العدد: 1077 | الأربعاء 17 أغسطس 2005م الموافق 12 رجب 1426هـ

بانتظار فبراير 2006 موعد البدء بمشروع التطوير

سوق باب البحرين... وعود التحديث وهواجس التجار

هي ليست مأساة سوق. .. بل مأساة جزء من تاريخ مدينة وبلد بأكمله عندما يتعرض للاهمال وأصبح مركز المدينة وسوقها الشعبي الذي لطالما كان أحد المعالم الرئيسية لزائري البحرين والمركز التجاري لقاصدي التبضع، مجرد أزقة تخلو من المشاة وتجار كسدت بضائعهم وغدوا يتقاسمون الشكوى في سوق يحمل اسم باب البحرين.

وعلى رغم الوعود التي أطلقت سابقا عن تحديث سوق باب البحرين وكذلك التصريحات التي صدرت أخيرا من وزير البلديات والزراعة علي صالح الصالح عن البدء في مشروع تحديث السوق في شهر فبراير/ شباط المقبل والانتهاء منه في العام 2007 الا ان الكثير من علامات الاستفهام تدور في اذهان تجار السوق عن مستقبل محالهم والأجور التي سيقمون بدفعها فيما لو تحقق الحلم وعاد باب البحرين الى دائرة المنافسة.

منافسة

الحال هو ذاته منذ اعوام... فالجميع هنا يجمع ان أزقة السوق وواجهات المحلات لم تخضع لأي تحديث أمام التطور الذي تشهده المجمعات التجارية الحديثة مثل السيف والبحرين والدانة. فبلاشك ان هذه المجمعات وفرت للزائر امكانية التسوق وقضاء أوقات ترفيهية من خلال المطاعم الحديثة ودور السينما ومراكز العاب الأطفال والأهم مواقف السيارات... أين باب البحرين من كل هذه الامكانات؟

"الوسط" بدورها تركت لعدسة الكاميرا رصد واقع سوق باب البحرين... بأزقته المنسية ومحاله التي تترقب الزائر... ورونقه الذي بات في طي النسيان أمام الهجرة الجماعية نحو المجمعات الحديثة.

وعود لم تتحقق

مدير المبيعات في متجر لبيع الالكترونيات امتياز فريد يرى ان مشكلة السوق تكمن في عدم توافر أي مواقف للسيارات ما يقلل الفرص أمام الزائر لزيارة سوق البحرين، كما يقلل الفرص أمام السوق لمنافسة أية محال خارج السوق... فالجميع "بحسب وجهة نظر فريد" يفضلون الذهاب الى محال تتوافر امامها مواقف سيارات بدلا من المخاطرة بالحصول على مخالفة مرورية في باب البحرين.

يقول فريد: "في مختلف دول العالم نجد ان الأسواق الشعبية توفر مواقف للسيارات وأماكن ترفيهية كالمقاهي والمطاعم التي توفر المرطبات. لكن هنا الحال مختلف تماما. لا توجد مواقف ولا مقاه ولأي عنصر يشجع الزائر للقدوم الى باب البحرين وفيما اذا قرر الزائر القدوم الى هنا فسيتحمل معاناة البحث عن موقف سيارات أو يخرج بمخالفة مرورية اذا، من يرغب بذلك؟ وهناك مجمعات تجارية توفر كل ما يحتاجه المتسوق. ويضيف: الجميع هنا متفقون على ضرورة تحديث السوق.

65عاما... ومستقبل مجهول

عبدالرضا الذي يعمل في متجر لبيع الألبسة مضى على افتتاحه أكثر من 65 عاما يرى ان تحديث السوق ضرورة لا يمكن إهمالها بعد كل ما تعرض له تجار السوق من خسائر ولكنه بنفس الوقت ابدى تخوفه من المستقبل المجهول بعدما تردد عن رفع إيجار المحلات فيما لو تم الانتهاء من مشروع التحديث.

يقول عبدالرضا: ``بالتأكيد نحن لانعتمد على الزبون الجديد لان امكانات استقطاب هذه النوعية من الزبائن تبدو شبه مفقوده بالنسبة إلى باب البحرين، لذلك نعتمد على الزبون "المتعني" أي الذي اعتاد الشراء من متجرنا وهذا كله بسبب افتقاد السوق لمواقف السيارات التي تعتبر العائق الأساسي أمام مستقبل باب البحرين".

عبدالرضا اكد لنا ان إدارة المحل كانت قررت اغلاق المحل بسبب عدم القدرة على استيراد البضائع بسبب ارتفاع أسعارها وقلة الاقبال من الزائرين على السوق والأكثر ان مستقبل المتجر أصبح شبه مجهول بعدما تردد عن ارتفاع أجور المحال بعد الانتهاء من مشروع التحديث.

يقول عبدالرضا: "لم نستطع سداد قيمة البضائع التي قمنا بأستيرادها بسبب قلة الاقبال، لذلك لجأنا الى خفض أسعارها وبيعها بخسارة لنتمكن من دفع المبالغ المترتبة علينا. ما يحدث معنا ليس حالا فردية بل جميع التجار هنا لديهم معاناتهم من حيث عدم القدرة على سداد الالتزامات المادية".

يؤيد عبدالرضا محدثي السابق عن ضرورة تحديث السوق وتوفير مرافق عامة تزيد من فرص قدوم السياح والمواطنين للسوق لكنه بنفس الوقت يبدى تخوفه من ما قد يترتب عليه من رفع أجور المحال.

يقول: "لقد سمعنا وعودا كثيرة بشأن تحديث السوق وفي كل مرة كان هناك تمديد للموعد الزمني الذي سيتم البدء من خلاله في مشروع التطوير وهذه الوعود أصبحت شيئا اعتياديا يضاف الى رصيد معاناتنا".

ويضيف: "قبل عامين جاءت مجموعة من المهندسين واجروا بعض الاختبارات على عمر الابنية الموجودة في السوق واكدوا ان الابنية بحالة جيدة والأهم ان هذه الأبنية القديمة هي احدى سمات الخصوصية في باب البحرين لذلك أي تحديث يجب الا يخرج عن الأطار التراثي لهذا السوق".

انذار

يؤكد عبدالرضا ان متجره تلقى انذارا بالاخلاء قبل شهر فبراير المقبل ما يضعه امام تساؤل الى اين يذهب بحثا عن لقمة العيش؟

يقول عبدالرضا: "لو قمنا باخلاء المحل الى اين نذهب وليس هناك أية تعويضات نتلقاها لكي نتمكن من فتح محل في مكان آخر... هل يعقل بعد 65 عاما ان نلقى بالشارع هكذا دون أية اعتبارات؟ والأكثر ان بعض المسئولين اكد لنا ان ايجار المحل فيما لو قررنا العودة الى السوق بعد اعمال الترميم سيتضاعف بشكل كبير مما هو عليه الآن".

باب البحرين، أم باب بومبي؟

بهذه العبارة حميد جعفر بدأ لنا الذى توارث حرفة اجداده الذين بدأوا تجارتهم منذ 60 عاما في بيع العباءات النسائية والأزياء الشعبية.

يقول: "مضى على عملي في السوق 20 عاما واستطيع تلمس الفرق الكبير في عملية الاقبال وكمية البضائع التي تباع سواء من متجرنا أو المتاجر المجاورة... هذا السوق كان يشكل بوابة البحرين فعلا بالنسبة إلى الزائر الخليجي أو الأجنبي بشكل عام، ولكن أمام اهمال السوق وتوافر الاسواق الحديثة فقد هذا السوق قدرته على استقطاب الزبائن كما يحدث في المجمعات.. لكن على رغم ذلك لا زال السوق يحتفظ بسمعته كسوق شعبي يمثل العراقة بالنسبة إلى تاريخ المدينة القديم".

ويضيف: "للأسف عدم توافر مواقف السيارات قلل من الزوار ودفع بالتاجر البحريني للخروج من هذا السوق والذهاب الى المجمعات الحديثة، لذلك تجدون ان غالبية المحال التجارية يملكها فعليا تجار آسيويون بفعل استئجار السجل التجاري أو يعملون بها لصالح تاجر بحريني فضل استقدام عامل أجنبي لمتابعة شئون متجره. وهذا العنصر أيضا افقد السوق الكثير من حيويته لأن الزبون الخليجي أو السائح يفضل التعامل مع تاجر بحريني وليس عامل آسيوي. وهنا لا نستطيع لوم البحريني الذي يتحمل التزامات مادية قد لا يتحملها الآسيوي بنفس المستوى".

يرى جعفر ان بعض التجار البحرينيين الصغار فضلوا الحصول على وظيفة في القطاع العام أو الخاص بدلا من الاستمرار في تجارتهم التي كبدت الكثير من الخسائر.

يقول جعفر: "اعرف الكثير من التجار الصغار الذين فضلوا الوظيفة على التجارة على رغم ان التجارة عمل مبارك ولها فوائدها، ولكن منافسة الاجنبي وقبوله بالأجر الأقل وبيعه بالسعر الأقل قلل من فرص البحريني في هذه المنافسة. فالبحريني لديه التزاماته وبنفس الوقت ما ينفقه من مصاريف شخصية تختلف كثيرا عن ما ينفقه العامل الأجنبي".

ويضيف: "لقد كان هناك اعتماد كبير على الزبون الخليجي، ولكن هذا الزبون لم يعد زائرا دائما لهذا السوق لأن الاسواق في بلده تطورت بشكل كبير وحتى التصاميم الخاصة بالازياء الشعبية تطورت هي الأخرى وهذا قلل من فرصنا باستقطاب الزبون. للأسف الجميع يتطور وباب البحرين لازال يرضخ امام الوعود!

على الانتظار

اخيرا باب البحرين مازال على حاله منذ سنوات وعلى رغم ما اعلن عن مشروعات للتطوير والتجديد والتحديث فإن هذه السوق القديمة وتجارها ومرتاديها ينتظرون ان تدخل هذه المشروعات حيز التنفيذ. وان يروا سوقهم العتيقة وقد ازدانت وأصبحت أكثر جمالا واستقطابا للسواح والمتبضعين


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/486417.html