تسبب شجار حدث بين مواطنين وسائق باص من نوع «ميني باص 16 راكبا» يعتقد أنه من رجال الأمن إلى انفلات الوضع الأمني بعد انتهاء مراسم عزاء علي جاسم محمد مكي (31 عاما). وقد نتج عن الشجار اصطدام السائق بأحد المواطنين، ما أدى الى أن تتحول الشوارع المحاذية لجدحفص والديه والسنابس لساحة مصادمات بين قوات مكافحة الشغب ومتظاهرين عصر أمس (الخميس)، وأفضت المصادمات إلى احتراق سيارة تابعة لقوات الأمن، وإصابة رجل أمن بجروح بليغة، وإصابة ما لا يقل عن عشرة مواطنين، من بينهم مصور «الوسط» الزميل محمد المخرق الذي أغمي عليه بسبب استنشاق كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع ونقله مواطنون إلى مستشفى البحرين الدولي إذ تلقى العلاج لمدة ست ساعات حتى استفاق من إغمائه.
وقبيل انفلات الوضع كانت المسيرة التي شارك فيها نحو 1500 شخص قد انتهت بسلام، واتصل أحد مسئولى «الوفاق» بأحد مسئولي وزارة الداخلية لشكرهم على حسن التعامل مع الوضع، ولكن بعد دقائق من تلك التهدئة انفلت الوضع.
وبعد الانفلات، هاجم ملثمون سيارات تابعة لقوات الأمن إحداها في السنابس والأخرى على شارع السهلة إذ تعرضتا لأضرار مختلفة، كما تعرض أحد المدنيين التابعين لوزارة الداخلية لإصابات نقل على إثرها إلى المستشفى.
وتسببت المصادمات التي استخدمت فيها قوات مكافحة الشغب الغازات المسيلة للدموع بكثافة في حدوث حالات اختناق، وقال رئيس دائرة الحوادث والطوارئ بمجمع السلمانية الطبي جاسم المهزع: «إن الدائرة استقبلت يوم أمس 4 حالات نتيجة اختناقات بسبب الغازات المسيلة للدموع، وتلقوا العلاج اللازم، غير أنه لم تدخل أية حالة إلى المستشفى، فيما تلقت الدائرة حالة واحدة تعرضت لطلقة رصاص مطاطي في الرجل، ولم تدخل إلى المستشفى على اعتبار أن الحالة لا تستدعي ذلك».
وحدثت حالات اختناق وإصابات بالرصاص المطاطي والرصاص الانشطاري (الشوزن)، وشاهدت «الوسط» عددا من تلك الحالات تتلقى الإسعافات الأولية. كما اتصلت «الوسط» بوزارة الداخلية ونقلت شكوى أم أصيب طفلاها بالاختناق بالقرب من مأتم المشرف في جدحفص ولم يسمح لسيارة الإسعاف بالوصول إليها في بادئ الأمر.
واشتكى أهالي بعض القرى الشمالية – التي وقعت فيها مواجهات أمنية - من إفراط قوات الأمن في استخدام الغازات المسيلة للدموع، وإطلاقها بكثافة باتجاه المناطق السكنية، ما أدى إلى اختناقات وصعوبات في التنفس تعرض لها الكثير من أهالي القرى، وتلقت «الوسط» اتصالا من امرأة كبيرة في السن من منطقة جبلة حبشي، ناشدت فيه المسئولين في وزارة الداخلية وضع حدٍ للانتهاكات التي تقوم بها قوات مكافحة الشغب في تعريض حياة عامة الناس إلى الخطر، وقالت: «ها هي قوات الأمن ترمي بالغازات المسيلة للدموع على المناطق والأحياء السكنية من دون أن تراعي صحتنا على رغم من الأمراض التي نعاني منها (...) هذا ليس حلا للمشكلة، المتظاهرون يتظاهرون عند الشوارع الرئيسية، وقوات الأمن تطلق الغازات المسيلة للدموع على الأهالي والمنازل من دون أدنى تحسبٍ لهم، وكأنها تفرض عقابا جماعيا، هذا ليس حلا للمشكلة أبدا».
إلى ذلك، تعرضت بحرينية مع عائلتها إلى اختناق بسبب مسيلات الدموع حيث كانت موجودة بالقرب من سوق جدحفص، وقالت (ر.ع): «كنا برفقة إمراة وطفل يبلغ من العمر 10 سنوات في سيارة بالقرب من سوق جدحفص، وحينها تفاجأنا بحدوث صدامات بين متظاهرين وقوات مكافحة الشغب وإطلاق الأخيرة مسيلات الدموع بكثافة، ما أدى إلى اختناقنا داخل السيارة، فهرعنا إلى أحد المنازل القريبة هربا من الروائح الخانقة، إلا أنه وخلال لحظات أصبح الجلوس داخل المنزل مستحيلا بسبب امتلاء المكان بروائح الغازات، وقد اختنق جميع من في المنزل ومن بينهم طفلة عمرها 3 سنوات، فضلا عن وجود إمرأة داخل المنزل تعاني من ضيق في التنفس».
ووصفت (ر.ع) أوضاع 8 أفراد كانوا داخل المنزل بـ «المأسوي»، وقالت: «بادرنا بطلب سيارة الإسعاف، غير أن قوات مكافحة الشغب منعت السيارة من الدخول، وقد انتظرنا نحو 3 ساعات داخل المنزل نعاني من الروائح الخانقة، لحين وصول سيارة الإسعاف التي نقلتنا إلى الطوارئ وقد تلقينا الإسعافات اللازمة هناك وغادرنا المستشفى». وأشارت إلى أن «قوات الأمن كانت تقوم بتفتيش سيارات الإسعاف التي تصل إلى دائرة الحوادث والطوارئ».
وعلمت «الوسط»أن طفلة تبلغ من العمر سنة واحدة أدخلت المستشفى لمدة 3 ساعات بسبب استنشاقها كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع.
اختناق مصور «الوسط»
ولم تخل مصادمات الأمس من إصابات، إذ تلقى مستشفى البحرين الدولي أربع حالات، كان من بينها مصوّر صحيفة «الوسط»محمد المخرق الذي تعرض لاختناق بسبب استنشاقه كميات كبيرة من الغازات المسيلة للدموع بالقرب من جدحفص، كما نقل إلى المستشفى الدولي حسن علي أحمد الذي تعرض لطلق برصاص مطاطي في كليته وستجرى له الأشعة من أجل معرفة تفاصيل حالته، كما استقبل المستشفى الدولي أحمد محمد علي الذي أصيب من جراء استخدام الرصاص الانشطاري. أما الحالة الرابعة التي استقبلها المستشفى في الساعة الأولى من حوادث الأمس كانت عبارة عن تعرض شاب في العشرينات من عمره يدعى محمد سلمان لكسور في أجزاء مختلفة من جسمه. كما أدخل آخر إلى المستشفى بعد أن أصيب بثلاث طلقات من الرصاص المطاطي في ظهره، بينما كان على دراجته الهوائية في جدحفص.
وفي المساء تعرضت قوات مكافحة الشغب لشابين في جدحفص، وفيما لاذ أحدهما بالفرار تعرض الآخر لضرب من القوات بسلاح في رأسه ووضع في صندوق سيارة مدنية تابعة لوزارة الداخلية. وأفضت المناوشات إلى اعتقال شاب.
وضربت قوات مكافحة الشغب طوقا أمنيا على منافذ السنابس وجدحفص ومنعت دخول وخروج أي أحد من المنطقتين، فيما ذكر أحد أهالي السنابس أن قوات الأمن أطلقت عيارات نارية في الجو لمنعه من الخروج من المنطقة مع أطفاله عندما كان متوجها إلى المستشفى لزيارة زوجته التي وضعت مولودا جديدا أمس.
قبل انفلات الوضع
كانت مراسم العزاء اختتمت عصر أمس إذ توجه المعزّون إلى قبر المتوفى بمقبرة جدحفص وهناك تم إنهاء مراسم العزاء وإلقاء الكلمات الرثائية من قبل أهله وذويه، وشارك في المراسم عدد من أعضاء كتلة الوفاق وهم رئيس الكتلة الشيخ علي سلمان والنائب عبدالجليل خليل والنائب جلال فيروز والنائب سيد حيدر الستري، برفقة أعضاء من الأمانة العامة للجمعية.
وألقى الأمين العام لحركة (حق) حسن مشيمع كلمة دعا فيها إلى «تكاتف الجهود والوقوف صفا واحدا، وعدم الإنجرار وراء أي صراع داخلي أو مهاترات».
كما ألقى ابن عمّ الفقيد كلمة نيابة عن عائلة المتوفى رثاء على روح الفقيد، ووجهت فيها العائلة شكرها إلى جميع المعزين والشخصيات والرموز الذين واسوهم في مصابهم، ورفضوا فيها التعدي على أي شخصية من الشخصيات الحاضرة لمراسم العزاء.
«الداخلية» تدين أعمال التخريب
الى ذلك، صرح مدير عام مديرية شرطة المحافظة الشمالية «إنه عقب كسر فاتحة الفقيد علي جاسم مكي تجمع عدد من الاشخاص يقدر بنحو 500 شخص في منطقة جدحفص حيث خرجت مجموعة من المتجمعين لشارع البديع العام وذلك عند الساعة 4,40 مساء وبدأوا بتكسير وتخريب الممتلكات العامة والخاصة وإشعال النيران في الحاويات وإغلاق الطريق العام وسد المنافذ ، كما تعرضت سوق جدحفص للحرق وكذلك تعرضت سيارة مواطن للتكسير، ما أدى إلى ترويع الآمنين... وعلى ضوء ذلك تدخل رجال الشرطة للقيام بدورهم في حفظ الأمن والنظام ومنع المتجمعين من القيام بأعمال العنف والشغب حيث كانوا يستعملون الزجاجات الحارقة (المولوتوف) والأسياخ الحديد والحجارة بهدف الاعتداء على رجال الأمن وقد نتج عن هذه الأعمال إصابة أحد أفراد الأمن بإصابة بليغة، وسرقة السلاح الموجود بداخل إحدى سيارات الشرطة وحرقها بالكامل». وقالت وزارة الداخلية انه «وقع اعتداء على إحدى الدوريات التابعة للإدارة العامة للمرور بمنطقة السهلة بينما كانت تقوم بأداء الواجب». وأعتبر مدير عام مديرية شرطة المحافظة الشمالية «أن هذه الحوادث تعد تصعيدا خطيرا يمس السلم الأهلي».
أهالي المالكية يعتصمون
وفي سياق متصل، اعتصم عدد من أهالي قرية المالكية ظهر أمس عند مركز شرطة مدينة حمد مطالبين بالإفراج عن 6 معتقلين من أبناء القرية، والمعتقلون الستة هم إبراهيم خلف (28 عاما)، علي كاظم سعيد (15 عاما)، صادق علي المطوع (15 عاما)، محمود عون حسان (19 عاما)، هشام جاسم (13 عاما)، حسن علي عبدالله (28 عاما).
وقد تم إطلاق سراح 3 من المعتقلين خلال اليومين الماضيين، وهم إبراهيم علي عبدالله (25 عاما) الذي يعاني من رضوض في الجسم، أمين إبراهيم خليل (17 عاما) ويعاني من كسور في الحوض ورضوض في الظهر، بالإضافة إلى منصور علي منصور (13 عاما) الذي تعرض لضرب مبرح في وجهه.
بيان صادر عن وزارة الداخلية
تابعت وزارة الداخلية بأسف شديد بعض البيانات والتصريحات التي تتسم بالاستعجال وعدم الدقة في ما يتعلق بشأن ااحوادث الأخيرة لاسيما تلك التي حاولت تبرير ارتكاب أفعال مخالفة للقانون، وعابت على وزارة الداخلية حرصها على احترام وتطبيق القانون بإدعاء أنه مناف للدستور وهو أمر ليس لأحد أن يقرره إلا المحكمة المختصة بذلك.
وترى وزارة الداخلية أن هذه البيانات والتصريحات المستعجلة لها آثار سلبية ولا تساعد على معالجة الأمر بحكمة وموضوعية.
وتؤكد الوزارة على أن ما شهدته الأيام الماضية من تظاهرات وتجمع غير قانوني صاحبه إغلاق الطرقات العامة وحرق حاويات القمامة والإطارات قد أدى إلى ترويع أمن وسلامة المواطنين والمقيمين الأمر الذي تطلب تدخل قوات حفظ النظام لوقف ومنع هذه الأفعال، إلا أن هذه القوات قوبلت بأعمال عنف من مرتكبي هذه الأفعال إذ تم استعمال الزجاجات الحارقة ( المولوتوف) وأسياخ الحديد والحجارة الأمر الذي استدعى تدخل قوات حفظ النظام بالإجراء المناسب طبقا للقانون للقيام بواجبها في حفظ الأمن والنظام حماية للأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
وتؤكد وزارة الداخلية مرة أخرى على أنها تحرص على احترام القوانين وتعمل على تطبيقها إلتزاما منها بالقيام بواجباتها في حماية الأمن والنظام، وتدعو الوزارة الجميع إلى احترام كل قوانين المملكة ومؤسساتها الدستورية والقانونية عن طريق عدم استباق نتائج التحقيقات التي تجريها النيابة العامة بشأن الحوادث الأخيرة.
وتدعو وزارة الداخلية الجميع إلى الارتقاء لمستوى المسئولية والتحلي بالموضوعية وعدم تشويه الحقائق والبعد عن الإثارة والدفع بالحوادث باتجاه مزيد من العنف واعتبار أن ما يحدث يستلزم التوقف والتثبت لمراجعة الأسباب .
وترحب الوزارة بكل من يسلك الطرق القانونية كوسيلة لإظهار الحقيقة عن طريق اللجوء إلى مؤسسات الدولة المختلفة وذلك لتأكدها من سلامة موقفها القانوني ولرغبتها في التعاون بشفافية لإظهار الحقيقة للرأي العام. كما تؤكد في الوقت ذاته تصميمها وعزمها على مواجهة أية حوادث أو أفعال تمثل خروجا على القانون يكون من شأنها المساس بالأمن والنظام العام .
الوكيل المساعد للشئون القانونية بالوزارة
بيان الجمعيات بشأن الحوادث الأخيرة
تمر البلاد هذه الأيام بأوضاع مؤسفة وتفاعلات تنذر بجر البلاد إلى خانة المشكلة الأمنية التي عمل الجميع طويلا على الخروج منها ولا يرغب عاقلٌ في العودة إليها. إننا في الجمعيات الموقعة على هذا البيان نحمل الحكومة مسئولية هذا التراجع في الجو العام، فالمشاكل التي كانت قبل خمس سنوات ما زالت عالقة في مكانها، فالتمييز على حاله، والتجنيس ماض وكأن البلاد تشكو من قلة السكان، وصلاحيات المجلس المنتخب محدودة ومعطلة، وقد زاد من سوء الأوضاع التدهور الكبير في الوضع المعيشي، فالبطالة والتضخم والأسعار آخذة في الازدياد، والعجز الحكومي في حل مشكلة الإسكان واضح للمواطنين الذين ينتظرون منذ قرابة العقدين، ناهيك عن الفساد المالي والإداري.
إننا في الجمعيات الموقعة أدناه نؤكد على المطالبة بالحقوق ونشدد على الآتي:
1. ضرورة عدم تحويل المشكلة السياسية إلى مشكلة أمنية.
2. العمل على تجنب العنف من أي طرف وتحت أي ظرف أو مبرر.
3. ندعو الجهات الرسمية إلى السماح للفعاليات الشعبية بالتعبير عن مطالبها، في الوقت الذي نؤكد على الجهات الشعبية أيضا الالتزام بالنظام والقانون وتجنب الدخول في مواجهات مع رجال الأمن.
4. ندعو إلى التعجيل في طي صفحة ضحايا حقبة أمن الدولة من خلال مبادرة رسمية أهلية للخروج بجبر الضرر المعنوي والمادي لضحايا تلك الحقبة السوداء.
5. ندعو الحكومة ختاما إلى تنشيط الحوار السياسي ليشمل كل الفرقاء السياسيين بهدف إيجاد الحلول المناسبة والسريعة للمشاكل التي تعاني منها البلاد.
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
جمعية العمل الوطني الديمقراطي(وعد)
جمعية المنبر التقدمي
جمعية التجمع القومي
جمعية الإخاء الوطني
العدد 1932 - الخميس 20 ديسمبر 2007م الموافق 10 ذي الحجة 1428هـ