العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ

الاقتصاد الريعي يتعارض مع مقومات الديمقراطية

الباحث عبدالله جناحي:

يرى باحث بحريني ان عقلية الاقتصاد الريعي بسماته القيمية والثقافية تتعارض مع مقومات الدولة الديمقراطية وان هذا ينطبق على دول خليجية عربية.

وشدد الباحث على الآثار الاجتماعية والوطنية السلبية في تلك البلدان لما يعرف باقتصاد دولة الريع اذ يقدم نصيب من الناتج لاناس ليس لهم فضل في تحقيقه وذلك يؤدي إلى الاضرار بالنظام الانتاجي القائم على الجهد وتحمل المخاطر.

ورأى الباحث الاقتصادي عبدالله جناحي ان من المتفق عليه لدى «معظم الاقتصاديين» خصوصا جماعة الاقتصاد السياسي ان «هناك علاقة طردية واضحة بين نجاح التنمية الاقتصادية المستدامة وحتى النمو الاقتصادي وبين المتطلبات السياسية الديمقراطية في المجتمع».

والاتجاه الذي اخذ يسود هو تبني سياسات وبرامج اقتصادية اجتماعية سياسية تؤكد التنمية البشرية المستدامة. هذه البرامج قوامها تمكين فئات المجتمع والتسليم بحقوقهم المختلفة السياسية والحقوقية والديمقراطية والنقابية والاقتصادية والصحية والبيئية وغيرها.

وقد جاء ذلك في دراسة لجناحي عن العقلية الريعية نشرت في العدد الاخير من مجلة (المستقبل العربي الشهرية) التي تصدر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت.

واختصر جناحي اراء عدد من كبار الباحثين في مجالات الدراسات الاقتصادية والاجتماعية ليقول ان دراسته لا تركز على الريع بالمعنى الاقتصادي باعتباره ثمنا لاحد عناصر الانتاج «وانما ينصب الجهد على الوظيفة او السلوك الاجتماعي لفئة تحصل على نصيب من الناتج من دون ان يكون لها اسهام في تحقيق هذا الناتج وهو ما اسميناه بالسمات القيمية والثقافية للاقتصاد الريعي».

وأضاف ان هذه السمات تركز في دراسته على الاقتصاد الريعي الذي تغلب عليه «عناصر الريع الخارجي وليس الريع الناتج عن الجهد المبذول في تحويل المورد الطبيعي الداخلي إلى سلعة ما ذلك ان الريع الداخلي يستند بالضرورة إلى قطاعات انتاجية داخلية او محلية بحيث تتشارك العناصر الريعية في الاستيلاء على نسبة او جزء من هذا الناتج المحلي». وتحدث عن سمات الاقتصاد الريعي واولها كما قال هي ان الدول التي تعتمد على الريع الخارجي في معظم نتاجها القومي هي من الدول التي تسمى ريعية «وفيها يؤول الريع الخارجي او نسبة عالية منه إلى فئة صغيرة او محدودة... وهذا من شانه ان يولد نشاطا اقتصاديا تابعا يعتمد اعتمادا كبيرا على المصدر الاساسي للثروة.

ويقابل ذلك انفصام في العلاقة بين تيار العائدات النفطية التي تؤول للدولة وبين الجهد الانتاجي للمجتمع ككل وخصوصا ان اسعار الصادرات النفطية كما تتحدد في السوق العالمي تعتبر منفصلة تماما عن اسعار الانتاج المحلي للنفط. وميز هنا بين الدولة الريعية ومنها دول نفطية وبين الاقتصاد الريعي الآخر الذي يشارك فيه عدد كبير من المواطنين.

والسمة الاخرى التي تنتج عن السمة الاولى هي ان الدور المتميز للقلة يؤدي في معظم الاحيان إلى ان تصبح الدولة او الحكومة هي المستفيد المباشر من هذا الريع الخارجي «فتركيز القوة الاقتصادية في يد عدد محدود لا يلبث ان يؤدي الى تركيز القوة السياسة في يدها في الوقت نفسه». اما السمة الثالثة «التي تمثل الافراز القيمي» للسمتين السابقتين هي تأسيس العقلية الريعية «واخطر ما يميز هذه العقلية هو نظرتها الخاصة للعائد وخصوصا انفصاله عن الجهد او تحمل المخاطر. فالعائد لا يعدو ان يكون رزقا او حظا او صدقة وليس جزءا من نظام انتاجي». ومن هنا يقول مستشهدا بباحثين آخرين يظهر التعارض بين العقلية الريعية والعقلية الانتاجية التي ترى ان العائد او المكسب هو نتيجة لعمل انساني منظم ينتج عن الجهد او تحمل المخاطر.

ورأى ان الدول الخليجية النفطية هي «افضل تجسيد لفكرة الدولة الريعية فهذه الدول تعتمد في اقتصادها على تصدير سلعة خام (النفط) ويستند اقتصادها إلى نوع من الريع الخارجي المعتمد على توافر ظروف منجمية مناسبة وطلب خارجي هائل وتمثل عائدات النفط العنصر الغالب على النشاط الاقتصادي .

ونقل عن محمد الرميحي قوله في دراسة له ان «المجتمع الاستهلاكي المعتمد على دخل النفط غير المرتبط دخله بالانتاج هو الذي يظهر لنا اكثر وضوحا كلما زادت المداخيل النفطية والدولة (العشيرة الحاكمة) هي مصدر رئيسي لتوزيع هذا الدخل فانعكس ذلك على صعيد العلاقات الاجتماعية والمؤسسات السياسية.

وأشار إلى ان من اهم مكونات ومقومات المجتمع الديمقراطي مبادىء المواطنة والمشاركة السياسية وحكم القانون وان مبدأ المواطنة يمثل حجر الزاوية في بناء الدولة الحديثة. وأضاف «بمقارنة سريعة بين السمات القيمية والثقافية والسياسية للاقتصاد الريعي تنجلي صعوبة الاقتناع بالتوافق والانسجام بينهما ما يؤدي إلى تطبيق مشوه او ناقص للمبادىء الاساسية للدولة الديمقراطية. فعلى صعيد فكرة المواطنة هناك تعزيز للمواطن الذي يتم توزيع ثروة الريع عليه بدلا من تعزيز المواطنة المرتبطة بالقانون. وهذا ما يؤدي الى التمييز بين المواطنين الاصليين والمتجنسين وبينهم وبين الوافدين.

وخلص الى القول ان الخلاص هو في «تحويل القبيلة بمفهومها الواسع الذي يشمل كل عصبة بنيوية إلى اللاقبيلة أي إلى تنظيم مدني سياسي اجتماعي... وتحويل «الغنيمة» إلى اقتصاد انتاجي أي تحويل الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد انتاجي

العدد 161 - الخميس 13 فبراير 2003م الموافق 11 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً