العدد: 4514 | الخميس 15 يناير 2015م الموافق 24 ربيع الاول 1436هـ

بعد «الإيبولا»... صبي يعود للحياة ولمجتمعه في سيراليون

لن تنسى موسو كوروما أبدا اليوم الذي أخبروها فيه أن ابنها سانفا، ذا الأربعة عشر عاما، توفي بسبب الإيبولا.

كان سانفا يدرس في الكُتاب في قرية جبونجييما، التي تبعد ساعتان مشيا على الأقدام عن قرية بيليواهون الصغيرة التي يعيش فيها. أصيب سانفا وفتى آخر بفيروس الإيبولا، ونقلا بعدها إلى عاصمة قضاء مويامبا، بو.

تقول كوروما: «سمعت من المسئولين الحكوميين أن الطفلان اللذان أصيبا بالإيبولا من قرية جبونيجيما توفيا».

ولم يكن الخبر مفاجئا لأهل بيليواهون، فمرض الإيبولا مميت. تم تنظيم جنازة تقليدية لهما، وأعد المعزّون الطعام، وتناولوه سويا بعد أن تركوا بعض الطعام جانبا لتقتات به روح سانفا في رحلتها إلى الحياة التالية.

أصيب سانفا، 14سنة، بالإيبولا، وتم تبليغ أسرته بوفاته. ولكن تمكن الفتى في الواقع من النجاة من المرض. يبدو سانفا هنا وهو يمسك بيد أمه، موسو.

العودة للحياة، العودة للمجتمع

وفيما كانت الأسرة تحاول استيعاب مصابها، وصلتهم أنباء مفادها أن الولد قد يكون على قيد الحياة. فخبر موته جاء نتيجة رداءة خطوط الاتصال - وهي مشكلة استمرت، حيث ارتفعت آمال الأسرة وتحطمت عدة مرات خلال الأيام التي تبعت «وفاة» سانفا.

ولكن تبين في النهاية أن سانفا تمكن من النجاة.

وعندما خرج أخيرا من الرعاية الطبية، خرجت القرية بأكملها لاستقباله، فهو شبح تغلّب على مرض مميت. وفرت اليونيسف الدعم للمساعدة في لم شمل الأسرة وإعادة دمج سانفا في مجتمعه. كما تأكدت من وجود مسئول من وزارة الرفاه الاجتماعي، ومن شئون الطفل والنوع الاجتماعي، كما عملت على توصيل حقيبة تتبُع أفراد الأسرة، والمساعدة في توزيع الحصص الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي.

عاد سانفا إلى المنزل مع مخزون من الأرز والفاصولياء، وزيت النخيل، وعدد من المواد الرئيسية الأخرى ليبدأ حياته مرة أخرى من الصفر. كما أوصلت اليونيسف الأغذية العلاجية للقرية لمساعدة سانفا في استرجاع قوته.

بعد أن استعاد سانفا قواه، بدأ بالعمل على توعية الناس بالمرض في القرى المجاورة. يبدو هنا جالسا في المنتصف، وهو يتحدث مع المسنين في قرية جبونجيما.

دور جديد لسانفا

كثيرا ما يعاني الناجون من الإيبولا من وصمة العار والتمييز بعد أن تتحسن صحتهم بشكل كاف يسمح لهم بالعودة للمنزل. ولكن مجتمع سانفا رحب بعودته، فالطفل لم ينج من الإيبولا فقط - ولكن عودته إلى القرية عززت الرسالة التي تعمل اليونيسف وشركاؤها على نشرها للمساعدة في تجنب وصمة العار الناشئة عن الإصابة بالإيبولا. حيث يقول عمّ سانفا، جوزيف، الذي يعمل معلما: «سمعنا من الراديو أن الناجين من المرض لا ينقلون العدوى للآخرين».

الآن وبعد أن بدأ سانفا باستعادة قواه، بدأ يوظف «حياته الجديدة» في محاربة الإيبولا. تنظم اليونيسف نشاطات للحشد الاجتماعي في جبونجيما للتوعية بمرض الإيبولا، وكيفية تجنبه.

أفراد فريق منظمة العمل من أجل الجوع، وهي منظمة شريكة لليونيسف، يحيّون المختار في أحد النشاطات التي نظمت مؤخرا. القرويون يستمتعون بالموسيقى والرقصات التقليدية. النساء تصفقن بينما يرقص آنجيس نجيلي، منسق الحشد الاجتماعي في الحكومة وسط الحلقة.

قدم منسق اليونيسف في مويامبا سانفا، الذي جاء ليساعد في نشر الوعي في القرية. يتحدث سانفا لغة الماندا، وهي لغة محلية، وينصت له الحضور باهتمام. وصوته هادئ وواثق، وجوده دليل على أن الإيبولا ليست حكما بالموت، ويقول: «أعطوني في مركز معالجة الإيبولا الطعام والشراب، كما أنهم شجعوني دائما. كنت متاكدا من أني سأتحسن».

ويضيف: «اذهبوا إلى المستشفى بمجرد أن تشعروا بأعراض المرض».

عندما أنهى سانفا حديثه ساد الصمت، ولكنه لم يطل كثيرا. تابع اثنان من مسئولي الحشد الاجتماعي من منظمة العمل من أجل الجوع جلسة التوعية بكيفية تجنب المزيد من الإصابات بالإيبولا.

يبدو سانفا متعبا بعض الشيء بعد هذا المجهود - فهو لم يتعافى تماما بعد - ولكنه يدرك الدور الذي يمكن أن يلعبه في المعركة ضد الإيبولا. كانت هذه التجربة مربكة وصعبة بالنسبة لأسرته، ولكن شفاؤه وعمله على التوعية بكيفية علاج الإيبولا، يمكن أن يساعد في تحصين القرى في مويامبا نفسها من هذا الفيروس القاتل، واتخاذ الخطوات اللازمة للحفاظ على صحة جيدة.


المصدر: صحيفة الوسط البحرينية

تم حفظ الصفحة من الرابط: http://www.alwasatnews.com/news/953145.html