في العام 1991 عندما كانت الحملة العسكرية الدولية تسلك طريقها عبر الكويت وصولا إلى أطراف العراق، كانت النجومية الإعلامية للرجل الأول في الجيوش المحتشدة في الخليج «الجنرال نورمان تشوارزكوف».

ولم يكن ينافس الرجل العسكري في أهميته «الإعلامية» سوى اثنين من الصحافيين العاملين في محطة الـ (س إن إن) المنفردة بتغطية الحدث آنذاك... «بيتر أرنيت» من بغداد و«برنارد شو» من المحطة في أميركا، لكن هذا التنافس في الحرب الطاحنة التي تدور منذ أكثر من أسبوعين في العراق أصبح يدور بين ثلاثة من العراقيين باتوا الأكثر «توهّجا» في حرب البيانات المتضاربة.

وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف شكل وحده ظاهرة إعلامية فريدة منذ الانفجارات الأولى التي هزت بغداد، وسرعان ما بدأت نجوميته في التصاعد، ليس فقط بسبب المفردات الغريبة التي أطلقها على جنرالات الحرب الإنجلو - أميركية ودفعت البعض إلى وصفه بـ «مختار الصحاف» تصحيفا للمعجم الشهير «مختار الصحاح»، لكن أيضا لتلك الحملة الإعلامية المنظمة التي كان الصحاف يقودها مطاردا الصواريخ المعادية، ليبرهن للعالم بأسره - إلا الاميركيين والانجليز طبعا ومن دار في فلكهم - على أن الصواريخ «الغبية» لم تصب أهدافا عسكرية كما يزعم «العلوج... وعصابة الطراطير» وفقا لقاموس الصحاف.

وفي السياق نفسه، «سرق» وضاح خنفر ومحمد خير البوريني مراسلا قناة «الجزيرة» الأضواء من مراسلي القنوات العالمية الأخرى المقيّدة بالإرادة الأميركية معيدين إلى الذاكرة ظاهرة آرنيت وشو، وباتت إطلالتهما عبر «الجزيرة» مؤشرا أكيدا إلى أنباء جديدة لن تتمكن الـ «سي إن إن» أو الـ «بي بي سي» من إعلانها لتناقضها مع الروايات الـ «إنجلو - أميركية» التي تطلق العنان لخيال يتحدث عن انتصارات وتقدم لقواتها بعد قصفها الدقيق للأهداف العسكرية!

وفيما ينتظر العالم بأسره ما ستؤول إليه تداعيات الحوادث وسط تضارب «مزعج» في الأنباء... سيعمل الصحاف جاهدا للحفاظ على «لياقته الإعلامية» في مطاردة الصواريخ الإنجلو - أميركية، والكشف عن «دقة» إصاباتها بين المدنيين. وسيواصل وضاح خنفر ومحمد خير البوريني وبقية مراسلي «الجزيرة» توهجهم في سرد روايات مختلفة عن تلك التي يحملها جنرالات الحرب، تأكيدا للأهمية القصوى لـ «الجبهة الإعلامية»