العدد 1080 - السبت 20 أغسطس 2005م الموافق 15 رجب 1426هـ

الدين والفكر التمييزي البحريني

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

سؤال مهم، وهو لماذا لم تتمكن المؤسسة الدينية البحرينية والمنتمون إليها جميعهم من القضاء على الفكر التمييزي حتى الآن؟ قد تكون الإجابة على هذا السؤال حساسة للغاية بسبب تغلغل الفكر التمييزي إلى داخل المؤسسة الدينية حتى أصبحت هذه المؤسسة بشقيها السني والشيعي من أدوات إنتاج هذا الفكر، ما يعني صعوبة الحيلولة دون انتشاره مستقبلا، إلا إذا طرأت تغييرات جوهرية داخل المؤسسة الدينية بحيث تزداد قوة قوى الاعتدال على قوى التمييز والانغلاق والتي تبنت الفكر التمييزي نفسه.

لقد أتاح المشروع الإصلاحي فرصة تاريخية كبيرة للمؤسسة الدينية لإعادة بناء ذاتها، وإعادة هيكلة علاقاتها مع القواعد والسلطة والمجتمع، وحتى علاقاتها البينية، إلا أنه يبدو أن الأجندة الذاتية قد طغت على أجندة الإصلاح التي تم توظيفها واستغلالها لتحقيق مآرب تصب في خدمة أنصار الفكر التمييزي. ومثال ذلك ظهور الكثير من علماء الدين وشيوخه، وبعض الرموز الاجتماعية التي لها دور ديني منذ العام 2001 عبر وسائل الإعلام، وعن طريق الندوات والاجتماعات والملتقيات العامة ليطرحوا فيها قضايا تتعلق بضرورة "رفع الظلم عن الطائفة" أو "إنصاف السواد الأعظم من الشعب" أو "إعادة الحقوق لمستحقيها بعد ظلم السنوات الطويلة".

ومن الأمثلة السابقة يمكن استنتاج حجم تغلغل الفكر التمييزي إلى داخل المؤسسة الدينية، في الوقت الذي لم يلعب فيه علماء الدين، والمؤسسة نفسها دورا في دعم الإصلاح السياسي والاقتصادي عموما، فعلى رغم وجود جهود كبيرة من العلماء لتعزيز الإصلاح والدعم نحو المزيد من الانفتاح والحريات السياسية، فإن المعيار الأساسي لتحريك هذه الجهود كان قائما على اعتبارات دينية صرفة، وهو ما يعني أن المطالبة بالحريات والإصلاح ارتبطت عند علماء الدين والمؤسسة الدينية بما يخدم الأجندة الذاتية وليس أجندة الإصلاح كما أشرنا سابقا.

مثل هذه الحالات لم تكن وليدة اللحظة، فالفكر التمييزي لم يظهر في النظام السياسي البحريني فحسب، بل امتد ليشمل النظام الإقليمي الخليجي برمته، والذي تزايد فيه دور الدين أكثر من أي وقت مضى. فمنذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول وسقوط النظام العراقي السابق لاحقا أصبح الدين عاملا أساسيا في تحريك العلاقات الإقليمية بين البلدان الأعضاء في النظام الإقليمي الخليجي، فضلا عن تأثيرات هذا العامل على الأنظمة السياسية الداخلية.

من هنا يمكن ملاحظة مدى ارتباط الفكر التمييزي الجديد بالمؤسسة الدينية في النظام السياسي البحريني حاليا من خلال استغلال وتوظيف الدين لتحقيق مآرب إثنو - طائفية. وما يؤكد هذا الطرح عدم قيام هذه المؤسسة بتطوير خطاب ديني أو سياسي أو فكري يهدف إلى التقليل من حدة الفكر التمييزي. وإن ظهر مثل هذا الخطاب في أحايين قليلة فإنه لا يتعدى مفهوم الدعاية والهالات الإعلامية التي تطرح من أجل نيل مصالح أو مكاسب تكتيكية.

في الآونة الأخيرة تعاظم دور المؤسسة الدينية نتيجة الانفتاح السياسي الذي يعيشه المجتمع البحريني، إلا أن استمرار هذا التعاظم وتقاطعه مع الفكر التمييزي الجديد من شأنه أن يخلق واقعا مختلفا داخل النظام السياسي البحريني يقوم على تكريس التمييز والتعصب المذهبي. لذلك ينبغي تحجيم دور هذه المؤسسة في رفد الفكر التمييزي حتى لا يأتي يوم وتتهم فيه المؤسسة الدينية بأنها سبب إثارة النعرات الطائفية، وأنها سبب التمييز السائد في مختلف المؤسسات في الدولة

العدد 1080 - السبت 20 أغسطس 2005م الموافق 15 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً