العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ

عاطلون خمس نجوم ... دكاترة في انتظار التوظيف!

حين يكون الزائد كالناقص ويعمل الدكتور نجارا

عاطلون خمس نجوم... لم تشكل ظاهرة بعد لكن يمكن ان ندعوها «ميني ظاهرة»، دكاترة على قائمة الانتظار في قوائم العمل، وليس أي دكاترة بل متخصصون في هندسات الحاسوب و شبكات الإنترنت و علوم الكيمياء بل و علم الجينات؟

وليس الأمر مع غربته نادرا، فقد اضطر أحد أساتذة علم الاجتماع الفلسطينيين إلى بيع الفلافل في أميركا - مطلع الثمانينات - تحت حصار اللوبي الصهيوني، لكنه عندنا هنا في البحرين عجيب غريب حين نعرف أن عدد حاملي شهادات الدكتوراه بقضهم وقضيضهم لا يتجاوز 500 دكتور في أحسن الأحوال، وعلى رغم ذلك بينهم عاطلون!!

الزائد كالناقص يفهمنا بيسر أن أمر البطالة ليس مقتصرا على قليلي الحظ من التعليم، فقد وصل غول البطالة الى قمة الهرم !!

د. محمد جهرمي دكتوراه في علم الجينات (لعله أحدث العلوم التطبيقية في عصرنا) أكمل عامه الأربعين ولايزال ينتظر أن يلتحق بوظيفة في مجال تخصصه الذي درسه في جامعة بولموث بيفر، جهرمي تعاقد مع جامعة الخليج العربي لمدة عام يتيم ولم يجدد عقده، وحصل على عروض متعددة من جامعات ومراكز بحث أميركية وبريطانية وهو يجهز حقائبه للمغادرة!

د. مسعود جهرمي (32 عاما) أكمل الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية والإلكترونية تخصص شبكات إنترنت يقول إنه لم يترك مؤسسة معنية بتخصصه لم يقدم لها من بتلكو إلى الجامعتين، وعلى رغم تخرجه في جامعة «كنت» البريطانية واهليته ليعمل في أربعة تخصصات دفعة واحدة فإنه لايزال على قائمة الانتظار، ويقول: إذا لم أوفق في عمل خلال الأشهر المقبلة سأعود من حيث أتيت إلى بريطانيا طالما لم يتسع لي وطني!

د. لؤي عبدالأمير الجمري أنجز الماجستير في جامعة غرينتش (بريطانيا) والدكتوراه في الكيمياء العضوية والتحليلية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2001 من جامعة ويلز (بريطانيا) وهو واحد من عاطلي الخمس نجوم يقول: أكملت عاما من البطالة وأنا أبحث عن وظيفة تناسب شهادتي، ولو بقيت في بريطانيا لالتحقت بعمل خلال الشهر الأول من تخرجي، وأنا أفكر حاليا في أن أعود أدراجي إلى بريطانيا طالما بلدي لا تريدني... جامعة البحرين قدمت إليها بحسب إعلان بشواغر في الكيمياء العضوية نشر في صحيفة «الحياة» اللندنية في يناير/ كانون الثاني الماضي، واستبشرت خيرا حين وقعت على الإعلان إذ كنت قد قدمت إلى الجامعة طلبا للالتحاق قبل إعلانها بشهر لكن يبدو أنهم فضلوا الأجنبي!

ويؤكد د. لؤي أنه قدم تقريبا إلى جميع الشركات والوزارات (جامعة البحرين وجامعة الخليج العربي وكلية العلوم الصحية وبابكو والبتروكيماويات وألبا وعلى الأقل عشرين مؤسسة عامة وخاصة أخرى) إلا أن جميع هؤلاء لم يردوا عليه، وإذا ردوا يكون جوابهم أسوأ من عدمه. واضاف «وقد علمتُ قبل ثلاثة أشهر بأن اسمي مازال ضمن القائمة السوداء على رغم أن عظمة الملك أمر بإنهاء الإجراءات المعمول بها قبل إلغاء قانون أمن الدولة، كما علمتُ أن أكثر من 30 شخصا كانوا أيضا في تلك القائمة السوداء، وعلى رغم أن اسمي أزيل فإنني لم أتمكن من اختراق الحصون المحيطة بفرص العمل، ولا يبدو أن هناك أي أمل يلوح في الأفق».

أما د. جاسم قمبر فهو قصة فريدة وحال استثنائية بين حالات بطالة الخمس نجوم، فهو يكمل الآن عقده الأول من البطالة ولعله أول دكتور يعمل نجارا!

د. جاسم يقول: ضاق عليّ العيش فتركت دكتوراه العلوم الإسلامية التي درستها بالإنجليزية في جامعة لاكنور بالهند العام 1992 لأعمل نجارا، والآن وبعد عشر سنوات من المحاولات المستميتة للالتحاق بجامعة البحرين أجد نفسي أقرب إلى أن انضم إلى قوائم المتقاعدين لا الموظفين!

قمبر أكمل عامه السابع والأربعين ويشعر بالقهر لما جرى له وما يجري للآخرين من زملائه.

كانت الدكتوراه حلم أهل القمة المجتمعية حتى التسعينات، وكان الحصول على شهادة الدكتوراه إنجازا ما بعده إنجاز حتى الأعوام العشرين الماضية، لكن يبدو أن الأمور بدأت تتغير لصالح المارادونيين (نجوم القدم) والمصوتين (نجوم الحنجرة) أما نجوم العقل فقد انحسرت عنهم الأضواء.

أين العبرة؟ شخصيا لا أدري، لكن ما أعرفه بشكل أكيد أن جامعتنا الوطنية تستقدم سنويا عشرات الأساتذة المبجلين من أشقائنا في الدول العربية والإسلامية، وأعرف بشكل أكيد أيضا أنه سنويا يتزايد عدد الطلبة فيتزايد بالتبعية وتلقائيا عدد الأساتذة... لكن عاطلي الخمس نجوم يبقون محلك سر! فماذا يا ترى السر؟ ألم نقل من البداية أن الزائد كالناقص؟

العدد 16 - السبت 21 سبتمبر 2002م الموافق 14 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً