العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ

نرفض الاعتداء على حق التعبير

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

حق الحياة هو الحق الأول من حقوق الإنسان، والحق الثاني في كل الشرائع هو حق التعبير عن الرأي، الذي يعبر عنه بأنه «أم الحقوق»، لأنه مصدر الإلهام والتفكير والحوار والتفاعل والتأثير والابداع الإنساني، واذا سلب هذا الحق - أو قيّد بشروط تساوي السلب - يعني أن يجرّد الانسان من بديهيات حقوقه بعد حقه في الحياة.

وحق التعبير هو مؤشر ذاتي على إدارة الحكم من مصادر مختلفة يقيس الإدراكات الحسية للمفاهيم الآتية: الانتخابات الحرة والنزيهة، حرية الصحافة، الحريات المدنية، الحقوق السياسية، وهي من الجزئيات التي تقيس عبرها الأمم المتحدة البرامج الإصلاحية والتنموية في البلدان، وهي كذلك شهادة دولية تحرص كل حكومات الأرض على نيلها.

إن التعبير الحر عن الرأي حق جوهري للإنسان يجب ألا يصادر تحت أي نوع من أنواع المصادرة سواء كان ذلك من جانب الدولة أو من جانب المجتمع، لأن الإنسان السوي بفطرته السليمة قابل لأن يتعايش مع الآخر خصوصا ذلك الذي تربطه به وشائج دين أو وطن، والقران الكريم يشير إلى ذلك في الآية الكريمة:» والذين يستمعون القول فيتبعون احسنه»(الزمر:18) فلا مشكلة في الادبية الإسلامية ان يعبر أي كان عن رأيه، ولكن الإنسان الواعي هو الذي يمتلك قدرة التمييز بين الحق والباطل وبين الخير والشر.

في البحرين سيقدم للمحاكمة غدا المعتقلان (محمد السهلاوي وحسين الحبشي) اللذان وجهت لهما السلطات تهمة المساس بأمن الدولة بسبب مطبوعات تداولاها نادت بمقاطعة الانتخابات الأخيرة، وهذا المشهد يذكر البحرينيين بماض ليس مشرقا، فجزء كبير من أسباب التراكمات السياسية في البحرين خلال العقود الثلاثة الماضية يعود إلى حرمان المواطن من حقه البديهي في أن يعبر عن رأيه بحرية، وعندما سلب من المواطن هذا الحق ذهب ليعبر عنه بصورة عنيفة قد وجد نفسه مضطرا إليها.

من المؤسف حقا أن نسمع بين اليوم والآخر أن قوات أمن كثيفة تقمع أو تشرع في قمع هذه التظاهرة أو تلك لمجرد انها لم تأخذ اخطارا من الدولة، ففي الوقت الذي يجب أن نبدي فيه حرصنا الكامل على تطبيق القانون يجب الا نهمل فكرة جوهرية وهي أن القانون أو طريقة تطبيقه يفترض الا يخلا من جوهر الحق المطلق كما هو في الشرائع الدولية ودستور مملكة البحرين وميثاق العمل الوطني، وكما يصرح به جلالة الملك دائما بانه يكفل حق المواطن في التعبير، وربما هذه الميزة الوحيدة التي تحتسب لصالح المشروع الإصلاحي بوضوح.

الصحافة البحرينية وهي قناة مهمة جدا من قنوات التعبير عن رأي الأمة في القضايا كافة، ليس بمقدورها أن تتجاوز الكثير من الخطوط حتى لو لم تكن حمراء، وسبب ذلك ان قانون الصحافة والطباعة والنشر يصادر عليها المساحة الأكبر من واجبها، وعلى رغم المقترحات التي ناقشها مجلسا الشورى والنواب في الدورة الماضية، فإن قانونا متطورا لم يصدر بعد، ليؤطر المساحة المراد تحديدها للصحافة وفق القانون، كما أن مواقع الانترنت في البحرين باتت ملاحقة من أجهزة الدولة الرسمية التي تراقبها في كل حركة وسكون إلى درجة ان بعض المواقع اغلقت تماما لمجرد انها تحمل رأيا مخالفا لما تراه الدولة في عدد من قضايا الشأن البحريني.

وعلى ضفة المجتمع تفاجأ الرأي العام البحريني بإلقاء زجاجتين حارقتين على مقر التجمع القومي الديمقراطي، وهذا تعبير غير مسئول تماما، حتى لو كان رد الفعل على اقامة مجلس عزاء للطاغية صدام حسين، لان هذا النوع من ردات الفعل يشي عن وجود خلل في المجتمع الذي لا يستوعب التعددية.

كل تلك السلوكيات التي تحجر الرأي غير لائقة مهما كانت المبررات، وتحرم البحرين من فرصة تطور منظومة العمل الإصلاحي بالصورة التي ينشدها الناس، وبالصورة التي نطمح ان نرى فيها بلادنا كما تراها الدول الكبرى أنها اضحت «واحة الديمقراطية في المنطقة»!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1583 - الجمعة 05 يناير 2007م الموافق 15 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً