العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ

المحلل والباحث هيثم الكيلاني: هل يكفي أن نقول «لا للحرب»؟!

خليل تقي comments [at] alwasatnews.com

يقول البعض ان هذه هي حرب «هولاكو» المدجج في أحدث أنواع الأسلحة الذكية وغير الذكية، التقليدية وغير التقليدية لتدمير وإحراق بغداد، لتحقيق أهداف معلنة غير مقنعة، وأسباب خفية لا تمانع الولايات المتحدة مطلقا من إعلانها بعد أن سقطت ورقة التوت الأخيرة، وهي السيطرة التامة على النفط والإمساك بخناق العالم... هذه الحرب الظالمة، ما تداعياتها وما تأثيراتها؟

الباحث والمحلل الاستراتيجي هيثم الكيلاني قال لـ «الوسط»: خلال فترة قصيرة نسبيا شهدت مئات العواصم والمدن العالمية مظاهرات رفض شعبية ورسمية لم يشهد التاريخ مثيلا لها من قبل على خلفية التهديدات الأميركية ـ البريطانية بالحرب ضد العراق، وعلى هذه الخلفية تنادت العواصم والأنظمة السياسية المختلفة في العالم إلى عقد قمم رئاسية ووزارية للتعبير بوضوح عن رفض الحرب الأميركية ـ البريطانية، فقد تركز النشاط السياسي الدولي في قمة بروكسل الأوروبية وفي القمة الفرنسية ـ الافريقية، كما في قمة دول عدم الانحياز وفي القمتين الأخيرتين العربية والإسلامية فضلا عن القمم الثنائية والثلاثية التي جمعت الكثير من القادة والرؤساء على الرفض القاطع لخيار الحرب والدعوة إلى إيجاد مخرج سلمي للأزمة العراقية تنفيذا للقرار الدولي 1441 وإعطاء المفتشين الدوليين الفرصة الكافية لإتمام عملهم، وخصوصا ان عمليات التفتيش تتم بشكل سليم وتسير وفق البرنامج المخطط لها بالنظر إلى التعاون الإيجابي الذي يبديه الجانب العراقي مع فرق التفتيش الدولية.

وأضاف الباحث الاستراتيجي هيثم الكيلاني قائلا في تحليله لـ «الوسط»: والسؤال: ماذا كانت النتيجة؟ وما الخطوة التالية بعد كل هذا النشاط السياسي الدولي؟ هل سيكتفي العالم بقوله «لا للحرب»؟ وهل هذا هو كل ما يمتلكه العالم، أم انه يحتفظ بأوراق أخرى لم يلعبها بعد ولم يبرزها في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية؟ وإذا كانت مثل هذه الأوراق موجودة، فمتى يحين وقت طرحها؟...

بالأمس، وبعد كل هذا الرفض العالمي لمخططات واشنطن العدوانية، مضافا إليها رسالة البابا يوحنا بولس الثاني للرئيس الأميركي وإلى إعلان رغبته في التحدث مباشرة إلى مجلس الأمن الدولي، إلى جانب بيان مجمع الكنائس المسيحية في العالم الرافض للحرب، خرج رئيس الدبلوماسية الأميركية «كولن باول» بتصريحاته ليتحدى العالم بأجمعه ويتبجح بالقول إن بلاده جاهزة لشن الحرب ضد العراق بتفويض أو من دون تفويض من الأمم المتحدة، وكانت الولايات المتحدة الأميركية تريد القول لشعوب وأنظمة هذا العالم إنه لا سبيل أمامكم سوى الرضوخ لإرادتنا، وينبغي عليكم أن تترحموا على الأمم المتحدة وتتهيئوا لتقبل النظام العالمي الجديد الذي سنحدد أسسه وحدنا لاحقا.

وتابع المحلل والخبير الاستراتيجي هيثم الكيلاني قائلا لـ «الوسط»: في الحقيقة الولايات المتحدة الأميركية كانت تقول مثل هذا الكلام منذ فترة غير قصيرة، إنما تلميحا، بينما باتت تقوله اليوم تصريحا، ولاسيما عندما أعلنت ان اجتياحها واحتلالها للعراق وبعيدا عن مسألة نزع سلاحه، سيمكنها من إعادة رسم خريطة وملامح المنطقة بأكملها وبما يحقق مصالحها. وقد نبّه الرئيس بشار الأسد في القمة العربية إلى خطورة الحرب والمخططات الأميركية وانه ينبغي علينا السعي إلى تحقيق مصالحنا وليس إلى تحقيق مصالح الآخرين، وأكد ان الأميركيين قرروا خلع جميع الأقنعة التي كانوا قد استخدموها لخداع العالم، وقالوا صراحة إن القضية هي قضية سيطرة على العالم وليست قضية نزع أسلحة أو حقوق الإنسان أو نشر الديمقراطية، مشددا على ان القضية هي النفط الذي يعتبر إحدى أدوات السيطرة على العالم.

وختم الباحث والمحلل والخبير الاستراتيجي هيثم الكيلاني تصريحه لـ «الوسط» بالقول: لا شك في ان النفط يشكل إحدى أهم أدوات السيطرة على الاقتصادات العالمية، فهو بمثابة القلب بالنسبة إلى أوروبا الصناعية، واستطرادا يبدو واضحا ان إخضاع القارة الأوروبية هدف استراتيجي للولايات المتحدة الأميركية، يؤمن الأميركيون انه هدف يستحق العناء، ويعتقدون ان هذه الحرب على قدر من السهولة بما يمكنهم من تحقيق هذا الهدف إلى جانب عدد من الأهداف العدوانية الأخرى المشتركة مع «إسرائيل»، وبما يوفر عليهم الخوض في كثير من المصاعب والمتاعب فيما لو اضطروا إلى التحرك على محاور أخرى، بناء على ذلك وانطلاقا من فرضية ان الأوروبيين، ومعهم الروس، يدركون أبعاد الحرب وتأثيراتها وانعكاساتها السلبية عليهم سياسيا واقتصاديا، ما يعني معرفتهم الدقيقة بأنهم مستهدفون وانهم في قلب اللعبة الأميركية وضمن دائرة الخطر بالقدر نفسه مع شعوب المنطقة، هل يصح التساؤل فيما إذا كانت هذه الدول وهي تمتلك إمكانات وقدرات كبيرة ستكتفي بمقولة «لا للحرب»؟ أم انها ستقول أشياء أخرى..

العدد 198 - السبت 22 مارس 2003م الموافق 18 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً