العدد 132 - الأربعاء 15 يناير 2003م الموافق 12 ذي القعدة 1423هـ

بركات القديسة «سانت تريزا»: من صور التسامح وحب الآخر

عبدالوهاب وأم كلثوم منْ عشاقها وعبدالحليم كان يشكو آلامه إليها !

تعد كنيسة سانت تريزا بضاحية شبرا شمال العاصمة المصرية أحد ابرز المزارات الدينية التى تجمع المسلمين والاقباط في مختلف المواسم والاعياد الدينية، يتبركون بها ويشكون إليها آلامهم وأوجاعهم.

وما أن تدخل الكنيسة حتى تطالعك قاعتان كبيرتان مثبت على جدرانهما لوحات رخامية تسجل نذور المصريين للقديسة الأشهر في البلاد، غير أن أول ما يشد الانتباه في تلك اللوحات هو ذلك العدد من الأسماء البارزة، من فنانين ومثقفين ومواطنين عاديين، كانوا ولا يزالون من عشاق القديسة، يتقدمهم المطرب الكبير الراحل عبدالحليم حافظ الذي ترك على لوحة رخامية، ثلاثة نذور وفى بها، وذيّلها برسائل للقديسة المحببة الى قلوب المصريين، كتب فيها على اللوحة الأولى «شكرا لأمنا الحبيبة تريزا»، وكتب في الثانية «باركيني أيتها الأم الطاهرة»، فيما تضم اللوحة الثالثة رجاء حارا، ويبدو أنها كتبت فى الايام الاخيرة للمطرب الراحل بعد أن اشتدت عليه آلام المرض، يقول فيها: «كوني بجواري أيتها القديسة الطاهرة.. عبدالحليم حافظ - سبتمبر 1976».

ويقول راعي كنيسة سانت تريزا الأنبا أغاثون: «كان الفنان عبدالحليم حافظ دائم التردد على الكنيسة للتبرك بالقديسة الطاهرة، وكان يكن تقديرا خاصا لها حتى إنه كان يأتي مرة أو مرتين في الشهر، بعد كل أزمة صحية ليقدم الشكر». ولم يكن عبدالحليم حافظ هو الوحيد من المطربين المصريين الذى تبرك بالقديسين، فقد سبقه الى ذلك الموسيقار الكبير الراحل فريد الأطرش الذى كتب على لوحة رخامية كبيرة في الكنيسة ذاتها : «نتبارك دائما بروحك الطاهرة يا أمنا الحنون»، وكتبت شقيقته الفنانة أسمهان: «شكرا على مساعدتي أيتها القديسة الحبيبة». ويقول الانبا اغاثون إن الموسيقار محمد عبدالوهاب كان أيضا من عشاق القديسة تريزا، ويشير الى لوحة كتبها يقول فيها: «شكرا للأم الطاهرة.. محمد عبدالوهاب - مايو 1958». والى جوارها لوحة أخرى كتبتها كوكب الشرق أم كلثوم تقول فيها: «أتبارك بك دائما أيتها الأم الطاهرة.. أم كلثوم. أغسطس 1960».

ومنذ سنوات بعيدة تحولت كنيسة «سانت تريزا» الى ملاذ لعشرات من المسلمين ما بين مرضى يعانون من مشكلات صحية جمة في حياتهم، أو طلاب يتمنون النجاح، أو فتيات يرغبن في الزواج من فارس الاحلام. فعلى رخام قبر القديسة الراحلة تقرأ الكثير من آيات الشكر والاعتراف ببركتها، كتبها اشخاص عاديون، من بينهم محمد عبدالفتاح الذي كتب «شكرا على تمام شفائي أيتها القديسة الطاهرة... محمد عبدالفتاح - مارس 1963»، وأحمد سيد عبدالله الذى كتب «باركيني يا أمنا الحبيبة... أحمد سيد عبدالله - ديسمبر 1972»، أو محمود حسن الطالب الذى كتب بخط طفولي على الرخام الأبيض «شكرا على النجاح أيتها الأم الحبيبة». وتحتل القديسة الأم «تريزا» مكانة خاصة في قلوب المسلمين والاقباط في مصر على حد سواء، ويقول الاب اغاثون وهو يبتسم في محبة: «كلهم يحضرون اليها لطلب البركة أو المساعدة في أمر من أمور الدنيا، فقد تربينا على التسامح ومحبة الآخر، لا فرق عندنا بين مسلم ومسيحي، فأنا أذهب إلى صديقي شيخ الجامع المجاور للكنيسة وهو يحضر إلى الكنيسة لزيارتي».

ويروي الأنبا أغاثون قصصا طريفة عن أغرب النذور التى تصل الى القديسة «تريزا»، فيقول: «منذ عامين تقريبا كانت تتردد على الكنيسة سيدة مسلمة تأتي بالزيت والشمع، وكانت مشكلتها أنها متزوجة منذ خمسة عشر عاما ولم تنجب حتى الآن على رغم أن الأطباء أكدوا عدم وجود أسباب علمية لعدم الإنجاب، وفوجئت بها منذ عام تأتي ودموع الفرح تنهمر على وجهها لتخبرني أنها حامل في شهرها الثاني، وعرفت أنها قد أنجبت منذ شهور قليلة توأما - ولدا وبنتا - فأسمت البنت «تريزا» تبركا بالقديسة الطاهرة، والولد محمدا».

ويقول راعي كنيسة السيدة العذراء بمنطقة مصر القديمة الأب كيرلس: «المصريون شعب طيب ولا فرق عنده بين ولي أو قديس، فكلهم خدموا الله والناس وزهدوا في الدنيا، ونحن نستقبل كل يوم الكثير من المسلمين جاءوا ليفوا بنذورهم للسيدة العذراء». ويرى الأب كيرلس أن موضوع النذور يعكس الثقافة الاجتماعية الموجودة والتي تقوم على الحب، وتؤكد أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين علاقة تاريخية لها جذور متينة»

العدد 132 - الأربعاء 15 يناير 2003م الموافق 12 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:44 ص

      كانت مصر

      كانت مصر عندما كانت المواطنة هي المعيار وليس الدين

اقرأ ايضاً