العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ

انقلاب 17 يوليو أدارته (سي آي اي) ولا أستبعد لجوء صدام إلى أميركا

الخالصي يتحدث لـ«الوسط» عن أقطاب المعارضة والمستقبل في العراق

تحدث أحد مؤسسي الحركة الإسلامية في العراق الشيخ جواد الخالصي (ابن الامام الخالصي وحفيد الامام الخالصي وهو من كبار المجتهدين والمجاهدين ضد الاستعمار البريطاني) الى الوسط عن «خريطة» قوى المعارضة العراقية، العميلة منها والوطنية، كما تحدث عن التآلفات التي بدأت لمواجهة الاحتلال ولحماية وحدة العراق ارضا وشعبا بتنوعاته المختلفة المسلمة والمسيحية واليهودية، من دون ان يغفل الاشارة الى مخاوفه من حرب اهلية بتشجيع من الاحتلال الاميركي ـ البريطاني. وجرى معه في بيروت هذا الحديث قبل ثلاث ساعات من حادث اغتيال السيد عبدالمجيد الخوئي...

* ما الذي يحصل في العراق بعد انهيار النظام بهذا الشكل المريع بعد أن كان قد قدم نفسه بأنه قوة تكاد لا تقهر؟

- بداية اشكر صحيفة «الوسط» لاتاحة هذه الفرصة لابداء الرأي. إن النظام في العراق لا يعرفه ابناء الامة العربية، هو نظام قمعي ومبني على الخوف والتخويف داخل مؤسساته والذي يخيفهم هو صدام الذي لن يتورع عن ارتكاب أية جريمة وفي اية لحظة لسبب تافه. لقد قتل صهريه بعد ان اعطاهما الامان وقتل اقرب الاشخاص إليه من حزب البعث وشتت اسرته الداخلية، حتى لا ننسى جريمته بالحرب ضد إيران وغزو الكويت ودعمه لقوى متحالفة مع «اسرائيل» في لبنان. هذا النظام الذي انهار سريعا هو صنيعة المخابرات المركزية الاميركية (سي آي اي)، وانقلاب 17 يوليو/تموز ادارته هذه المخابرات. لقد سلم بغداد تسليما إلى الاجنبي في حين كان الكل يتوقع ان تكون بغداد مقبرة للغزاة. ولكن انا باعتباري عراقيا كنت اسأل نفسي وأشعر بالريبة تجاه هذا الرجل عمّا اذا كان سيسلم بغداد كما فعل الحكم العباسي الفاسد بتسليمه بغداد الى المغول. وهذا هو الذي حصل. هناك من راهن على خلافات داخلية ولكن وعي المراجع الشيعية فوت الفرصة عليهم باتخاذه موقفا ضد الاحتلال، بالاضافة الى موقف اخواننا السنة، ونحن حركة اسلامية تدعو الى الوحدة. فالنظام لم يكن سنيا لانه لم يكن اسلاميا، واذا اراد احد المزايدة فالشيعة هم في طليعة من يدافعون عن العراق. انا سأروي هنا قصة للمرة الاولى وقد رواها لي أحد ابرز قياديي حركة حماس، المجاهد المناضل عبدالعزيز الرنتيسي الذي ندعو إليه وإلى فلسطين بالنصرة، انه كان في سجن في غزة يوم اجتاح صدام الكويت، فجلس والقيادي الشيخ أحمد ياسين وشخص ثالث يحللون شخصية صدام وعما اذا كان فعلا مناصرا لقضية فلسطين ام متآمرا عليها، فخرجوا بنتيجة حاسمة ان صدام متآمر على القضية الفلسطينية، وهذا ما نجزم به نحن منذ اقدم على سحب 25 ألف جندي عراقي من الجبهة الشرقية على حدود الاردن يوم استولى هذا النظام على الحكم. أريد هنا ان اذكر ان الذين رفعوا صورا لهذا الرجل في التظاهرات كانوا مأجورين وقبضوا اموالا .

* هل من اخبار خاصة تصلكم عن الوضع الداخلي في العراق غير تلك التي نسمعها من وسائل الاعلام؟ وهل لايزال صدام حيا باعتقادكم هو وقيادته ام انه قتل؟ وماذا عن الصفقة التي يحكى عنها؟

- عندما تغيب قيادة بكاملها عن بغداد فهو أمر يدفع الى الشك في وجود صفقة، وربما في وجودها قبل بدء الحرب وكأن صدام اراد ان يظهر هذا الاميركي الجبان منتصرا والامة مهزومة مع هذا المهزوم. وانا لا استغرب ان يكون صدام قد لجأ الى اميركا وآخرون معه.

* يعني لا معلومات دقيقة لديكم؟

- الى الآن كلا. أما عن الوضع الداخلي في العراق فالامر ليس كما تصوّره وسائل الاعلام الاميركية والمتأمركة، فالذين وقفوا قرب التمثال ليسوا إلا حفنة أتت بهم أميركا وشجعتهم على ذلك قوات الاحتلال. أما نحن فممن كان ينتظر الفرج بذهاب صدام وكنا نريد اسقاطه بأيدينا لكن هذه الفرحة ذهبت بأيدي الخديعة الاميركية.

* لقد ذهب النظام وكنتم تريدون ذلك، وحقٌ مشروعٌ لكل عراقي ان يفرح بذلك، ولكن ما خططكم للمرحلة المقبلة وقد صار العراق تحت الاحتلال؟ ثم من هي قوى المعارضة العراقية ومن الذي سيناصر الاحتلال ومن الذي سيقاومه؟

- أود ان اشير الى ان الكثير وبشكل متعمد خلطوا على العرب والمسلمين حقيقة المعارضة العراقية. المعارضة العراقية هي التي ترتبط بتاريخ نشوء الدولة العراقية وبالذين رفضوا هذا النظام منذ البداية، أما الذين تقدمهم اميركا فبعضهم من جلادي النظام وقتلته.

* كالخزرجي مثلا؟

- كلا، انا أميز الخزرجي قليلا لأن رئيس الاركان يسمى عادة في العراق خراعة خضار (اي فزاعة)، وبحسب معلوماتنا فإنه اهين اهانة مباشرة وشخصية من عدي صدام حسين وفي بيته ولم يشارك في جرائم الحرب على الاكراد، والاكراد انفسهم يقولون ذلك. أما المجرم فهو وفيق السامرائي وكان مديرا لدائرة الاستخبارات وهي من اسوأ اماكن التعذيب في العالم. انا لم أنسَ طيلة حياتي ما شاهدته في سجن المخابرات العسكرية لليلة واحدة امضيتها كضيف وكنت مطلوبا لجهة ثانية، هذا السجن الذي يقع في وزارة الدفاع خلف جامع المعظم. اما حسن العلوي فهو من رموز النظام ويريد ان يقدم نفسه كمعارض. ان كل من تعاون مع الادارة الاميركية عبدالمجيد الخوئي ومصطفى القزويني الذي يعيش في اميركا ويفتخر بأنه يتعاون مع الـ «اف بي اي»، وهناك احمد الجلبي وهو المطلوب بجريمة سرقة بنك مبكو ومحكوم عليه في الاردن لمدة 21 سنة وهو عندما يريد ان يتمرد احيانا على الاميركيين يشيرون اليه بسرقاته ومذكرة الانتربول بحقه، وهو من فريق اللوبي الصهيوني في الـ «سي آي اي».

بعض المعارضين وقعوا في الطمع والجهل ومنهم بكل صراحة السيد محمد باقر الحكيم الذي ايضا لا يمثل مجلسه الاعلى للثورة احدا. لم يبق إلا السيد الحكيم، وانا شخصيا من مؤسسي هذا المجلس قبل 20 سنة وتركته بعد سنتين لأنني وجدت فيه منحى شخصيا والعراقيون سيئو الظن به ولا تمثيل شعبي له، وقد استدرجه الجلبي والطالباني الى العلاقة مع الاميركيين. هؤلاء مجموعة ربتهم المخابرات الاميركية وفي هذا نفع لنا لأنهم ظهروا على حقيقتهم ونحن ولا مانع لدينا من التعامل مع من يتوب باكرا منهم.

* خطآن يخدمان ظهور معارضة نقية في العراق ترفض هذا الاحتلال حتى لو بغير العمل المسلح وهما: انهيار النظام وهكذا معارضة التي تحدثت عنها ...

- إن المعارضة المخلصة تؤكد رفضها للاحتلال ولأية حكومة قد يفرضها الاحتلال وهذه هي المعارضة الحقيقية. وهي من عارض النظام منذ بدايته ورفضت الحرب على ايران والكويت وتعترض الآن على دور الكويت الحالي ومن يشاركها ضد الشعب العراقي.

* من هم الاطراف الاقوى في الداخل العراقي كمعارضة؟

- سأتحدث هنا عن الشهيد محمد، ابن محمد صادق الصدر، كان من تلامذة الشهيد محمد باقر الصدر الذي تم التحريض على قتله. محمد هذا معروف بالزهد والاعتدال وتعرض لمضايقات شديدة من السلطة، وعندما شعرت ان تيارا اسلاميا ينمو في العراق وكان أصدر يدعو الى الوحدة الاسلامية وانه لا فرق بين السنة والشيعة، فقتل السيد محمد صادق الصدر مع ولديه بتخطيط اميركي ـ اسرائيلي لأنه قلب المعادلة على الاميركيين. ان سقوط صدام فرج لنا واخطاء المعارضة ستساعد على تشكيل حالة ضد الاحتلال، واذا بقي الاحتلال فأعتقد انه سيجابه بالشعب العراقي مثلما جوبهت «اسرائيل» في لبنان، ولا ننسى مقاومات الشعب العراقي ضد الغزاة على مر التاريخ.

ونحن باعتبارنا حركة اسلامية في العراق ونعمل مع ثلاث قوى في الجبهة الاسلامية المتحدة تشكل الكتلة الاسلامية في العراق وهم من تلامذة الامام الشهيد الشيخ عبدالعزيز البدري ويمثلهم الشيخ الالوسي وهو مقيم في الاردن، والسيد احمد حسن البغدادي ويمثل حركة الاسلاميين الاحرار وهو حفيد المرجع الكبير الامام البغدادي من المجاهدين الاوائل، وهذه القوى الثلاث من الاقرب إلينا ونحن الاقرب إليهم اضافة الى حزب الدعوة الاسلامية وخصوصا بعد موقفهم المشرف والشجاع الذي ثبت في وجه المخطط الاميركي وعندما رفضوا الاشتراك في مؤتمر لندن على رغم الضغوط التي مورست عليهم وكذلك الحزب الاسلامي العراقي الذي رفض المشاركة في مؤتمر لندن وهو الآن معنا، وقد كان للسيد محمد حسين فضل الله دوره المشرف في تثبيت الموقف الصحيح والدفاع عنه وحثه الآخرين على الالتزام به، وهذه نقطة تمثلها المرجعية الرشيدة في الامة التي نحن نعتبرها المرجعية الصحيحة لا المرجعيات الساكتة التي لا نعرف كيف تتكلم ومتى تتكلم.

* كيف ستكون علاقتكم بالمسئولين الاكراد بعد الموقف المعلن لهم مع الاميركي الغازي؟

- إن من الثوابت الرئيسية لمشروعنا هو اسقاط النظام ثم وحدة العراق ووحدة كيانه السياسي ووحدة الشعب العراقي وعدم تجزئته لا قوميا ولا مذهبيا، مع الاصرار على المواطنة الكاملة لأبناء العراق من المسيحي واليزيدي وحتى اليهودي العراقي. احدى ابرز مشكلاتنا مع النظام، موقفه من الاكراد فعندما ضربت حلبجة كنت فيها وغيرها وكنا مع الاكراد في تعرضهم للظلم لأننا من مدرسة الإمام علي بن ابي طالب (ع). قلنا للاكراد منذ البداية لا تراهنوا على العالم الخارجي، والسيد مسعود البارازاني مقتنع بهذه الفكرة أما الطالباني فلا. وأعتقد ان الاصابة التي اصابت ابنه وشقيقه هي رسالة من الاميركيين إليه. هو ليس عميلا لهم على رغم انه زار «اسرائيل» وقد اعترف بأنه ذهب تحت الضغط وكنا أيدناه على ذلك، ولكن لو ترك وشأنه فهو وطني عراقي، أما الآخرون فهم عملاء للـ (سي آي اي) كما احمد الجلبي واياد علاوي. الشعب الكردي هو شعب صلاح الدين الايوبي وهو شعب مسلم وأخ لنا، وأذكر هنا ان والدي المرحوم الإمام الخالصي اشتبك مع عبدالكريم قاسم بسبب المظالم ضد الاكراد وعندي رسالة مفصلة في ذلك من والدي الى قاسم اذا ارادت صحيفتكم نشرها فلا مانع لدي.

* ما ابرز الصعوبات التي تتوقعون مواجهتها غير الاحتلال؟

- الاحتلال اولا، وثانيا الازمة الاقتصادية ثم التفكك الاجتماعي والمخلفات الاجتماعية وهي ما نسميه الخلق الصدامي (نسبة الى صدام حسين). ولكن لنا ثقة بهذه الامة وهذا الدين العظيم الذي نقل الامة من الجاهلية الى التمدن بين ليلة وضحاها.

* لو ثبت ان صدام لايزال حيّا هل تطالبون بمحاكمته باعتباره مجرم حرب؟

- انه مجرم وقاتل ولكن اذا أردنا محاكمة المجرم الحقيقي فعلينا المجيء بالذين خططوا لانقلاب 17 يوليو/ تموز من الـ (سي آي اي) وأركبوا صدام على رقبة الشعب العراقي. انه التقاط مخابراتي لتسليطه على رقاب الناس كان قد بدأ حياته قاتلا مأجورا.

* ما الذي تخشونه أكثر؟

- نخشى حصول حرب اهلية وبتشجيع من المحتلين ليكون كل طرف بحاجة إلى هذا الاحتلال.

* ما الذي ستقوم به عندما تعود الى العراق؟

- نحن كلامنا علني نخطب في الجماهير، وسنقيم صلاة الجمعة في الكاظمية وفي بغداد وانحاء اخرى في العراق وهي الصلاة التي اسسها رسول الله واحياها الإمام الخالصي ثم الامام الصدر فأعاد لها المجد. وستكون في كل العراق جامعة وحدوية تشمل السنة والشيعة والمسلمين جميعا وتحترم كل ابناء العراق وتتفاعل مع المسيحيين، وحتى اليهود نريدهم آمنين في العراق لمواجهة العدو الصهيوني.

* هل تقيمون اتصالات مع قوى علمانية؟

- نحن نفرق بين علماني غير متعارض مع الدين وآخر متعارض، ونحن نتعامل معهم ودائما نتناقش وإياهم، أما من هم ملحدون ومخدوشة وطنيتهم، فنحن في الحركة الاسلامية ككل نعتبر ان الحزب الشيوعي العراقي لا ينسجم مع الهوية الحضارية للامة وهي الاسلام، وموقفه سلبي من الاسلام ولايزالون يحملون الكثير من الضغائن وخصوصا مخلفاتهم التي تعاملت مع المخابرات الاميركية. بعض الشيوعيين خرجوا من الشيوعية وهم يتعاملون الآن مع المخابرات الاميركية وبعضهم انشأ دورا للنشر. نحن ندعو الى جبهة وطنية تضم العراقيين المخلصين للعراق وإلى لقاء العراقي مع العراقي. حتى البعثيين الذين لم يشاركوا في الجرائم نحن نتعاون معهم. وقد هرب كثير منهم الى سورية

العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً