العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ

عودا على بدء... رسوم تنظيم سوق العمل

عباس هاشم Abbas.Hashim [at] alwasatnews.com

أتذكر جيّدا التصريح الذي أطلقه وزير العمل السابق عبدالنبي الشعلة فدغدغ به خيال العاطلين المتلهفين للحصول على وظيفة.

كان ذلك في العام 1996 حيث تم رفع الرسوم المفروضة على استجلاب العمالة الأجنبية بنسبة ما يقارب ثلاثة أضعاف، وذلك من 40 دينارا إلى 150 دينارا كل سنتين، والسبب كما صرّح الوزير السابق الشعلة هو من أجل إجبار أرباب العمل على توظيف مواطنين، فهل تحقق ذلك؟ أبدا، الذي حدث عكس ذلك، فأجور المواطنين تدنت بسبب زيادة كلف المعيشة، مع أنّ أجور العمّال الأجانب ارتفعت. بالتالي لماذا الزعم حاليا بأن فرض الرسوم بالطريقة الحالية الشاملة، وبلا تمييز بين القطاعات والوظائف، قادرة على تحقيق هذا الغرض؟ أمّا مَنْ يزعم بأنّ رفع الرسوم آنذاك من 40 إلى 150 دينارا لم يؤثر على حياتنا، فهو يتحدّث بلا دليل، فهل من المعقول أنّ أرباب العمل في مختلف القطاعات لم يرفعوا أثمان سلعهم وخدماتهم نتيجة تلك الزيادة؟ هل يوجد أحد ينكر انخفاض القوّة الشرائية لدخل المواطن بشدّة؟

كيف يجرؤون على إنكار هذه الحقيقة من على صفحات الجرائد، بينما أقرّت دراسة مكنزي بأن أجورالموطنين تدنت بنسبة 22.5 في المئة خلال الفترة من العام 1990م إلى العام 2002م. من يستطيع شراء سيّارة جديدة من الشباب مقارنة بما قبل 15 عاما؟ هل بإمكان من بنى بيتا سابقا أنْ يكرر ذلك حاليا؟ هل قام هذا الذي يزعم بعدم تغير شيء بعد زيادة الرسوم سنة 96 بدراسة تثبت دعواه؟

الخشية أنْ ينطبق علينا المثل العراقي «لا حظت برجيلها ولا خذت سيّد علي»، فلا مشكلة البطالة تم حلها آنذاك ولا الأجور ارتفعت، في الوقت نفسه ازدادت الكلف على عامّة المواطنين، والآن َيتم تكرار التجربة برسوم هيئة تنظيم سوق العمل.

هذا ليس كلاما لا أساس له، إذ يرى بعض أهل الاختصاص أنه إذا رفعت الدولة الضرائب على الأرباح التي يجنيها القطاع الخاص، فإنّ هذا الأخير قد يقرر تحويل هذه الكلف إلى المستهلكين من خلال رفع الأسعار. وبذا فإنّ أرباح القطاع الخاص ستبقى كما هي والضرائب قد حمل أعباءها المواطنون عن طريق ارتفاع كلف السلع والبضائع المستهلكة. (نقلا - بتصرّف - عن كتاب الحكومة والفقراء والإنفاق العام لعبد الرزاق الفارس، ص155 - 156).

إذا، فأرباح القطاع الخاص لن تتضرر برسوم الهيئة ما دام التجّار أحرارا في رفع أثمان سلعهم وخدماتهم، فكلما زادت الرسوم على استجلاب العمّال الأجانب، سيرفع التجّار ثمن سلعهم، وسيظل المتضرر الوحيد هو المواطن.

نعم، لو استطاع العمّال بالإضرابات - مثلا - إجبار أرباب العمل على رفع أجورهم (الرواتب) بمقدار يكافئ الزيادة في ارتفاع أسعار السلع والخدمات (معدلات التضخم)، فهذا من شأنه بالتحليل الأخير تقليل هامش ربح المؤسسات الخاصة، ولكن ذلك في حالة إن كان الموظفون مواطنين وليسوا أجانب يقبل بعضهم بالعمل كأقنان الأرض.

إنّ حسبة بسيطة ستظهر أنّ الرسوم الجديدة لهيئة تنظيم سوق العمل ستستنزف المزيد من رواتب العمّال البسطاء متدني الأجور.

في بعض البلدان المتقدمة الرأسمالية - كما نقل لي أحد المستقرين هناك منذ اكثر من عشرين عاما - ُيوجد قانون يلزم صاحب العمل بإثبات عدم وجود مواطن لشغل الوظيفة حتى يسمحوا له باستجلاب أجنبي، هذا فيما يتعلق ببلد كبير، فهل هذا صعب على دولة صغيرة كبلدنا تطبيقه على القطاعات ذات الرواتب المجزية والمغرية للمواطن للعمل فيها بدلا من فكرة رسوم هيئة تنظيم سوق العمل؟

إقرأ أيضا لـ "عباس هاشم"

العدد 2074 - السبت 10 مايو 2008م الموافق 04 جمادى الأولى 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً