العدد 1817 - الإثنين 27 أغسطس 2007م الموافق 13 شعبان 1428هـ

«دوامة» خليج توبلي

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

المتتبع لقضية «خليج توبلي» وكل ما تداول بشأنها منذ أن أثيرت وإلى اليوم، يصاب بدوار في الرأس، ويضيع بين الجمل الصاروخية المتناقضة التي صرحت بها مختلف الجهات... من المواطنين والبحارة أنفسهم إلى الاستشاريين والاختصاصيين في أمور البيئة والثروة السمكية، إلى الوزارات المعنية. فوسط هذا كله يجد المواطن نفسه حائرا ضائعا في دهاليز تلك التصريحات، لا لكثرتها، وإنما لتناقضها السريع... خبر ينشر يطمئن نوعا ما، يتبعه في اليوم الذي يليه خبر آخر يحبط ويفقد الأمل في عودة الحياة إلى الخليج «شبه الميت»، إن لم يكن مات حقا.

التناقض بحد ذاته، يحيلنا إلى الشك المقارب لليقين في أن في الأمر «إن»، ويجعلنا نبرهن على أن القضية أكبر من كونها خليجا مهددا بالفناء نتيجة إهمال أو ما شابه. القضية لابد أنها تمسنا، بل وفيها ما يشبه «الفضيحة» لو كشفت بوضوح ستقوم الدنيا إثرها ولن تقعد.

لكن، ألا نجد أن كل ذلك سيلهينا عن القضية الأساسية، التي لو أهملناها ستأتي علينا بكارثة؟ فقضية بيع الخليج على رغم أهميتها، وعلى رغم ما تحمله من «جرائم» تحدث خلف الكواليس ومن وراء ظهرانينا، فإننا لا نريد لها أن تذهب بعقولنا عن الكارثة البيئية التي استعرضت الصحافة بعض جوانبها مع بداية طرح المشكلة ومازالت تلوح بها بين الحين والآخر... قضية الكارثة البيئية جراء رمي مياه الصرف الصحي في الخليج، وقضية تسمم أسماك الخليج وعدم صلاحيتها للأكل، عوضا عن أن السمك أيضا وهو مصدر رزق وطعام مفضل للغالبية سيكون مهددا بالانقراض.

يقال إن منافذ الخليج كلها سدت ماعدا منفذ ضيق لا يسمح حتى بمرور القوارب الصغيرة، ولكن لمن أراد طرح القضية وتناولها من مختلف الجوانب سيجد أمامه ألف منفذ ومنفذ لكي يلج إليها... فللخليج بعد اجتماعي ومعيشي مرتبط أساسا بالمواطن والبحر، كما له بعد اقتصادي يتمثل جله في كونه مصدر رزق للكثيرين. وللخليج بعد سياسي/ اقتصادي/ بيئي في آن واحد مرتبط بأراضيه وقضية بيعها، وخصوصا إذا سلمنا بأن بحار المملكة والطبيعة فيها ملك عام لجميع المواطنين، لا يحق التصرف فيه.

الأمور كلها متداخلة، والتداخل بحد ذاته جعل الكثيرين يملون قضية الخليج وذكر حتى اسمه، والبعض أصابه الإحباط وسلم بمقولة «ما في فايدة طالما في الأمر هوامير»... وعند هذه النقطة يجب الوقوف والتفكير قبل طي الملف... فأسلوب «اللف والدوران» وتشابك كذا قضية في قضية واحدة، هو ما أودى بكثير من حقوقنا في مكب النفايات، عندما شتت أذهاننا يمينا ويسارا، شمالا وجنوبا، وقسمنا إلى ملل وطوائف وجماعات، كل منا يحاول إسقاط الآخر.

قضية خليج توبلي بحاجة إلى «توحيد الصفوف» ليس من أجل اعتصام أو احتجاج جماهيري، وإنما للوقوف عند لب المشكلة... هي بحاجة إلى توحيد الصفوف أولا من أجل الكشف ما إذا كنا فعلا مهددين بكارثة بيئية مكمنها مياه الصرف الصحي التي تلقى في الخليج وخصوصا مع تزايد عدد السكان من المواطنين وغير المواطنين والوافدين والمقيمين والسياح، وما خطة الدولة «قصيرة المدى» لأن الأمر بحاجة إلى العجلة، و»بعيدة المدى» لأننا لا نريد أن نصحو مرة أخرى على «شبح الموت» يداهمنا على حين غفلة كما في كثير من المواقف.

خليج توبلي ليس خاصا بنائب أو متنفذ أو وزير، كما هو ليس خاصا بمواطن فقير على باب الله... وهو كذلك لا يخدم سكان الديه والسنابس وسترة وحدهم، ولا أهالي الرفاع والحد دون غيرهم. الخليج ملك للبحرين وكل من يعيش على أرضها، ولهذا نرجو أن تقال كلمة فصل في هذه القضية على لسان الجميع، تريح أدمغتنا وتطمئن قلوبنا على مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة... أو فليعلن بكل صراحة ووضوح «موت الخليج» مع بيان الأسباب ومحاسبة المتسبب، علنا، بعد أن نستيقظ من «سكر الدوامة» التي نعيشها اليوم، نُعمل العقل على الخروج من الأزمة بإيجاد البدائل. نرجوكم «فضوها سيرة، تراكم ذبحتونا».

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 1817 - الإثنين 27 أغسطس 2007م الموافق 13 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً