحدة الوطنية»، موضحاً أن «الشيخ دائما ما يؤكد على ألا علاقة للدين بالفتن وهذا الحقد»، مستشهداً بقصيدة للشيخ الجمري يؤكد فيها على الوحدة الوطنية.
وأكد العريبي «أن الشيخ الجمري انتقد خطباء المنبر الحسيني الذين يمارسون الطائفية ولا يأتون بخطاب الوحدة وكأنهم يريدون أن يجعلوا من الإمام الحسين (ع) لهم فقط بينما الإمام الحسين (ع)»، مردفاً «لقد راح الشيخ الجمري يطمئن شركاءه في الوطن أن مشروعه السياسي ليس إلا من أجل الوطن وكذلك كان خطابه الذي ألقاه عند زيارته إلى جمعية الإصلاح بالمحرق الذي أكد فيه أن جميع المطالب التي نرفعها هي من أجل الوطن على رغم شدة المحن»، موضحاً أن «الشيخ دعا على هذا الأساس إلى تأسيس خط الوسطية في السياسة، كما أكد أنه تطرح علينا قضية في المجلس (البرلمان) وندرسها فنجد فيها إخلالاً للوحدة الإسلامية أو تكون ممزقة للوطنية فنرفضها حتى لو جاءت من جماعة إسلامية شيعية»، مشيداً بدعوة الشيخ الجمري إلى تأسيس لجنة للوحدة التي عقدت بعض الاجتماعات ولكنها توقفت.
وتحدث العريبي عن الخلاف بين الشيخ الجمري مع بعض أبناء المذهب، مؤكداً أن «الشيخ الجمري استجاب في مرحلة الإصلاح لجميع دعوات ترميم الوضع وحدثت لقاءات عدة وصفها الشيخ الجمري بانها (تهدف إلى الوحدة والإصلاح)»، وذكر العريبي «أن الشيخ قال لي ذات مرة إنه لا ينسى المرحوم الشيخ سليمان المدني عندما يوفقه الله لأداء صلاة الليل من الدعاء، كما أن الشيخ اتصل بي مرة في منتصف الليل وكانت المرة الأولى التي يتصل فيها الشيخ في هذا الوقت وقال لي إنه يريد زيارتي في الحال وعند الزيارة كان الشيخ متأثراً من اجتماع كان به عدد من الأشخاص اختلف معهم بشأن المصالحة وأتى لتدارس الموضوع»، وليختم كلامه بعبارة قالها شخص ينتمي للطائفة السنية ومتهم بالطائفية «لقد ذهب هذا الشخص للسلام على الشيخ الجمري وقبله بين عينيه وقال له إنك لست قائداً للشيعة فقط بل للسنة والشيعة».
المحفوظ: الدائرة الواحدة أفضل تقسيم
تحدث رئيس جمعية العمل الإسلامي الشيخ محمد علي المحفوظ الذي ذكر أن الأيام الصعبة «كانت عندما أصدر قانون الجمعيات السياسية، كما أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية من دون وجود الأحزاب»، مشيراً إلى أنه «بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني حدثت حال نادرة من الوحدة الوطنية في البحرين»، سائلاً: «ماذا يعني وجود بلديات منقوصة الصلاحيات؟، وماذا يعني وجود مجلس نواب غير كامل الصلاحيات؟».
وأضاف المحفوظ «أن أمام المشروع الإصلاحي تحديات عدة منها عدم التمكن من الحديث عن الإصلاح في ظل عدم تحديث الأجهزة الحكومية، كما لا بد من مشاركة شعبية فاعلة لنجاح أي مشروع إصلاحي، كما يجب أن يكون المقياس دائما هو الكفاءة»، مشيراً إلى أن «حل جميع المشكلات الموجودة في البحرين هو في المملكة الدستورية»، موضحاً «أننا طالبنا بالمساواة وإذا بها تأتينا على طبق من نار في دمج الدوائر الانتخابية»، مؤكداً أن «أفضل حديث عن الوطنية هو أن تكون البحرين دائرة واحدة».
أبل: لا ولاية للحكومة على موازنة 2007 - 2008
قال الأمين العام للمؤتمر الدستوري عبدالعزيز أبل «إن الشيخ عبدالأمير الجمري كان دائما يؤكد على الوحدة حتى عندما كنت اتصل به وهو تحت الإقامة الجبرية، ولم يكن يفرق بين أي شخص بحسب انتمائه الطائفي في المشاورات التي يجريها معنا»، وانتقل بعدها للحديث في ورقته التي كانت بعنوان (أفاق العمل السياسي في البحرين)، موضحاً أن «الإصلاح في العلوم السياسية نوعان الأول هيكلي ويتبعه إصلاح وظيفي، والإصلاح الهيكلي يعني صوغ هيكلة النظام السياسي من جديد وهذا يؤدي إلى الفصل بين السلطات ليؤدي ذلك إلى إصلاح سلوكي لدى المتنفذين»، مشيراً إلى أن «سلوك الحكومة لا يدل على الإصلاح فسلوكها في اتجاه دمج الدوائر وتمرير موازنة 2007 - 2008 على المجلس الحالي خوفاً من مشاركة المعارضة في المجلس المقبل هو سلوك لا يعبر عن الإصلاح»، معتبراً أن «لا ولاية للحكومة على موازنة العام المقبل، باعتبار أن ولايتها تمتد من العام 2002 إلى العام 2006 حتى فض دور الانعقاد الرابع وبعد ذلك تصبح حكومة تصريف أعمال فقط، حتى يتم تكليف وزارة جديدة مع بداية أعمال المجلس المقبل»
العدد 1306 - الإثنين 03 أبريل 2006م الموافق 04 ربيع الاول 1427هـ