بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، ومع رجوع أولادنا واخواننا الى كراسي فصولهم الدراسية، وفي كل عام يستفزني هذا التوقيت بالذات لأذكر بعضاً من أيام الدراسة الابتدائية القاسية التي قضيناها في مدرسة ابن سيناء في رأس الرمان، ليس مع منهج «مع حمد قلم» بل مع منهج مشرفنا الاجتماعي آنذاك الاستاذ (...)، فلا أتذكر أي كلمة طيبة أو نصيحة فيها خير سمعتها من فمه غير التهديد والوعيد، أو تلك الخيزرانه السوداء اللون والملفوفة بتيب كهربائي والتي تصدر صوت أزيز الطائرة الحربية من سرعتها عندما تنزل كالصاعقة على أيدينا الصغيرة نحن تلاميذ الابتدائي آنذاك! فزملاء الدراسة من جيلنا ومن قبلنا ومن بعدنا في تلك المدرسة المنكوبة يذكرون هذه الأيام بتفاصيلها وبعذاباتها، وكيف لنا أن نفطر كل صباح على ضرب الطلبة المبرح والمفرط جدًّا في الطابور الصباحي الذي يشبه الانتقام من أولاد من سرقوا حلال أبوه! ليس لشيء غير أنهم تأخروا قليلا عن الدرس أو أنهم غابوا من غير عذر أو تسوروا جدار المدرسة هرباً من المعتقل (المدرسة)!

أذكر ذاك السجان (المشرف الاجتماعي) عندما حبس أحد الطلبة في غرفة الناطور بجانب غرفة الادارة وهو إجراء عادي عنده، بل غير العادي هو عندما نسي أن يفك السجن في نهاية ذاك اليوم الدراسي وظل ذاك التلميذ حبيس ذاك السجن حتى تذكره حضرته بعد أن تناول غداءه وغفا قليلا وأتى إليه عصراً ليفتح سجنه! أذكره جيدا عندما نراه في الفريج... فالفدائي أو انه بايع عمره وأمه داعية عليه الذي يتجرأ ويمر بجانبه عصرا أو يفكر يسلم عليه!

انها ايام صعبة مررنا بها كما مر بها كل من عاصروا هذا المشرف الاجتماعي الذي ولحسن حظ التلاميذ انه تقاعد واتجه الى الرياضة ليمارس أو يعوض النقص الذي كان يعانيه آنذاك... فحمدا لله على سلامتنا أننا خرجنا من تحت يده من دون عاهات مستديمة أو تخلف عقلي أو أي من الامراض التي تنشأمن العنف الذي كان يُمارسه علينا