العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ

عشاق التغيير لا يقيسون بالأسوأ!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

مخطئ كل الخطأ إن كنت أعتقد أنني سأخطو خطوة في الطريق الصحيح الذي يربطني بحلم الإصلاح وأنا أقيس نفسي بالأسوأ، ومخطئ كل الخطأ إن اعتقدت أنني سأخدم وطني من دون تحمل مشقة التضحية في سبيل مشروع متكامل.

أحزن كثيرا وأنا أرى أن المصلحين في بلدي لا يملكون مشروعا مغايرا لمشروع الفساد والمفسدين، وأتأثر كثيرا عندما أعيش تناقضا ليس مقبولا ألبتة، فأنا أرنو إلى الإصلاح والتغيير ولكن يداي منغمستان في مستنقع الفساد.

لا يصدق أحد كم تسود الدنيا في عيني وأنا أرى تسابقا محموما على تكريس النهج الطائفي والفساد، وفي هذا المضمار لا أختلف أنا عن ذاك المفسد إن اتخذته قدوة وأنموذجا.

عندما أدعو السلطة للتخلّي عن سرطان التمييز فلا يجوز لي أن أمارسه فكرا وتطبيقا، ومجرم في حق البحرين سأكون إن كنت أنافس السلطة في فسادها وتمييزها وطائفيتها.

مشكلتنا الكبرى بل أم المشكلات في البحرين إنني أقيس نفسي بالأسوأ، ومشروعي بالمشروع الأسوأ، وصدقوني ما هكذا سنصلح حال الوطن وأنا أمارس التمييز لدى من وليت عليهم، وأنا المسئول الصغير لن أختلف في درجة الإجرام عندما انظر إلى من وليت على شأنهم نظرة تميز بين الواحد والآخر. البحرين جميلة، وجميلة بتنوعها، وهذا التنوع الثقافي والمذهبي والسياسي يضفي على هذه الجزيرة رونقها، وأستحق لقب الخيانة العظمى بجدارة إن خنت هذه الأمانة الكبيرة، كل أبناء بلدي جميلون، وجمالهم هو وجهي المشرق. الحيف كل الحيف والظلم وكل الظلم إن حاولت أو سعيت أن أبخس أحدا من هذا الوطن حقه الطبيعي في التمتع بثروات بلده، و يجب أن أشطب مفردة العدالة الاجتماعية من قاموسي نهائيا إذا مارست ذرة تمييز، ويجب أن أخجل من نفسي إن تجرأت يوما لأمارس ظلما على مواطن فقط ؛لأنه مختلف عني عرقا أو مذهبا. يا أيها الطائفيون أرحلوا، هذا الهتاف هو الذي يجب أن يرفع في هذه المرحلة، وليس هناك حيز للمزايدات، فالبحرين جميلة بسنتها وشيعتها، وهي جميلة بدواسرها وعجمها وهولتها، وجميلة بعرق كل من عاش وترعرع على هذا الوطن، وأنا حتى عندما أرفض التجنيس السياسي الفاحش الذي مارسته السلطة بكل قبح ليس مقبولا منّي أن أصب شيئا من هذا الغضب على هذا المجنس. لا قيمة للأرض من دون الإنسان، ولا قيمة لأرض ذات إنسان من دون عدل، ولا مكان للتطوّر حيث يسود ظلم، يجب ألا أنتظر النار تصل إلى قرصي حتى أصرخ، ومن يفرّط بذرة من تراب البحرين العزيز ليس أكثر إجراما ممن يمارس ذرة تمييز على مواطن. عندما أنادي بالإصلاح وعندما أهتف للتغيير يجب عليّ قبل غيري أن أملك مشروعا مغايرا، نقول لكل المنغمسين في بحر التمييز أنتم ليسوا من البحرين والبحرين ليست منكم، وهذا الخطاب موجّه إلى المعارضة قبل الدولة. أشعر بمرارة حقيقية حين ينتظر مواطنا بسيطا من أية طائفة كانت سنوات وسنوات ليحصل على قطعة أرضٍ أو وحدة سكنية متواضعة في حين يحصل عليها غيره فقط ؛لأنه مختلف، وفي المقابل أنظر بعين الريبة والشك والتحقير لكل نائب برلماني يطرح خطابا تقسيميا، وفي النتيجة وفق ما أراه على الأقل لا أحد منهم يطرح نفسه نائبا عن البحرين كل البحرين على رغم من أنه حتى في دستور 2002 عضو مجلس الشعب جميعا، وأنا أطلب من النواب جميع النواب أن يقفوا قليلا ويسألوا أنفسهم ذات لحظة: «هل أنا نائب عن كل البحرين، وقبل ذلك هل أستحق أن أكون نائبا عن كل البحرين؟». لا يساورني شك بأن الإجابة ربما تكون قاسية لكنها الحقيقة التي منها تفرون «لا في الجواب الأول ولا في الجواب الثاني»، وعندما أصل إلى هذه النتيجة سيكون ذلك نصف العلاج، ويجب علي أن أبدأ النصف الآخر انطلاقا من هذه النقطة المحورية. عيب كل العيب على أي مسئول رسمي مهما علا أن يدفع دينارا لأي مشروع طائفي يمارس الإقصاء بحق فئة من المواطنين أيا كانت، وعبارة «هذا مو من جماعتنا» جريمة كبرى تقترف بحق البحرين، فأهل هذه الجزيرة ليس لهم سابق عهد على الانقسام الاجتماعي الذي نجحت القلة الفاسدة في أن نصل إليه اليوم، وأنا لا أخشى في هذا الجانب من السلطة - لأن ممارستها مكشوفة - بقدر ما يحوطني الخوف من كل الجهات الأخرى التي تدعو في خطابها وأدبياتها لمحاربة سلوك السلطة ذاك. الإنسان الطبيعي بفطرته السليمة يحبذ العدل وينبذ الظلم، وفطرته السليمة غير الملوثة ترفض التمييز، وأنا مازلت واثقا أن الأكثرية الساحقة ليست كذلك ولن تكون كذلك ذات يوم، ولكن هذا لا يمنع من أقول إن هناك خطرا حقيقيا، نعم، أنا خائف على البحرين فعلا ؛لأن غذة الطائفية تغلغلت في أعماق حتى المنادين بالتغيير. حرام عليكم... البحرين العزيزة أمانة، وأبناؤها - كل أبنائها - أمانة عظيمة، وإذا خنتم هذه الأمانة فستقضون على كل ما في هذا الوطن من جماليات، وإذا أردت إصلاحا من السلطة أو من بعض أركانها يجب أن أصلح نفسي قبل ذلك، ومن دون ذلك لا يحق لي أن أطالب غيري. الظلم ليس مشروعا مضيئا ليحتذى به، والطائفية ليست أنموذجا جيدا لكي أقتفي أثرها، والمبصر الحقيقي هو الذي يصر على السير على الجادة الصحيحة حين تختلط الأوراق، والمصلح الحقيقي هو الذي يقابل كل تمييز من السلطة بإصلاحٍ نفسي، ويقول الإمام علي (ع): «احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك»!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً