العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ

انتهت الحرب وعلى العالم مساعدة العراق

لقد استغرقت الحرب ثلاثة أسابيع لا ثلاثة أيام كما توقع بعض الصقور بنوع من الغطرسة، كما أنها لم تستغرق ثلاثة أشهر دموية تتسم بحرب شوارع في المدن.

لم يستطع أحد أن يبقى من دون تأثر بمشاهد الاحتفال في العراق والفرح والشعور بالارتياح بعد الإطاحة بصدام حسين ونظامه المستبد. ويجب أن نشكر الله على انتهاء الحرب بهذه السرعة. ومع ذلك انزعج الجميع من السرعة التي انزلق بها العراق إلى حال الفوضى وغياب القانون بعد الإطاحة بالدكتاتور العراقي ونظامه. والشعور بالارتياح لانتهاء الحرب بهذه السرعة يجب ألا تكون له علاقة بالجدل الخاص بالأسباب المنطقية لهذه الحرب. في المقام الأول، إن هذ الجدل سيستمر محتدما كما ستظل صور المعاناة الإنسانية والإصابات بين المدنيين تراودنا: صورة ماسورة دبابة ابراهام وهي تطلق النار على فندق لتقتل صحافيين، وشريط الفيديو الذي يبين علي اسماعيل عباس 12 عاما الذي فقد عائلته وذراعيه. وهناك المئات من القصص الأخرى المؤلمة عن القتل والإصابات حتى في المستشفى نفسه.

ويجب أن نعترف كذلك أن العراقيين عانوا كثيرا تحت حكم صدام عندما نحاول أن نضع جميع العوامل في الميزان. وبالنسبة إلى الكثيرين فإن قتل المدنيين لا يمكن تبريره مهما كان الأحياء مسرورين لنيلهم الحرية. ولم نبدأ كذلك بإحصاء المجندين العراقيين الذين قتلوا والذين يمكن اعتبارهم ضحايا أبرياء كالمدنيين.

أما بالنسبة إلى الآخرين فإن البعض يعتمد على ما إذا كان سيتم العثور على مخزون الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية، وإذا ما سيتقدم بشهود موثوق بهم للقول إن صدام كان يعد الوسائل لاستخدام هذه الأسلحة. وفي الوقت ذاته يجب أن نقر بأن هناك أولويات أكثر الحاحا بالنسبة إلى قوات التحالف من محاولة العثور على هذه المواد السيئة كالجمرة الخبيثة. ومهما حاولنا قياس المعاناة الناجمة عن هذه الحرب بالفوائد المحتملة لمرحلة ما بعد الحرب فإننا يجب أن نشعر بالارتياح لأن الحرب لم تدم طويلا، وحاول الحلفاء المحافظة على البنية التحتية ونجحوا في ذلك إلى حد كبير. ويعني ذلك أنه بمجرد إعادة النظام والقانون سيكون من السهل إعادة الاقتصاد والمجتمع إلى العمل بشكل طبيعي مما لو تمت تسوية المدن العراقية بالأرض. ويأتي إرساء النظام والقانون في العراق في مقدمة الأولويات بالنسبة إلى القوات الأميركية والبريطانية. وقد مرت الموصل يوم الخميس الماضي بتجربة عملية لمزايا ومساوئ الحرية - بالنسبة إلى من قاموا بعمليات النهب والاشخاص الآخرين.

ولا يمكننا أن نحاول اثبات وجود فشل في التخطيط الانجلو - أميركي للانتقال المباشر من مرحلة الحرب إلى مرحلة الإدارة العسكرية.

لقد تكلمنا قبل الحرب عن الخطط المفصلة التي أعدتها وزارة الخارجية الأميركية والبنتاغون لإدارة عراق ما بعد الحرب. ومع ذلك ومع سنوات من التخطيط يبدو واضحا أن قوات التحالف لم تكن مستعدة بشكل كافٍ للمرحلة الحالية من الفوضى.

لقد كانت كلير شورت محقة عندما قالت إنه يجب بذل المزيد من الجهد لإيقاف عمليات السلب والعنف والتركيز على المستشفيات، وقالت: «يجب إعطاء الأولوية لجعل المستشفيات آمنة». ويتفق الجميع على هذا ولكن بالكلمات فقط. فعلى سبيل المثال كانت القوات الأميركية في كركوك أكثر اهتماما بتأمين حقول النفط من ضمان استتباب الأمن والنظام في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 700,000 نسمة.

وقد أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أخيرا عن بدء تخفيض أعداد قواتها في العراق، ولم يحن بعد الوقت الذي نرى فيه مغادرة قوات التحالف العراق. لقد انتهت الحرب وبدأت إدارة العراق في مرحلة ما بعد الحرب من قبل القوات الأميركية والبريطانية والكردية في الشمال. ويبقى العامل المهم هو بذل كل شيء ممكن لبيان أن وجود الحلفاء في العراق هو لصالح الشعب العراقي.

وهذا يعني القيام باستعادة النظام بأسرع ما يمكن وتسليم المسئوليات بقدر الإمكان إلى القادة العراقيين والأمم المتحدة. وعلى أية حال فإن الدول المناهضة للحرب التي اجتمعت في سانت بطرسبرغ أخيرا لا يمكنها أن تبدي اعتراضا على ذلك الدور من مقاعدها أمام شبكة CNN. فإذا ما أرادت هذه الدول أن تلعب الأمم المتحدة دورا جديا فإن عليها تحمل المسئولية. وقد كانت ملاحظات نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز غير سارة ولكنها فعالة عندما طلب من الدول الثلاث - روسيا وفرنسا وألمانيا - تقديم بعض المساعدات عن طريق شطب الديون عن نظام صدام. فمن غير المعقول أن تسمح الولايات المتحدة لفرنسا باستخدام الفيتو بشأن تعريف دور الأمم المتحدة في عراق ما بعد الحرب، وعلى الجانب الآخر من القضية فإن على الدول المناهضة للحرب أن تقبل أي دور للأمم المتحدة في العراق تكون الولايات المتحدة مستعدة لإعطائه إلى المنظمة الدولية. ومع أن هذا الأمر غير مقبول، فإن هذه هي الحقيقة.

فمن العبث الاعتراض أو توجيه انتقاد إذا أرادت الولايات المتحدة الآن تحديد دور الأمم المتحدة الحيوي كدور استشاري. إن المهم هو قيام أكبر عدد ممكن من الدول بالعمل سويّا لمساعدة الشعب العراقي. ومساعدته في تحديد مصيره.

خدمة الاندبندنت - خاص بـ «الوسط

العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً