العدد: 393 | الجمعة 03 أكتوبر 2003م الموافق 07 شعبان 1424هـ

ضابط جزائري منشق يكشف خبايا مجازر التسعينات

بعد كتابه «من قتل في بن طلحة» صدر لمحمد سمراوي الضابط المنشق عن الجيش الجزائري الأسبوع الماضي كتاب اختار أن يعنونه بعنوان «وقائع سنوات الدم»، والذي يوجه من خلاله الكاتب اتهامات بالجملة للمؤسسة العسكرية، ويحمل الجيش مسئولية المجازر الجماعية والاغتيالات التي استهدفت آلاف المدنيين سواء في المناطق الريفية النائية أو في ضواحي المدن.

ولم يخرج الكتاب عن مضامين ما جاء في كتاب «الحرب القذرة» للعسكري الجزائري السابق الحبيب سوايدية اللاجئ في فرنسا حاليا.

إصدار «وقائع سنوات الدم» والذي من المتوقع أن يثير الكثير من ردود الفعل على غرار الكتب السابقة التي تناولت الحرب الأهلية التي عرفتها الجزائر خلال عقد التسعينات يأتي في وقت تشهد فيه الجزائر صراعا على الحكم بين الكثير من الأجنحة السياسية بسبب اقتراب الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها ربيع 4002 التي يجد فيها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة - وخلافا للانتخابات الماضية - منافسين حقيقيين وأقوياء من طينة الأخضر الإبراهيمي وعلي بن فليس.

ووفقا لما جاء في الكثير من الصحف الجزائرية فإن الكتاب الجديد الذي يندرج ضمن ما بات يسمى في الجزائر بـ «كتب الأزمة» يعرض فيه العقيد محمد سمراوي كما يكشف عنوانه المثير «وقائع سنوات الدم في الجزائر، وكيف تمكنت الأجهزة الأمنية السرية من تضليل الجماعات الإسلامية».

ولمن لا يعرف صاحب الكتاب فان العقيد سمراوي البالغ من العمر 05 عاما، سبق له أن تولى بالخصوص منصب مساعد مسئول مديرية أجهزة مكافحة التجسس إسماعيل العماري من 0991 إلى 2991 قبل أن يعين مسئولا للأمن العسكري في ألمانيا، إذ حصل على اللجوء السياسي بعد انفصاله عن الجيش في العام 6991.

ويتضمن الكتاب بحسب ما سربته وكالات الأنباء والصحف الصادرة في باريس والجزائر العاصمة اتهامات مباشرة للمؤسسة العسكرية بتورطها في التصفيات والاغتيالات الجماعية لتنظيم «الجماعة الإسلامية المسلحة» والذي ينتمي أمراؤه إلى الأمن العسكري.

وأكد العقيد الجزائري في مؤلفه أن أجهزة الاستخبارات استخدمت المجموعات الإسلامية العنيفة قبل وقف المسار الانتخابي في يناير/كانون الثاني 2991 الذي فازت خلاله الجبهة الإسلامية للإنقاذ بغالبية الأصوات بكثير، لبث الرعب في أوساط الشعب وإبراز الجيش على أنه الملاذ الوحيد.

ويروي العقيد سمراوي بشكل دقيق واستنادا إلى تواريخ ووقائع ذكر فيها أسماء العسكريين المتورطين كيف أصبح عدد من الرعاع «أمراء» بين عشية وضحاها في المجموعات الإسلامية بمساعدة الجيش على غرار زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة جمال زيتوني الذي اعتبره إرهابيا يعمل لصالح الجنرالات».

وأصبح جمال زيتوني الذي كان بائع دجاج أميا «أميرا وطنيا» على الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» من العام 4991 إلى العام 6991 تاريخ مقتله. وتبنى بعض العمليات الأكثر إثارة للمجموعة المثيرة للفزع في عموم المناطق الجزائرية مثل خطف طائرة «ايرباص» التابعة لشركة الخطوط الجوية الفرنسية «اير فرانس» في 4991 من مطار بومدين الدولي بالعاصمة الجزائرية، واعتداءات باريس في 5991 وإعدام رهبان قرية تيبهيرين المسيحيين بالغرب الجزائري.

ووفقا لما أوضحه سمراوي في مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي في باريس على هامش حفل تقديم كتابه الجديد «هناك ثلاث جماعات إسلامية مسلحة، جماعة العاطلين عن العمل والمتطرفين والعناصر المعزولة للجبهة الإسلامية للإنقاذ وجماعة قدامى سجناء المعسكرات الأمنية التي اخترقتها عناصر من قسم الاستخبارات والأمن وجماعة إسلامية مسلحة تشكلت بشكل مفتعل تماما». إلا أنه يستدرك «أن هذا لا يعني غض النظر عن جرائم الإسلاميين والصفح عنهم».

وفي كتابه الذي ينزل الأسواق يوم الخميس 52 سبتمبر/أيلول، لم يستثن العقيد الجزائري أجهزة الاستخبارات الفرنسية التي اتهمها أيضا بالتعامل المتسامح مع نظيرتها الجزائرية تاركة عناصر متورطة مع الإسلاميين ينشطون بكل حرية.

وقال العقيد الذي فر من الجندية بشكل رسمي العام 6991 إثر لجوئه إلى ألمانيا: كان هناك اتفاق بين مديرية الاستخبارات والأمن (الاستخبارات الجزائرية) ونظيرتها الفرنسية «مديرية أمن الأراضي الفرنسية (DST)» إذ كان للأجهزة الجزائرية عناصر تنشط داخل التراب الفرنسي وتخترق صفوف الإسلاميين اللاجئين في فرنسا، وهذه العناصر كانت تخبر الجهاز الفرنسي الذي كان في المقابل يقدم لها الغطاء الأمني.

وليقدم الدليل على صدق أقواله يكشف العقيد سمراوي أن المخابرات الجزائرية بادرت إلى إرسال أحد أبرز عناصرها «علي توشنت» المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الفرنسية، إلى الأراضي الأوروبية إذ قاد في فرنسا الكثير من الاعتداءات والتفجيرات لاسيما التي نفذت في باريس صيف العام 5991.

عند هذه النقطة يقول سمراوي إن تفجيرات صيف 59 التي شهدتها باريس لا يمكن أن تتحمل الاستخبارات الفرنسية مسئولية تنفيذها، لكنه يستدرك قائلا «لكنها لو كانت أكثر يقظة لتمكنت من تفاديها».

وبصدور كتاب «وقائع سنوات الدم» تكون المكتبة الجزائرية قد زادت كتابا آخر يصنف ضمن دائرة «كتب الأزمة» لدراسة وقائع وظروف الحرب الأهلية الجزائرية التي كانت مادة دسمة لتصفية حسابات خاصة بين رجال المؤسسة العسكرية، أقوى المؤسسات في البلاد، أما الحقيقة ووفقا للكثيرين لا تزال بعيدة، وخصوصا في ظل الكتابات الحالية التي كان السبب الرئيسي فيها هو الطلبات التي تقدمت بها الكثير من دور النشر الفرنسية مقابل عوائد مالية مجزية.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/334716.html