العدد 2312 - السبت 03 يناير 2009م الموافق 06 محرم 1430هـ

البحث عن «الجنبية» في أحضان «سارفاران»

ترى... أين خنجرها الذي لم ينعقف؟ // البحرين

لاسمها وقع خاص، وهي ذاتها، كقرية من أعرق المناطق في البحرين، لم تعد كما كانت في السابق، لكنها بقيت «جنبية»... بما تبقى من بساتينها الخضراء والتلال الأثرية الديلمونية، ومع كل ذلك، من الصعب أن تجد بقعة واحدة تشير إلى أن هناك جزءا قديما متبقي لا يزال يقطنها أهل القرية القديمة.

«الجنبية» اليوم قرية حديثة... جديدة بكاملها، وربما إذا أردنا الحديث عن تاريخها، فإن كبار السن من أهالي قرى سار والقرية وبني جمرة، هم من يمكنه الحديث عنها لأن من الصعب - كما أشرنا - الوصول الى مواطنين بقوا في المنطقة أبا عن جد، وأن كل من يعيش في الجنبية اليوم هم من المواطنين الذي جاءوا من مختلف مناطق البلاد والذين يجمعهم جامع الحاج رضي الحداد ومسجد البلوشي الذي يقع في منطقة سار، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من المقيمين من غير البحرينيين.

الارتباط بين القرى المجاورة

إذا، النتيجة التي يمكن أن نخلص إليها، هي أن تاريخ الجنبية ارتبط بتاريخ القرى المحيطة بها: سار، القرية «التي تسمى سابقا فاران»، وكذلك بني جمرة، وإلى الجنوب قرية الجسرة... ولنرجع إلى كتاب الشيخ علي محمد محسن العصفور (بعض فقهاء البحرين في الماضي والحاضر) لنقف على معلومة تفيد باتصال تاريخ عدد من القرى مع بعضها البعض، والخلاصة أن قرى: الجنبية والقرٌية وبني جمرة وسار، كانت عامرة بالسكان منذ القدم بل وهي متصلة البنيان والجدران، وكما يصف العصفور، فإن الرسالة المنقولة في تلك القرى تصل من يد إلى يد لتقع في يد صاحبها المرسل إليه في نهاية المطاف.

عامرة بالسكان والمدارس الدينية

ووفقا للشيخ العصفور، فإن الجنبية تقع في الجهة الجنوبية الغربية من قرية القُــرَيَّــة بالإضافة لمنطقة تدعى فاران، بل وأشار إلى أن قرى فاران والقرية والجنبية وبني جمرة كانت من البقاع المقدسة التي حوت من العلماء ما يعلم الله بنسبة عددهم، وكانت الجنبية في يوم من الأيام عامرة بالسكان و المدارس الدينية وأهلها مِنْ مَنْ عملوا بالزراعة حتى تغير الحال من حال إلى حال وأصبحت الآن لا تحوي إلا مجموعة من الأطلال التي لازالت شاهدة على ذلك الزمان - الذي يتذكره من عاشه بكل خير و حنين إليه من مدارس دينية أبرزها مدرسة الشيخ محمد الفاراني رحمة الله عليه وبيوتات قديمة، بالإضافة إلى مجموعة من المزارع الخاصة وأهلها الآن هم جزء من الناس الذين سكنوا كغيرهم قرية (القرٌية).

«فاران» شمالا وجنوبا

وتربط بعض المصادر التاريخية قرية القريَّة، التي كانت تشمل «فاران» القديمة، بالجنبية وما قرب منها من القرى، و»فاران» كما تسمى من قبل جيل تقريبا تعود لفاران الكبيرة التي تمتد من الجنبية جنوبا للجسرة وبني جمرة شمالا مرورا بالجنبية الحالية وهي جنوب فاران والجسرة. وفاران ثم القرية ثم بني جمرة حتى البديع شمالا كلها كانت تسمى فاران. وفاران هو اسم جبال مكة المكرمة. وهذا يرتبط بانتقال الحوزات العلمية من مكة المكرمة بعد أن ضاقت بهم الأرض هناك.

وسكانها ممن تنقلوا للعيش في قرى فاران والجنبية والقرٌية، ولهذا يقول البعض أن هناك ارتباطا جغرافيا بين القرٌية والجنبية، وكانت إحدى المناطق تسمى «خراب الجنبية» وهي اليوم من مجمعات قرية القرٌية، وربما يوافق ذلك مجمعي 549 و551 في القرٌية.

تطوير شارع الجنبية

في الصباح الباكر، انطلقت جولتنا إلى قرية أو «منطقة الجنبية» الحديثة اليوم، والتي ترتبط بقرية سار عبر شارع 77 المتقاطع مع شارع 35، وشارع الجنبية يشهد هذه الأيام أعمال تطوير لا تخفى على مستخدمي الشارع بشكل يومي نتيجة للاختناق الذي هو (شر لابد منه) إلى حين الإنتهاء من مشروع تطوير الشارع.

وعلى رغم طغيان العمران، إلا أن قرية الجنبية لا تزال تتميز ببساتين النخيل فيها، بل لا تزال بعض مزارعها الصغيرة، التي لم تهجر أو لم تتحول إلى مخططات سكنية حتى الآن، تحوي عددا من بيوت الزراعة المحمية، بالإضافة إلى ذلك، لا يميز الكثير من المواطنين بين قرية الجنبية وقرية سار اللتان اندمجتا مع بعضهما البعض كما كانتا منذ القدم، فنقف أمام مدرسة سار الثانوية للبنات، وهي في منطقة من عمق قرية الجنبية القديمة، وربما يمكن تحديد الجانب القديم من قرية الجنبية من خلال منطقة التلال الأثرية الباقية حتى اليوم هناك.

كبار السن من أهالي قرى سار وبني جمرة والقرية، يصرون على أن قرية الجنبية لم تكن منفصلة يوما عن الاتصال بقراهم، ولهذا يعتبرون أن العوائل التي تعيش في تلك القرى هي ذاتها العوائل التي كانت في السابق تقطن قرية الجنبية، ويشير الحاج «يوسف» البالغ من العمر 78 عاما، وهو من أهالي قرية سار إلى أن بعض أهالي قريته وقرى القرية وبني جمرة، كانوا يكسبون رزقهم من العمل في الزراعة، وكانت مزارعهم التي يذهبون إليها مشيا على الأقدام تقع في قرية الجنبية، وبعضها باق حتى اليوم وهي أملاك خاص في معظمها.

حاضر الجنبية المعاصر

تعتبر قرية الجنبية اليوم من أرقى المناطق السكنية، ولا يمكن الوقوف على باب منزل قديم فيها إطلاقا، ومع هذا، فإن لأهالي الجنبية بعض المطالب لكي تكتمل الخدمات فيها، فالمواطن حميد الخباز، وهو يعمل في مجال المقاولات الكهربائية، ويعيش في المجمع رقم 575، يشير إلى أن المنطقة حديثة بالفعل، ولكن الأهالي في انتظار التسريع في تنفيذ مشروع شبكة المجاري، ويتمنى تكثيف الدوريات الأمنية لأن السرقات تقع بين الحين والحين وخصوصا في المنازل الجديدة أو التي هي قيد الإنشاء، وقد تعرض منزله للسرقة.

ويعتقد أنه من الضرورة بمكان السماح ببناء المرافق التجارية وتحديد شارع تجاري في الأحياء الجديدة لأن كل الأهالي يواجهون صعوبة، نظرا لعدم وجود شارع تجاري يقدم الخدمات للأهالي ما يضطرهم للتوجه إلى المحال التجارية في قرية سار مثلا.

كما أن المنطقة تخلو من مرافق ترفيه للأطفال، ويشير إلى أن هناك قطعة أرض وهبها أحد المحسنين لإنشاء بعض المرافق عليها لتخدم قرى الجنبية وسار والقرية بحيث تشمل مشروع ساحة شعبية للأطفال، لكن حتى الآن لم يتم تنفيذ المشروع.

من بر سار إلى «الجنبية»

أما صاحب الأعمال حميد الحلي الذي يعيش في المنطقة، فهو يعتقد أن المنطقة القديمة من الجنبية هي تلك المتصلة بقرية «القرٌية»، وربما كانت المناطق الجديدة من الجنبية تعرف حتى وقت قريب بمسمى «بر سار»، حتى في عقود تمليك المنازل كان الوصف يشير إلى بر سار، ثم تحولت إلى «الجنبية» بعد ذلك.

ويتفق مع الخباز في أن هناك تطلعا لأهالي المنطقة لإنشاء مركز صحي وتحديد شارع تجاري، فهو يقول إنه الشخص الأول أو الثاني الذي سكن في المنطقة وكان من المفترض أن يتم تخصيص مخطط قريب من جامع الحاج رضي الحداد للخدمات، لكن القطعة تحولت بقدرة قادر إلى مخطط للبيع! ولذلك، فإنه من المهم تخطيط منطقة تجارية حيوية تتركز فيها الأنشطة التي يحتاجها المواطنون.

إكمال مشروع الإنارة

ومن المهم الإشارة إلى أن بعض المشاريع الرئيسية أصبحت تأخذ مجراها في المنطقة، فالرئيس السابق لصندوق الجنبية الخيري سعيد مرهون الذي يتفق مع سابقيه في الحاجة إلى شارع تجاري بالمنطقة، يكرر أيضا الحاجة إلى حدائق وملاعب للأطفال في الأحياء، والتعجيل بتنفيذ مشروع المجاري الذي هو مقر ضمن خطة وزارة الأشغال. وفيما يتعلق بالعمل الخيري، فيشير إلى أن العمل الخيري التطوعي في المنطقة ليس ظاهرا بصورة جلية وقد ينحصر في تنظيم الفعاليات الثقافية والتوعوية، وأن يكون هناك من الأهالي من يكون لديه الحماس للعمل التطوعي لخدمة المنطقة، وعندها سيكون النشاط الذي يخدم المنطقة ملموسا.


الموقع

تقع غرب سار وجنوب البديع والقرية، على شارع البديع، شارع ولي العهد وشارع عيسى بن سلمان.


مجمعاتها

تتكون من المجمعات 569، 565، 561، 575، 571، 579،577.


مساحتها

تبلغ مساحتها 8,68 كيلومترات مربع.


تعداد سكانها

يتراوح عدد سكانها بين 2000 و 2500 نسمة.


أصل التسمية

الجنبية هو اسم لنوع من أنواع الخناجر لم يكن معقوفا كالخناجر العادية لأنه كان يوضع على حوض الرجل من الجانب، وكان الخنجر يسمى «جنبية» فعرف أهل المنطقة بالجنبية حتى سميت المنطقة نفسها بالإسم ذاته

العدد 2312 - السبت 03 يناير 2009م الموافق 06 محرم 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً