العدد 1681 - الجمعة 13 أبريل 2007م الموافق 25 ربيع الاول 1428هـ

بيت «آل مهزع» وشيء عن المنامة والمحرق

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

نهاية العقد السابع ومطلع العقد الثامن من القرن الماضي، ونحن صغار، كان والدي - رحمه الله - يجول بنا (أنا وأخي عبدالعزيز) المنامة مشيا على الأقدام. وكان أحد تلك البيوت التي يعودها بصفة دائمة، أو هو المحطة الرئيسية للوالد، بيت، أو هو مجلس، الشيخ عبدالرحمن المهزع قاضي القضاة في البحرين... إذ كان جدي لجهة أبي عثمان بن أحمد العثمان، مطوع يدرس القرآن في المنامة، وكان شديد الالتصاق ببيت المهزع، لما عُرف عن بيت المهزع من أنه بيت علم ودين واستقامة وكرم غير مقطوع. فقد كان أحمد بن مهزع بن فايز أخ الشيخ قاسم ووالد الشيخ عبدالرحمن صاحب فضل ومقام كبيرين، وقد اشتهر بكرمه اللا محدود وإكرامه للعلماء وشيوخ الدين، وعلى الأخص أولئك القادمين من إقليم الإحساء. إذ كان يضحي ببعض ما ممتلكاته من بساتين ونخيل، من أجل إكرام العلماء وشيوخ الدين.

في العيد، كنا ندخل على الشيخ عبدالرحمن المهزع، وكان ذو مهابة وحشمة ووقار متناهين، وكان يجل والدي كثيرا، وقبل خروجنا من المجلس يعطي الواحد منا (أنا وأخي عبدالعزيز) نوط بونصف دينار جديد «بتي». وكنا نتوق لتلك العيدية الكبيرة في تلك الفترة (نهاية السبعينات وبداية الثمانيات).

الشيخ عبدالرحمن المهزع هو ابن أخ الشيخ قاسم المهزع، والأخير هو من عُرف بأسماء متعددة: الشيخ جاسم، الشيخ قاسم، بن مهزع، الشيخ القاضي الرئيس... إلخ من أسماء.

في أيام الشيخ خلف البحراني المعاصر للشيخ قاسم المهزع كان هناك اتفاق - كما يذكر حفيد الشيخ خلف- على مواقيت الأهلة. ولعل ما نذكره بكثير من الاعتزاز تلك الفترة الزمنية من تاريخ البحرين، والتي كان فيها الناس يتخاصمون إلى الشيخ من أبناء الطائفتين. وهذا الأمر علامة فارقة على التعايش السلمي في ذلك الوقت بين الطائفتين الكريمتين، وعلى قبول الآخر، وهو ما يندر اليوم. ولا نريد الخوض عن سبب ندرة أو انتهاء علامات التلاقي بين الطائفتين، ولكن الأكيد في أن أحد الأسباب الرئيسة هو مشروعات تصدير الثورة الإيرانية من جهة، وانتشار الفكر الإقصائي والتكفيري الزاحف علينا زحفا جنونيا، من عمق نجد وأطرافها.

كانت المنامة، كما المحرق، بقاع نموذجية للتعايش السلمي بين الطائفتين، وهناك في المنامة، كما المحرق، الكثير من الأسر السنية والشيعية التي عقدت زيجات مشتركة. وفي المحرق تحديدا، نحن لا نفرق ولم تفرقنا السنين عن أصحابنا وأصدقائنا من أبناء الطائفة الشيعية. وأهل المحرق معروفون بذلك. وتلك الفرجان: الحياك، الصاغة، الحدادة...تحيط بها الفرجان السنية: المحميد، استيشن، الشيوخ، سيادي، الظاعن، البوخميس وبيوت العمال. ولا يفرق المرء هنا بين السني والشيعي. وفي فترة من الفترات كان البعض من أهل القرى ممن يمتهن الزراعة يستأجر دكانا في الفرجان السنية، ومازلت أذكر أحمد البقال في فريج العمامرة، وعلي البقال في فريج بن هندي في الشمال وعلى أطراف فريج القمرة.

لو أن الشيخ المهزع بيننا اليوم، لتم تهميشه وربما رميه بأنه يمالئ الشيعة لأنه يحكم بينهم، أو أنه مبتدع في دين الله أو... إلخ من تهم جاهزة ومعلبة ومقولبة لرمي الناس بالكفر والردة والشرك والبدعة... إلخ من ألفاظ وعبارات جارحة يلقيها علينا بعضا من حداث السنان ممن لا يملكون مثقال ذرة من العلم الشرعي لدى الشيخ المهزع. إذ زادهم الشرعي الوحيد «لحية طويلة وثوب قصير، ويا الشيخ، وجزاك الله خير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»، فقط هذا تحصيلهم من العلم الشرعي!

نتذكر الشيخ المهزع والقضاء لدينا يحتاج لاستقلالية الشيخ قاسم، نتذكر الشيخ المهزع وقضائنا بحاجة إلى روح الشيخ قاسم الوثابة وحياديته، نتذكر الشيخ المهزع ونحن ما زلنا نطالب القضاء بالنزاهة والحياد. وأخيرا، نتذكر الشيخ المهزع ونحن نطالب بأن تخضع التعيينات القضائية لمبدأ الكفاءة التي يتسم بها الشيخ قاسم. رحم الله الشيخ قاسم المهزع الذي لا يخشى في الحق لومة لائم... ورحم الله الشيخ عبدالرحمن المهزع ووالدي رحمات ربي عليكم أيها المربون الأولون.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1681 - الجمعة 13 أبريل 2007م الموافق 25 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً