العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ

حرمت من «البحر»... ولكنها ستبقى «أم الحصم»

عمرانها المذهل لم يغلب تراثها وأصالتها

البحر أيا كان موقعه، بعيدا أم قريبا، سيبقى في قلب أم الحصم، تلك القرية التي تستغرب كثيرا كيف أنها لاتزال قوية تواجه ذلك العمران المذهل داخلها وخارجها وحولها، من عمارات سكنية، وفنادق وشقق مفروشة ومعارض؛ لتحافظ على تراثها وأصالتها... حتى أنك لتشعر بالراحة حين تشاهد ذلك الرجل البحريني الأسمر البشرة، وهو يسير في بعض طرقات أم الحصم التي تعج بالعشرات من غير البحرينيين من مختلف الأجناس...

يقول الأجداد، ويوافقهم الكثير من الآباء في ذلك على أن تسمية القرية تعود الى قربها الملاصق يوما ما في الماضي للبحر، وللشاطئ الذي كان مليئا بالقواقع البحرية بأشكال وألوان ونماذج مختلفة التي تعرف باللهجة العامية «الصبان والحصم»، فكان أهل القرية قديما يعملون في البحر ويكسبون رزقهم منه، ولعلاقة المنطقة بالبحر وبصبانه وحصمه أطلق عليها اسم «أم الحصم».

صانعة الرجال... أهل البحر

يهدينا أحد عشاق قرية أم الحصم، وهو عبدالهادي الخلاقي بعض ما كتب في مدونة «شذارت»، فتعبيرا عن حب هذه القرية وأهلها عبر عن مشاعره بالقول: أم الحصم جزء لا يتجزأ من مملكة البحرين بقيمها البحرينية الأصيلة وبساكنيها الذين يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة جيلا بعد جيل، فهذه المنطقة كانت في السابق ومازالت صانعة الرجال الذي امتهنوا حرفة الصيد فكان البحر مصدر رزقهم وكان السمك غذاؤهم.

أم الحصم بينابيعها التي كانت تسقي العطشان تصب ماءها على سيف البحر حينما كان البحر يداعب المباني والمساكن، ومنها مدرسة أم الحصم الابتدائية التي كانت في السابق مطلة على شاطئ البحر. في السابق كانت الحياة تختلف بما فيها من تعب ومشقة وببساطتها التي كان المواطن البحريني فيها لا يخشى على نفسه وأهل بيته الجوع والفقر، فالبحر معطاء ومصدر رزق لكل من يقصده، وكذلك الترابط الاجتماعي والمحبة بين الأهالي كفيلان بإطعام كل محتاج من أبناء المنطقة.

اختفت أحياء كثيرة ولكنها باقية

واليوم مازالت أم الحصم شامخة تحافظ على تراث الأجداد، وتصون العادات والتقاليد البحرينية الأصيلة، وتحافظ على الكيان والهوية العربية الإسلامية، ومازالت صانعة الرجال ممن كان لهم دور كبير في صنع القرار والمشاركة في التنمية والبناء في مملكة البحرين منذ القدم، فأبناء أم الحصم كانوا ومازالوا يحملون على عاتقهم الولاء والمحبة والإخلاص للوطن ويذودون عن مصالحه وممتلكاته بكل تفان وإخلاص محبين لهذه الأرض ولترابها. واليوم ورغم الزحف العمراني الذي طال وتوسع في جميع مناطق المملكة وخاصة في مدينة المنامة عاصمة المملكة، واختفاء أحياء كثيرة مازالت منطقة أم الحصم تحافظ على طابعها البحريني بمبانيها وبأصالتها وبأبنائها الذي يصرون على العيش في أحيائها بين أهاليهم يجمعهم الود والتكافل الاجتماعي الفريد والتسامح والعطاء يتقاسمون لقمة العيش فيما بينهم ويحنون على اليتيم ويطعمون الفقير، وترابطهم الإنساني الذي أخذوه من سماحة الإسلام ومن طيبة قلوبهم جعلهم يمتازون ويحافظون على كيانهم الاجتماعي الواحد، وهذا ما يجعلهم يفضلون البقاء في هذه المنطقة ويأبون الخروج لتظل سمة من سمات الأصالة والإصرار على البقاء بين عبق التاريخ وذكريات الآباء والأجداد، محافظين على تراثهم وإصرارهم على المساهمة في صناعة المستقبل المشرق للمملكة وصناعة الرجال الذين تفخر بهم المنطقة وتفخر بهم البحرين، ويكونون فخرا لهذه الأرض التي ينتمون إليها وتنتمي إليهم، إنها منطقة (العيون) أرض البحر والرمال والبساتين، إنها أم الحصم عبق الماضي وواجهة المستقبل وصانعة الرجال.

تحولنا الى «خرسانة»

بعين دامعة في الحقيقة، تحدث الحاج بويوسف الذي اعتاد على الحضور مبكرا الى مسجد البنعلي يوم الجمعة حيث التقيناه، فأشار الى أن هذه القرية تحتاج الكثير، ولعل أول ما تحتاج إليه هو أن يكون فيها مكان يتنفس فيه الصغار والكبار، فنحن لا نستطيع أن نرى البحر وقد فقدناه فعلا، ولكن على الأقل نريد أن تكون لدينا أماكن نجلس فيها للترفيه عن النفس، فقبل سنوات كانت هناك حديقة تحولت بعد ذلك الى مقهى، لا يمكن أن ترى شكل الخضرة، وخصوصا أن منطقة أم الحصم اليوم تحولت الى منطقة حديثة وكلها مبان وخرسانة... الروح يا وليدي، تبقى الروح في أم الحصم بأهلها... مجالسها... وبعد، نريد أيضا أن تكون طرقاتها أفضل وضعا مما هي عليه اليوم على رغم أن طريقها الرئيسي لا بأس به، ولكن على مستوى الطرقات الفرعية فهناك الحاجة إلى المزيد.

فلنطلق عليها

«أصالة ومعاصرة»

وفي مقهى شعبي قريب، اعتاد مجموعة من أهالي قرية أم الحصم ومعهم يداوم على الحضور بعض شباب قرى الجفير والماحوز والمناطق القريبة من أم الحصم الجلوس وتجاذب أطراف الحديث ولعب الدومينو حينا والورق حينا آخر... يشير أحد الشباب بالقول الى أن منطقة أم الحصم تستحق فعلا أن نطلق عليها «الأصالة والمعاصرة»، فرغم تحولات الزمن لاتزال تحافظ على أصلها وأصالتها، فيما تشاهد الفنادق والشقق المفروشة والمطاعم والمقاهي التي لها في الغالب لون يختلف عن لون أهل البحرين.. أقول يمكنك أن تسمى ذلك «معاصرة»... قال ذلك مازحا، ولكنه أشار الى أن الشباب يهمهم كثيرا أن تسارع الدولة في إيجاد مشروع اسكاني لأصحاب الطلبات من أهالي منطقة أم الحصم، كما نريد أن تسارع أيضا في تكثيف الدوريات الأمنية لضرورتها مع ازدياد الأنشطة الليلية في المنطقة، ووقف اصدار أية تراخيص لعمارات سكنية تقام لفنادق أو مطاعم بالقرب من منازل الأهالي التي أصبحت ملاصقة للكثير من تلك المباني.

ويكرر الأهالي الطلبات ذاتها المتمثلة في المشروع الإسكاني، وفي تحسين الطرقات، ومساعدة الأسر التي تعيش في منازل آيلة للسقوط بالإضافة الى مرتفعات تخفيف السرعة في بعض المواقع الخطرة. وهنا يشارك ممثل الدائرة السادسة بمجلس بلدي العاصمة خميس الرميحي الذي يؤكد أن طلبات الإسكان هي الهم الأكبر للأهالي، وليس في منطقة أم الحصم فحسب بل في جميع مناطق البحرين، وفي المنامة لدينا حوالي 5 آلاف طلب ولكن ليست لدينا أراض وهذا ما يحز في النفس، ونحن نرى المناطق والمحافظات الأخرى ونتأسف لأننا نتعرض للغبن ونستاء كثيرا، زد على ذلك أن هناك تأخيرا في تنفيذ أعمال تبليط وتعديل الشوارع في الدائرة السادسة ككل، وليس في أم الحصم فقط بل في 8 مجمعات تشكل الدائرة السادسة.

وأوضح الدوسري: «أنا من أم الحصم، ولكن أنا هنا في هذا الموقع لخدمة أبناء الدائرة كلهم، وأسعى لأن تحظى بعض الطلبات القديمة للتحرك على مستوى الإسكان، وهناك مشروعات أخرى مثل الساحات الشعبية للأطفال والبيوت الآيلة للسقوط ومرتفعات تخفيض السرعة، مع أننا نسعد حين ننجز شيئا فقد نجحها في إنجاز 8 بيوت تم ترميمها ضمن الآيلة للسقوط».

جامع الملك خالد

قريبا، سيبدأ العمل في إنشاء جامع الملك خالد الذي سينشأ في موقع الحديقة الحالية القريبة من جامع أم الحصم الذي سيتم تحويل أرضه الى المنفعة العامة بعد اكتمال جامع الملك خالد، كما يقول الرميحي. والمشروع سيقام على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.

ويشير الرميحي الى أنه مكلف من قبل الديوان الملكي بمتابعة المشروع الذي يشرف عليه رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة. هذا من ناحية الجامع، أما من ناحية شقق الإسكان، فسيتم البدء في صيانتها وصباغتها بعد الانتهاء من مشروع صيانة شقق أم الحصم، ونسعى مع كل من وزير الإسكان وهيئة الكهرباء والماء لتلبية احتياجات أهالي الدائرة السادسة عموما لتبليط الشوارع والإنارة، وتسريع حصول بعض الأسر على خدمة اسكانية.

لا أحد يجهل

تقاطع «أم الحصم»!

اشتهر تقاطع «أم الحصم» منذ سنين، وزادت شهرته هذه الأيام باعتباره مرتبطا بمشكلة الازدحام المروري ومشروع إنشاء الجسر العلوي للقضاء على مشكلة الضغط على جسر سترة، اكتمل إنشاء جسر سترة القائم في العام 1976 ليربط بين المنامة وسترة مرورا بجزيرة النبيه صالح، وليكون أحد المسارات الاستراتيجية في شبكة الطرق في مملكة البحرين. وخلال العقود الثلاثة الماضية تدنت حالة الجسر بشكل ملحوظ من حيث قدرة الجسر على تحمل الكثافة المرورية العالية التي تمر عليه. وأدى ذلك إلى منع الشاحنات من استخدام الجسر حاليا، منعا لتعرض سلامة الجسر لأية حمولة زائدة، بالإضافة إلى ذلك ازدادت مشاكل الازدحام المروري اليومية التي تشهدها الطرق المؤدية إلى الجسر، وخاصة تقاطع شارعي الشيخ عيسى بن سلمان والشيخ جابر الأحمد الصباح (تقاطع أم الحصم). لذلك قامت وزارة الأشغال بأعمال تصميم وإشراف إعادة إنشاء جسرين جديدين غرب الجسر القائم بموازاته على بعد 50 مترا، جسرا شماليا بطول 200 متر وجسرا جنوبيا بطول 400 متر. كذلك سيضم المشروع تطوير تقاطع أم الحصم بإنشاء جسور علوية لتحمل الحركة المرورية من الشرق إلى الجنوب (باتجاه واحد)، ومن الشرق إلى الشمال (باتجاه شارع الكويت). وسيتم إنشاء نفق لينقل الحركة المرورية من الشرق إلى العرب باتجاه السعودية.

الموقع

هي إحدى قرى محافظة العاصمة، تقع الى الجنوب من قرية الماحوز، وجنوبها تقع منطقة ميناء سلمان والى شرقها قرية الغريفة، ومن الغرب تحدها منطقة الزنج الجديدة، أما في شمالها الشرقي فتقع منطقة العدلية.

تعداد سكانها

يبلغ تعداد سكان قرية أم الحصم 3 آلاف نسمة.

مجمعاتها

تضم القرية المجمعات رقم 331، 333, 335, 336، فيما تشمل الدائرة السادسة بمحافظة العاصمة 8 مجمعات تضم: أم الحصم - القضيبية - العدلية - بوغزال (337 ، 338 ، 339 ، 373).

المرافق الحكومية والأهلية

- محافظة العاصمة.

- مركز شرطة أم الحصم.

- المؤسسة العامة للشباب والرياضة.

- مركز العلوم للأطفال والشباب.

- إدارة منطقة ميناء سلمان.

- الصالة الرياضية.

- نادي أم الحصم

- مركز البنعلي لتحفيظ القرآن.

- مركز التوحيد لتحفيظ القرآن

- صندوق أم الحصم الخيري.

- إدارة توزيع الكهرباء والماء.

-(كما تضم مقار العديد من الجمعيات السياسية والدينية والمهنية)، وعدد من السفارات.

مدارسها

- مدرسة أم الحصم الابتدائية (حكومية).

- مدرسة آسيا (خاصة).

المرافق الطبية

أصبحت منطقة أم الحصم من المناطق الطبية الكبيرة بمؤسساتها الطبية في غضون السنوات العشر الماضية، ومنها مركز صباح السالم الصحي (حكومي)، مركز كيم البحرين الصحي (خاص)، مركز ابن النفيس الصحي (خاص)، مستشفى الخليج التخصصي للأسنان (خاص).

أشهر عوائلها

أول من سكن في منطقة أم الحصم عائلة آل البورميح وكان الآباء والأجداد يصيّفون (أي يقضون فترة الصيف) في ام الحصم ويشتّون في قرية «جو». ومن عوائلها أيضا: آل بن علي، والشملان وآل جنيد والبومجيد (انتقل بعضهم للسكن في أم الحصم قادمين من المحرق)، والسويدي، وانجنير، وبن مطر. (المصدر: عضو المجلس البلدي خميس الرميحي).

العدد 2154 - الثلثاء 29 يوليو 2008م الموافق 25 رجب 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً