العدد: 1467 | الإثنين 11 سبتمبر 2006م الموافق 17 شعبان 1427هـ
«مؤتمر المنامة»:
لا استقرار إلا بتخلي «إسرائيل» عن ترسانتها
أوصى المشاركون في مؤتمر «مخاطر وتداعيات الانتشار النووي» الذي اختتم أعماله مساء أمس في المنامة برفض وجود أسلحة نووية في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك منطقة الخليج العربي لما لهذا من تأثيرات خطيرة على السلم والأمن الإقليميين، وأكد المؤتمر أن الأمن والاستقرار لن يتحققا إلا إذا تخلت «إسرائيل» عن ترسانتها العسكرية النووية، وانضمت أسوة بباقي دول المنطقة إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأخضعت منشآتها النووية لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ضاحية السيف - علي العليوات
أكد المشاركون في مؤتمر «مخاطر وتداعيات الانتشار النووي» الذي اختتم أعماله مساء أمس ضرورة التوصل إلى ترتيبات إقليمية ودولية في إطار جهود حل أزمة الملف النووي الإيراني، مع أهمية إشراك الجانب العربي في جهود حل هذه الأزمة بالطرق السلمية.
وجاء في التوصيات التي خرج بها المؤتمر أن المشاركين يؤكدون رفض وجود أسلحة نووية في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك منطقة الخليج العربي لما لهذا من تأثيرات خطيرة على السلم والأمن الإقليميين، وأكد المؤتمر أن الأمن والاستقرار لن يتحققا إلا إذا تخلت «إسرائيل» عن ترسانتها العسكرية النووية، وانضمت أسوة بباقي دول المنطقة إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وأخضعت منشآتها النووية لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وطرح المؤتمر ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في جنوب غرب آسيا التي تشمل دول مجلس التعاون الخليجية، بالإضافة إلى إيران واليمن والعراق وسورية ولبنان والأردن و«إسرائيل»، على أساس أنه يمكن تمديد هذه المنطقة نحو إفريقيا وبشكل مترابط في إطار ترتيبات للأمن ونزع الأسلحة النووية من المنطقة.
وأكد المؤتمر أن الحل الأمثل لمشكلة الانتشار النووي في الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج يكمن في اتباع المعالجة الإقليمية الشاملة التي تحقق الأمن لجميع دول المنطقة وذلك من خلال السعي إلى دعم وتبني المجتمع الدولي للمبادرة العربية لجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها الأسلحة النووية. وشدد المؤتمر على ضرورة استمرار الحوار الحر البناء من خلال عقد لقاءات وحوارات إقليمية في بلدان الشرق الأوسط والخليج تجمع صناع القرار ومراكز البحث والفكر، وذلك للبحث في الآليات والاشتراطات العملية لإنشاء مثل هذه المنطقة.
وأوصى المؤتمر بضرورة اهتمام الدول العربية بما فيها الخليجية بإعداد كوادر علمية في المجال النووي المدني وتدريب العاملين في هذا المجال على احتياطات الأمان والوقاية الواجب اتخاذها.
أشاد وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بجهود موظفي وزارة الداخلية التي تكللت بنجاح مؤتمر «تداعيات ومخاطر الانتشار النووي» الذي نظم بالتعاون مع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، وأشار الوزير في كلمته في ختام فعاليات المؤتمر مساء أمس إلى أن موظفين تابعين إلى وزارة الداخلية تم نقلهما إلى المستشفى إثر التعب والإعياء الذي أصابهما من جراء المشاركة في التنظيم للمؤتمر. يذكر أن الموظفين هما رئيس العرفاء عيسى بوجيري والموظف في الوزارة ناصر السعدون.
ضاحية السيف - علي العليوات
تواصلت يوم أمس (الاثنين) ولليوم الثاني على التوالي بفندق الريتز كارلتون أعمال مؤتمر «مخاطر وتداعيات الانتشار النووي» بمشاركة نحو 250 مختصاً في مختلف المجالات، وذلك تحت رعاية رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بتنظيم من وزارة الداخلية وبالتعاون مع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية.
وشهد يوم أمس الأول (الأحد) انطلاق أعمال المؤتمر بكلمة للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الذي دعا خلالها إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتدشين مشروع نووي عربي مشترك، واعتبر ذلك «ضرورة ملحة بالنسبة إلى الوطن العربي». وأشار العطية إلى أن «قلق دول الخليج العربي من الملف النووي الإيراني هو قلق مبرر وحقيقي، على اعتبار أن دول الخليج العربي هي دول جوار جغرافي مباشر لإيران، وتعيش معها في مجال بيئي وجيولوجي مشترك».
من جهته، رأى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمة ألقيت عنه في المؤتمر بسبب اعتذاره عن الحضور أن «الملف النووي الإسرائيلي هو الأخطر على المنطقة».
إلى ذلك، انطلقت يوم أمس جلسة العمل الثالثة في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحاً بعنوان «تقييم القدرات والبرامج النووية في المنطقة العربية وجوارها»، وتضمنت هذه الجلسة أربع أوراق، وتحدث فيها المهندسة السورية مها عبدالرحيم، الاستاذ الجامعي الكويتي محمد السيدسليم، الخبير المصري محمد السعيد، الاستاذ الجامعي الأردني أحمد نوفل، فيما ترأس هذه الجلسة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات عبدالخالق عبدالله.
بحثت الورقة الثالثة التي أعدها الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية محمد السعيد البرنامج النووي الإيراني، الذي أشار إلى أن «الاشكال الأساسية في أزمة الملف النووي الإيراني تتركز في الفجوة المتسعة بين موقف إيراني يرتكز على حق قانوني مطلق بامتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية ويبدي استعداده للالتزام بجميع مطالب الشفافية والتفتيش، ومواقف أخرى قد تتباين بعض الشيء ترى أن المشكلة تتعلق بحقيقة الدوافع الإيرانية من الأنشطة النووية. هنا تحرص هذه المواقف على تجنب الحديث عن مسألة «الحق» الإيراني، وتركز على «الدوافع» وتشكك في «النوايا» الإيرانية، ومن ثم أخذت الأزمة أبعاداً أخرى سياسية وغير سياسية، منذ أن باتت معروضة على جدول أعمال الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ العام 2003».
وذكر أن «الأزمة تفاقمت بفعل التشابك بينها وبين الكثير من القضايا الخلافية الأميركية والإيرانية، وفي مقدمتها القضايا الأربع الجوهرية التي حددتها الصيغة المعدلة لاستراتيجية الأمن القومي الأميركي الصادرة في مارس/ آذار الماضي، وهي السعي إلى امتلاك برنامج نووي، وتهديد (إسرائيل)، ودعم منظمات إرهابية (حزب الله في لبنان، وحركتي حماس والجهاد في فلسطين)، وتخريب العملية الديمقراطية في العراق. ففي كل مرة كانت تحتدم أزمة الملف النووي الإيراني بين الولايات المتحدة وإيران كانت الأخيرة تتحدث عن (إسرائيل)، والعداء الإيراني لها وعدم الاعتراف بها، ودعم المنظمات الإرهابية المناوئة لما تسميه واشنطن بالعملية السياسية».
وتابع قائلاً: «الآن يزداد تفاقم الأزمة وبعنف، بعد المواجهة الأميركية - الإيرانية غير المباشرة في لبنان (حرب الأيام الثلاثة والثلاثين بين إسرائيل وحزب الله)، وبعد اتهامات أميركية متزايدة ضد إيران بأنها تضغط على منظمات شيعية للانخراط في عمليات إرهابية ضد القوات الأميركية».
وتوقع السعيد أن «تؤدي أية مواجهة محتملة بين الولايات المتحدة وإيران إلى تداعيات خطيرة على المستويين العالمي والإقليمي، بمعنى أن أصداءها لن تقتصر فقط على المستوى الإقليمى بل ستمتد إلى المستوى العالمي كونها تعبر عن إرادة أميركية متفردة ولا تعكس توافقاً عالمياً. فإذا كان إقليم الخليج خصوصاً وإقليم الشرق الأوسط على وجه العموم وفي قلبه عالمنا العربي سيكون معرضاً لتداعيات عنيفة من جراء سيناريو العقوبات التي تفرض على طهران سواء كانت صادرة عن توافق عالمي من مجلس الأمن أو صادرة عن تحالف أميركي من خارج مجلس الأمن، فإن النظام العالمي ومعه الشرق الأوسط والخليج سيتعرض لتداعيات خطيرة في حال سيناريو الحل العسكرى أو سيناريو احتواء إيران، أي سيناريو الحرب الممتدة طويلة المدى، من بين هذه التداعيات العالمية التي يمكن أن تحدث، تفكك الرابطة الأطلسية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كرد فعل للتفرد الأميركي بفرض مقاطعة مرفوضة على إيران أو بشن الحرب، نظراً إلى أن أوروبا ستكون أول من سيدفع أثمان تفجير أزمة نفطية عالمية، وتدهور الاستقرار السياسي في الخليج والشرق الأوسط. بالإضافة إلى التعجيل بظهور روسيا كقوة عالمية منافسة للقوة العظمى الأميركية ووضع حد لنظام الأحادية القطبية. إلى جانب امتلاك الصين مبررات قوية للتمرد على الولايات المتحدة، والانحياز لخيار لجوء إيران إلى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في حال لجوء إيران إلى مثل هذا الخيار للرد على السياسة العدوانية الأميركية متبنية الخيار الكوري، وهنا يمكن أن تدعم الصين جبهة كورية - إيرانية في خطوة قد تحدث اهتزازاً خطيراً في توازن النظام العالمي في حال حدوثها. أما التداعيات الإقليمية فستكون أشد عنفاً وبالذات لارتباط سيناريوهات الصدام الأميركية بمشروع الشرق الأوسط الجديد والحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد ما تسميه واشنطن بمحور الشر الذي يضم سورية وإيران ومنظمات المقاومة اللبنانية (حزب الله) والفلسطينية (حركتي حماس والجهاد) وهو المشروع الذي يرمي إلى إنهاء ارتباط مصطلح الشرق الأوسط بالصراع العربي - الإسرائيلي لصالح ربطه بصراعين بديلين يتوارى بسببهما الصراع العربي - الإسرائيلي هما: الصراع العربي - الإيراني، والصراع السني - الشيعي، إذ يمكن فرض ما سمي بسيناريو الفوضى البناءة في الشرق الأوسط بهدف إعادة رسم الخرائط السياسية بمعنى إعادة رسم حدود الدول على أسس جديدة طائفية وعرقية تحت دعوى تحقيق المزيد من الاستقرار، والهدف هو خلق شرق أوسط جديد تسيد فيه (إسرائيل) وتصبح القوة الإقليمية القائدة».
وبيّن السعيد أنه «ضمن هذا الإطار يمكن تصور التداعيات الإقليمية المحتملة لسيناريو الحل العسكرى وسيناريو احتواء إيران إذ يرتكز هذا السيناريو على دور خليجي وعربي مميز بما يمكن أن يؤول في النهاية إلى تفجير صراع عربي - إيراني وصراع آخر فرعي سني - شيعي يقضي على جميع عوامل النهضة والاستقرار في المنطقة».
تناولت الورقة الأولى التي قدمتها رئيسة مكتب الضمانات في هيئة الطاقة الذرية السورية مها يوسف عبدالرحيم القدرات النووية الإسرائيلية، وذكرت عبدالرحيم أن «الاستراتيجية النووية الإسرائيلية تعتمد على سياسة التعتيم، وتنطلق من مبدأ وجوب حماية وجود (إسرائيل) كهدف مطلق مادامت تشعر أن وجودها في المنطقة معرض للخطر، وهو ما صرح به عضو الكنيست إفرايم سينييه في صحيفة (هارتس) في العام 1998 عندما قال إن التعتيم النووي مازال يشكل أقوى رموز الردع، وإن أي تدخل أو رقابة أجنبية تعني التجرد من الردع الوحيد الذي تمتلكه (إسرائيل)».
ورأت المتحدثة أن «الولايات المتحدة الأميركية تقف كداعم للبرنامج النووي الإسرائيلي، وتتعامل معه بطريقة متميزة تخدم من خلالها أولاً مصالحها في المنطقة بشكل رئيسي، ومن ثم المصالح الإسرائيلية».
وحذرت عبدالرحيم من أن استمرار رفض «إسرائيل» الانضمام إلى معـاهدة عـدم انتشار الأسلحة النووية، وغياب الرقابة الدولية عن النشاطات النووية الإسرائيلية يؤديان إلى تعريض الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط إلى خطر محتم ناجم عن التسرب الإشعاعي من المواقع النووية الإسرائيلية وخصوصاً موقع ديمونة في منطقة صحراء النقب الوسطى، إذ يبعد نحو 35 كيلومتراً عن بئر السبع شرقاً.
إلى ذلك، رصدت المتحدثة بعض المخالفات الإسرائيلية في استخدام الأسلحة المحظورة دولياً، من قبيل استخدام عنصر اليورانيوم المستنفد في أسلحتها، وقد تقدمت هولندا باحتجاج شديد اللهجة لـ «إسرائيل» التي كادت أن تسبب كارثة بيئية في أمستردام، بل وعرضت مواطنيها لمخاطر التلوث الإشعاعي والسام نتيجة لطائرة العال الإسرائيلية (بوينغ 747) التي سقطت فيها وكانت محملة بالإضافة إلى الغازات السامة والمهيجة للأعصاب، ما يزيد على 1500 كيلوغرام من القنابل المعالجة بمادة اليورانيوم، كما أكدت تقارير أميركية أن رئيس الوزراء السابق إيهود باراك أعد خطة لتلغيم حدود هضبة الجولان المتاخمة لـ «إسرائيل» بالقنابل العنقودية تحت خطة أسماها «علاقة ديفيد»، وحصل باراك من الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون على تعهد خطي بعدم معارضة هذه الخطة التي تتضمن تعبئة ألغام تنتشر بطول الحدود السورية الإسرائيلية بالقنابل العنقودية التي ستكون جاهزة للانفجار فور أية محاولة من جانب الجيش السوري لتجاوز الحدود، وهو الذي يمكن أن يكون قادرًا على غزو «إسرائيل» في مدى زمني قدره 12 ساعة حتى مع إعادة الهضبة السورية منزوعة السلاح.
ولفتت المتحدثة إلى أن «(إسرائيل) وعلى رغم صدور الكثير من القرارات الدولية المتخذة بشأن الخطر النووي، فإنها مازالت تواصل تحدي المجتمع الدولي بأسره، وتقف موقفاً سلبياً من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بل وتصر على تجاهلها لجميع قرارات الشرعية الدولية، وكان آخرها قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة في الأول من يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، الذي أكد في إحدى فقراته أهمية انضمام (إسرائيل) إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وإخضاع جميع مرافقها النووية للضمانات الشاملة التي تطبقها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحقيقاً لهدف الالتزام العالمي بالمعاهدة في الشرق الأوسط».
وخلصت المتحدثة إلى أن «اختلال التوازن الواضح في المنطقة لصالح (إسرائيل) الذي تدعمه الولايات المتحدة بشكل علني وواضح، يمثل سبباً رئيسياً لعدم الاستقرار وزيادة حدة الصراع في المنطقة، ومع ما تؤكده معظم الشواهد من امتلاك (إسرائيل) للسـلاح النووي مازالت (إسرائيل) تعمل على تهديد وتدمير أي نشاط نووي عربي أو إقليمي، بل وتسعى بمساعدة أميركية إلى التخلص من أي عالم عربي في هذا المجال كما حصل مع الخبراء العراقيين في العام 2004 الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى نسف متطلبات الأمن والاستقرار وهدم عملية السلام، ليس السلام الإقليمي في المنطقة فحسب بل الأمن والسلام العالميين».
دعا أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك أحمد سعيد نوفل إلى ضرورة إحياء وإعادة طرح الخيار النووي العربي، جاء ذلك في ورقته المتعلقة بالخيار النووي العربي.
وقال نوفل: «هذا الأمر ليس بالسهل وإن كان بإمكان العرب التغلب على الصعوبات التي تعترض ذلك من خلال امتلاك الارادة السياسية من أجل الحصول على التكنولوجيا النووية وخصوصاً أن عامل الزمن ليس في صالحهم، إذ كلما مر الوقت ساهم ذلك في تقوية القدرات النووية الاسرائيلية التي لن يستطيع العرب اللحاق بها».
ورأى نوفل أن «الحاجة تبدو ضرورية إلى اقتناع الدول العربية بخطورة التهديد النووي للأمن القومي العربي في حال عدم امتلاك قوة ردع نووية عربية تستطيع من خلالها صد أي تهديد أو عدوان نووي قد يتعرض له أي قطر عربي. كما أن تهديد (إسرائيل) باستعمال السلاح النووي لن يكون موجها ضد دولة عربية دون غيرها وإنما سيكون موجها ضد الجميع».
ودعا نوفل إلى ضرورة وجود استراتيجية عربية موحدة تنتظم من خلالها سبل التعاون العربي المشترك في المجال النووي وإعادة الروح للمؤسسات العربية المشتركة المختصة الموجودة من قبل وإيجاد مؤسسات عربية جديدة تهتم بتطوير القدرات النووية العربية وتبادل الخبرات بين الباحثين العرب، ناهيك عن الحاجة إلى وجود اتحادات ومنظمات عربية ومراكز أبحاث تهتم بقضايا الذرة والتسلح النووي، لأنها لم تعد من الأمور التي يمكن تجاهلها.
وشدد نوفل على الدور الذي يمكن أن تلعبه الجامعات العربية في فتح قنوات الاتصال بين الباحثين العرب لتبادل الزيارات والمعلومات والحاجة لاقامة قاعدة معلومات تختص بالتكنولوجيا النووية وتكثيف الاتصالات مع مراكز الدراسات الاجنبية للاستفادة منها في هذا المجال، ودعا الدول العربية للاستثمار في الأبحاث والطاقة النووية ولاسيما أنها تمتلك من الامكانات المادية ما يؤهلها لذلك، على حد قوله.
كما طالب في الوقت ذاته بممارسة ضغوط شعبية على النظام الرسمي العربي لزيادة الاهتمام من جانب الدول العربية بالخيار النووي كي يكون قوة ردع عربية في مواجهة السلاح النووي الاسرائيلي، فليس هناك خيار أمام العرب سوى أن يعيدوا من جديد بناء استراتيجيتهم على أساس امتلاك التكنولوجيا النووية باعتبار ذلك حقا لهم مثلما هو حق لـ «إسرائيل» وباكستان والهند. وهذا المسعى يجب أن يكون من دون خوف أو ارتباك من ردود فعل القوى الأخرى التي ترفض حصولهم على هذه التكنولوجيا النووية.
وأشار إلى أن حصول الدول العربية على أمنها لن يتحقق من دون امتلاك قوة الردع النووية حتى يمكن أن يلحقوا بـ «إسرائيل» التي سبقتهم في هذا المجال منذ سنوات.
تناولت الورقة الثانية التي قدمها أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبير في الشئون الآسيوية محمد السيدسليم القدرات النووية الهندية والباكستانية، إذ استعرض القدرات العسكرية لكل منهما، والعقيدة العسكرية النووية التي تنطلق منها الدولتان، وتناول تأثير امتلاك الدولتين للقدرات النووية على طبيعة التوازنات الاستراتيجية في منطقة آسيا الوسطى، وعلى الصراع بين الدولتين بشأن كشمير.
ورأى سليم أن «المشكلة النووية الهندية الباكستانية ذات دلالات مهمة وتؤثر بشكل قوي على العالم العربي عموماً وعلى دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً بحكم القرب الجغرافي بين دول المجلس وجنوب آسيا».
ولفت سليم إلى أنه «يمكن الاستفادة من الخبرة الهندية والباكستانية لامتلاك السلاح النووي عربياً من زوايا عدة، أولها ضرورة التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى في امتلاك القدرات النووية، فالهند وضعت منذ الاستقلال برنامجا ينفذ على مدى ربع قرن ينتهي بتطوير قدرات نووية، وتم تنفيذ البرنامج في موعده المحدد في العام 1974، وباكستان وضعت خطة مماثلة استطاعت أن تطبقها بصرامة على رغم الضغوط الدولية. ثانيها أهمية وجود قيادة علمية مدعومة سياسياً للبرنامج النووي، مع تطوير المقدرة الذاتية والإقلال التدريجي من الاعتماد على الخارج، وكان ذلك واضحاً في الحالين الهندية والباكستانية، وذلك لأن الدول النووية لا تعطي خبرتها إلى الدول غير النووية إلا في حالات التحالف الاستراتيجي، كما هي الحال في العلاقة بين( إسرائيل) والغرب، لكنها تحرص على احتكار المقدرة النووية ومنع الدول غير النووية من امتلاك تلك المقدرة ووضع سقف لنقل التكنولوجيا النووية إليها. ولهذا حرصت الهند وباكستان على التخلي التدريجي عن بناء المفاعلات على طريقة (تسليم المفتاح) وتطوير القدرة الذاتية على بناء المفاعلات وتصنيع المواد النووية، ما مكنهما في النهاية من امتلاك القدرة النووية. وثالثها القدرة على مقاومة ضغوط الدول الكبرى للتأثير في مسارات البرنامج النووي، فقد استطاعت الهند وباكستان أن تصمدا أمام الضغوط الدولية التي تمثلت في إلغاء الاتفاقات النووية ووقف بيع المعدات العسكرية، وتمسكت الدولتان بالهدف القومي النووي على رغم الآثار السلبية لتلك الضغوط على الاقتصاد القومي»
المصدر: صحيفة الوسط البحرينية
تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/650220.html