العدد: 396 | الإثنين 06 أكتوبر 2003م الموافق 09 شعبان 1424هـ
عش الدبابير ومقاومته المبرمجة بكل بسالة للاحتلال
تعرضت محافظة جنين ومخيمها على وجه الخصوص لعشرات العمليات العدوانية الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى التي تفجرت منذ 29 سبتمبر /أيلول 2000، من قبل قوات الاحتلال المدعومة بالطائرات والدبابات على مدار السنوات الثلاث الماضية من عمر الانتفاضة، فقد تم اجتياح مدينة ومخيم جنين وبلداتها وقراها لأكثر من 374 مرة.
وقدمت محافظة جنين خسائر مادية وبشرية جسيمة، فيما قاوم أبناؤها العدوان الإسرائيلي المبرمج بكل بسالة وبطولة، واعتبرها وزير الدفاع شاؤول موفاز (عشا للدبابير)، وكان من أقسى الحملات العدوانية على مدينة ومخيم جنين ما قامت به قوات الاحتلال في تاريخ 3 مارس 2002 إذ توغلت في مخيم جنين وعبرت المنازل عن طريق هدم الجدران من منزل إلى آخر. أما عملية السور الواقي للأراضي الفلسطينية ومدنها في 3/4/2002، فقد كانت هذه العملية من أقسى العمليات الضخمة، دبابات وجرافات وطائرات ومدافع وآلاف الجنود حاولت اقتحام المدينة ومخيمها، ولم تتمكن من الاقتحام إلا بعد تدمير 445 منزلا في المخيم واستشهاد 74 مناضلا فلسطينيا، جاهدوا الآلة العسكرية لمدة 11 يوما.
وقدمت محافظة جنين نحو 333 شهيدا وشهيدة منهم 54 طفلا، و2157 جريحا 20 منهم أصيبوا بإعاقات دائمة، ونحو 200 معتقل وتدمير ونسف 999 منزلا تدميرا كليا منها 435 منزلا في مخيم جنين في عملية السور الواقي (معركة جنين والمخيم) البطولية، كذلك تم إلحاق أضرار جزئية وبالغة بـ 3930 منزلا في مناطق المحافظة والمدينة كافة ماعدا المخيم الذي بلغ عدد منازله المتضررة 2660 منزلا. كما تم تدمير جميع مباني ومنشآت الأجهزة الأمنية ومبنى المحافظة بواسطة صاروخ «إف-16»، وإصابة 32 مدرسة بأضرار ونحو عشرة مساجد واقتحام وتدمير 12 مؤسسة حكومية رسمية وإنزال خسائر مادية جسيمة بالحياة الزراعية بأشكالها كافة وتدمير 27 منشأة تجارية وصناعية، وإصابة نحو 722 محلا تجاريا وتفجير أبوابها.
بالإضافة إلى ذلك، دمرت قوات الاحتلال مشروعات البنية التحتية في مدينة ومخيم جنين بالكامل من شوارع وشبكات مياه وكهرباء ومجار وأرصفة ومواصلات واتصالات ومحولات كهربائية ومحطة الإذاعة والتلفزيون الفلسطيني. وفي أواسط العام 2002 شرعت سلطات الاحتلال ببناء السور «الجدار الفاصل» من قرية سالم شمال غربي المحافظة حتى بلدة كفر قاسم جنوبا. وبحسب معطيات وزارة الحكم المحلي في جنين، فقد صادرت سلطات الاحتلال بهذا الإجراء نحو 70 ألف دونم داخل المنطقة «العازلة»، و40 ألف دونم داخل «الجدار الفاصل»، وإن عرض الجدار يتراوح ما بين 30 و 300 متر، والمتوسط 100 متر، وبلغ طوله نحو 2,48 كم (وبلغت مساحة الجدار وحرم هذا الجدار نحو 4820 دونما) وبلغ طول المنطقة العازلة نحو 30 كم من قرية زبوبا شمالا حتى قرية ظهر العبد جنوبا.
وبلغ عدد السكان الفلسطينيين الذين أصبحوا معزولين داخل هذا الجدار نحو 12 ألف نسمة، في برطعة الشرقية وأم الريحان وظهر المالح وقرية عبدالله اليونس والمنطار وغرب جنين. وأقامت سلطات الاحتلال شوارع «التفافية» غرب محافظة جنين، وصادرت مئات الدونمات ودمرت مئات أشجار الزيتون واللوز، وسط توسع استيطاني متسارع في «مستوطنات شاكيد، موفودوا، دويمان وحنانيت، شاكيد، حرميش وحوميش» المقامة على أراضي المواطنين المحتلة، إذ صادر الاحتلال مئات الدونمات وأقام الوحدات الاستيطانية والمناطق الصناعية عليها.
وقال رئيس بلدية جنين وليد أبو مويس:«إن الانتفاضة تقف الآن على عتبة السنة الرابعة وهذه المرة كفيلة بأن تشكل مسرح حوادثها ورقة إقناع لعالم يغط في نوم عميق، وأنه على رغم الدمار والألم في فلسطين، وعدم التكافؤ في ميزان القوى في المنطقة، فإن ثلاث سنوات من النضال والصمود وشلال الدم الذي سال يجب أن تكون كفيلة وقادرة على تغيير المفهوم السياسي العنجهى الإسرائيلي. وأعرب عن أمله في هذه المناسبة أن يكون هناك صوت مسموع لدى كل الدول المحبة للسلام في منطقتنا وأن يشكلوا ضغطا لوقف شلال المجازر الدموية التي تقترفها الحكومة الإسرائيلية».
من جهته، قال أمين سر حركة فتح في جنين، قدورة موسى:«إن جنين تتعرض لمجزرة ضد الإنسان والشجر والحجر بكل تفاصيله السياسية والاجتماعية والاقتصادية والزراعية وغيرها، في هجمة مبرمجة بدأت بتدمير واجتياح المخيم ومدينة جنين والريف الفلسطيني في محافظة جنين».
وأكد استمرار النضال الفلسطيني وقال: «سنبقى نناضل كمناضلي حرية حتى إقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس».
وعن هذه الذكرى، أوضح عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، جمال الشاتي أن هناك حقيقة ساطعة تجلت خلال هذه الانتفاضة وهي أن الشعب الفلسطيني قادر على النهوض على رغم كل الظروف الصعبة والقاسية المحيطة به وأنه قادر على مواجهة التحديات مهما كان مصدرها أو قوتها، وأن الاحتلال لا يستطيع حسم الصراع من الناحية العسكرية ضد الشعب الفلسطيني.وأضاف أن كل متابع للانتفاضة من بدايتها حتى الآن يستطيع أن يشاهد ويلمس أن كل ممارسات الاحتلال لم توقف الشعب الفلسطيني عن مقاومة المحتل على رغم حال المد والجزر في أشكال المقاومة، وهناك أمثلة كثيرة على امتداد الوطن تؤكد قدرة هذا الشعب على مواصلة نضاله لنيل حقوقه الوطنية.
وأعرب عن اعتزازه بالمواقف البطولية للشعب وخصوصا محافظة جنين التي مازالت حتى الآن تقاوم المحتل بكل ما أوتيت من قوة، ضاربة المثل الأعلى للمقاومة الفلسطينية، وتابع قائلا: «هذه المحافظة بقراها ومدينتها ومخيمها البطل استطاعت أن تلقن الاحتلال دروسا في المواجهة والتحدي والتصدي للاحتلال».
وأوضح أن هذا كله لا يمنع الفلسطينيين من تقييم الأداء النضالي عبر السنوات الثلاث الماضية على قاعدة تحسين الأداء بما يخدم الانتفاضة وأهدافها والمصلحة العليا للشعب الفلسطيني، ومن هنا لابد من السعي باتجاه «عقلنة» السلوك النضالي بإباء وشموخ وطني
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/343774.html