العدد: 855 | الجمعة 07 يناير 2005م الموافق 26 ذي القعدة 1425هـ
الخوف الإسرائيلي من تهريب أسرار باكستان النووية
البائع واحد والمشتري عشر دول عربية وإسلامية!
تتخوف "إسرائيل" من تهريب أسرار باكستان النووية إلى ايران، وسورية، ومصر، والسعودية، والسودان، وماليزيا، وإندونيسيا، والجزائر، والكويت، وأبوظبي. وقالت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2004 في مقال تحت عنوان "ملعب نووي جديد"، لرؤوبين بدهتسور، إن غض أميركا لبصرها عن باكستان وعدم كشف شبكة التهريب التي قادها عبدالقادر خان يشير الى ان "اسرائيل" لن تكون اللاعب النووي الوحيد في الشرق الاوسط.
وأضافت ان كل الأنظار موجهة نحو ايران التي تحاول خداع الدول الاوروبية ومواصلة مشروعها التسلحي النووي، ولكن الحقيقة هي ان الخطر الأكثر ملموسية لتسريع وتيرة نشر السلاح النووي يوجد في باكستان على مسافة غير بعيدة من طهران، وأحد عشر شهرا مرت منذ ان اعتقل عبدالقادر خان على يد سلطات بلاده بتهمة ادارة شركة دولية سرية لبيع الاجهزة التكنولوجية النووية، إلا ان السلطات الباكستانية لم تسمح حتى اليوم للمحققين الاميركيين أو الاوروبيين بمساءلته والرئيس الباكستاني، برويز مشرف، الذي سارع لمنح العفو لمن يطلق عليه لقب "أبوالذرة النووية" الباكستانية، اشتكى في مقابلة مع الـ "سي. ان. ان" من أن طلب خبراء وكالة الطاقة النووية الدولية للتحقيق مع خان يشير الى عدم ثقتهم بباكستان.
على هذا النحو يواصل الرئيس الباكستاني المهان الدفاع بكل ما أوتي من قوة عمن يبدو أكبر وأخطر منفلت في أي وقت من الاوقات للتكنولوجيا النووية "نحن نستطيع بأنفسنا ان نخضعه للتحقيق بأفضل صورة"، قال مشرف للصحافيين الاميركيين في تلك المقابلة من دون ان يبتسم ولا يوجد شك تقريبا في ان مشرف كان على علم بخطوات خان نظرا لحجمها الهائل وطابعها غير القانوني وبعض الصفقات المعقودة نفذت بواسطة سلاح الجو الباكستاني الذي قام بنقل العتاد الذي باعه خان للدول ذات العلاقة، ومشرف فضل غض بصره وإثراء خزينة دولته من أرباح شبكة خان الذرية، ورفع مكانة باكستان في أوساط الدول الاسلامية التي كان بعضها من زبائن خان.
وبينت الصحيفة ان الحصانة التي تمتع بها خان جاءت من علاقة الاعتماد التي اتبعتها اميركا تجاه الرئيس الباكستاني الذي كان حليفا مهما لواشنطن في مكافحة الجنود الاميركيين للارهاب العالمي وخصوصا في ملاحقة اسامة ابن لادن وجماعته في افغانستان... وبوش قال عن مشرف انه زعيم ذو عزم ومصمم على محاكمة كل من ألحقوا الأذى بأبناء شعبه وليس اسامة بن لادن فقط والجنرال مشرف الذي حصل على الحكم من خلال انقلاب عسكري عرف من قبل بوش بهذه الطريقة عندما التقى الاثنان معا في البيت الابيض قبل أسبوعين.
الادارة الاميركية تحول دون - من خلال هذه العلاقة التفضيلية، - تبديد الضباب الذي يلف تجارة خان النووية ولا تسمح بملاحقة ومراقبة قناة نشر التكنولوجيا النووية التي فتحها في أرجاء العالم واكتشافها وتفاصيل صفقات خان غير معروفة، إلا ان قائمة الزبائن مذهلة جدا: ايران، سورية، مصر، السعودية، السودان، ماليزيا، اندونيسيا، الجزائر، الكويت، أبوظبي، وحتى كوريا الشمالية الشيوعية وميانمار البوذية اللتان تمتعتا من البضائع التي وزعها العالم الباكستاني بكرم وسخاء وهذا من دون ان نتأكد طبعا من عدم وجود أسماء اخرى في القائمة الكاملة الحقيقية.
ليس واضحا، كما أسلفنا، من الذي اشترى ماذا، ولكن الدليل على جودة بضاعة خان يأتي من خلال الدقة والتصميم اللذين يفسران عملية انتاج قنبلة نووية بقوة 10 كيلوتون التي اكتشفت في ملفات المشروع النووي الليبي أمام مراقبي وكالة الطاقة النووية في مطلع هذا العام، وبعد ان قررت ليبيا تفكيك مشروعها النووي فقط وضع العلماء أياديهم على المعلومات الهائلة التي توصلهم الى خان مباشرة تبين هناك ان خان قد باع الليبيين، الى جانب تصاميم القنبلة صينية المصدر على ما يبدو، اجهزة للطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم.
وقالت الصحيفة ان الامر الأدهى من ذلك في كل هذه القضية المؤسفة هو ان اعتقال خان في الباكستان لم يضع حدا لتحركات شبكة التهريب السرية التي كان على رأسها، نائب وزير الدفاع الاميركي جون بولتون، الذي يعمل في مجال انتشار السلاح، قال قبل مدة غير بعيدة ان الشبكة مازالت تملك زبائن غير معروفي الهوية، وان في هذه القضية أمور أكبر مما يمكننا ان نتداوله علنيا.
على هذا النحو بقيت اسئلة مفتوحة كثيرة وعلى سبيل المثال: هل اشترت منظمات مستقلة من العالم الباكستاني معلومات وعتاد نووي؟ وهل منظمة القاعدة هي احدى هذه التنظيمات؟ وأية دول اشترت من الباكستان تصاميم لانتاج اجهزة الطرد المركزي غير كوريا الشمالية وايران وليبيا؟.
قضية خان تدلل مرة اخرى على ان اجهزة الاستخبارات المتطورة تفشل مرارا وتكرارا في محاولاتها اكتشاف تحركات الدول المختلفة في المجال النووي ومثلما فشلت خيرة هذه الاجهزة في كشف المشروع النووي العراقي قبل حرب الخليج، ها هي تفشل الآن في متابعة المشروع النووي الليبي، وعجزت عن كشف جزء مهم من عناصر المشروع الايراني، بالاضافة الى فشل المخابرات الاميركية في اكتشاف حجم تحركات خان في المجال النووي طوال ثلاثة عقود كاملة.
القضية ملزمة بإشعال عدة أضواء حمراء في "اسرائيل" وجزء ملموس من زبائن خان موجود في الشرق الاوسط، وعليه، يحتمل ألا تكون ايران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك مشروعا نوويا ويحظر ان ننسى ان الاستخبارات الاسرائيلية ايضا كانت قد فشلت في اكتشاف المشروع النووي العراقي في الثمانينات وفي اكتشاف المشروع الليبي في التسعينات والدرس المستفاد هو ان على الدول الغربية و"اسرائيل" ألا تعتمد فقط على مساعي وكالة الطاقة النووية وحدها وعلى "اسرائيل" ايضا ان تستعد للشرق الاوسط الجديد الذي لا تكون هي اللاعب النووي الوحيد فيه
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/444572.html