العدد 2342 - الإثنين 02 فبراير 2009م الموافق 06 صفر 1430هـ

القوة هي اللغة التي يفهمها الصهاينة

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

الشيء الذي أتمنى أن لا ينساه الجميع أن الصهاينة -وليس اليهود- هم أعداء للعرب جميعا، بل هم أعداء المسلمين جميعا، ولن أبالغ إذا قلت إنهم ومن خلال دينهم المحرّف هم أعداء للبشر جميعا مهما كانت دياناتهم وأعراقهم، فهم يقولون عن أنفسهم -وكما ذكر الله عنهم- إنهم أبناء الله وأحباؤه، وإن الآخرين إنما وجدوا لخدمتهم ولا شيء آخر.

هؤلاء الصهاينة لا يفهمون إلا لغة القوة وحدها، إنها اللغة التي تخيفهم، وإنها اللغة التي تعيدهم إلى صوابهم، أما اللغات الأخرى -مهما كانت- فليس لها أية قيمة عندهم، وقد أثبت التاريخ هذه الحقيقة، وشواهده عليها كثيرة، وما يجري بين العرب منذ «أوسلو» وحتى اليوم إلا شاهد على تلاعبهم بالعرب وأكاذيبهم التي لا تنتهي، ولو أنهم رأوا في العرب أمة قوية لما فعلوا ما فعلوا... ولكن.

الصهاينة يستعملون مع العرب لغة القوة والتهديد والوعيد، فإما أن يستجيب العرب لمطالبهم وإلا فليس لهم إلا الحرب والتدمير، وقد حاولوا إعطاء العرب درسا عمليا - ولمرتين - ولكنهم فشلوا؛ مرة في لبنان, ومرة في غزة، ومع هذا فمازالت هذه اللغة هي المسيطرة على خطابهم، وللأسف فإن بعض العرب مازالوا خائفين من هذه اللغة!

الصهاينة وبعد وقف الحرب على غزة، وبعد أن فشلوا في تحقيق مطالبهم عسكريا اتجهوا إلى تحقيقها بالضغط على المحاور العربي ليحقق لهم -تفاوضيا- ما عجزوا عن تحقيقه عسكريا.

وضع الصهاينة سقفا عاليا لمطالبهم لم يكن موجودا قبل الحرب، فاشترطوا -لفتح المعابر- إطلاق سراح الجندي «شاليط»، كما اشترطوا منع وصول الأسلحة إلى غزة بكل الوسائل، وكذلك وضع شريط أمني حدودي داخل غزة بحدود خمسمئة متر، كما طالبوا باعتراف من «حماس» بوجودهم المطلق وبحسب رؤيتهم.

المطالب الصهيونية كان يجب أن تقابل بمطالب عربية أكثر منها باعتبارها الجهة صاحبة الحق، كما كان يجب أن يكون هناك إصرار قوي على تحقيق هذه المطالب مهما كانت التضحيات.

من الأشياء التي ينبغي أن يقوم بها العرب - كل حسب قدرته - رفع دعاوى قضائية ضد قادة الصهاينة وضد قادتهم العسكريين بتهمة الإبادة الجماعية، وممارسة الإرهاب بأبشع صوره، هذه الدعاوى يجب أن ترفع في الدول العربية التي لها علاقة مع «إسرائيل»، وكذلك في الدول الإسلامية وكذلك في باقي دول العالم التي تسمح أنظمتها بإقامة مثل تلك القضايا، هذا فضلا عن المحاكم الدولية بكل أنواعها.

أعرف أن هناك مجموعات كبيرة - نسبيا - ومن دول متنوعة بدأوا بإقامة قضايا جنائية ضد الصهاينة، لكن هؤلاء بحاجة إلى دعم مادي ومعنوي، وعلى الدول العربية الوقوف مع هؤلاء وتقديم كل أنواع الدعم لهم وهذا أقل ما يجب عليهم فعله.

إن التحرك الذي وعد به قادة الصهاينة لحماية مجرميهم من العدالة وليس على خوفهم من المستقبل الذي ينتظرهم، ويجب أن لا يسمح لهم العرب بالنوم هانئين بعد كل هذه الجرائم التي ارتكبوها.

أليس من المؤسف أن يطالب الصهاينة بتعويضهم عن مجازر أكثرها وهمية وملاحقتهم لبعض النازيين حتى اليوم بينما لا تتحرك بلادنا العربية لمطالبة الصهاينة بالتعويض عن المجازر التي ارتكبوها بحق الفلسطينيين؟ أليس من واجب العرب مطالبتهم بالتعويض عن كل الأماكن التي هدّموها؟

لماذا لا يرد العرب على مطالبة الصهاينة بمنع السلاح عن غزة؟ أليس من حق كل فلسطيني أن يتسلح لكي يدافع عن نفسه؟ إن الصهاينة يريدون تجريد «حماس» وسواها من سلاحهم لكي يسهل عليهم قتلهم في أي وقت من دون أن يخسروا شيئا... هل من مصلحة العرب أن يسكتوا عن تلك المطالب التي لا يقرها عقل؟ كنت أتمنى أن أسمع رفضا جماعيا من كل العرب على هذه المطالب... بل كنت أتمنى أن يطالب الجميع بتسليح حماس وسواها مهما كانت رد فعل الصهاينة.

أليس من المحزن أن تقف أوروبا مع مطالب الصهاينة ومثلهم أميركا بينما يلتزم العرب بالصمت، بل إن البعض يرى ما تراه «إسرائيل»!

الصهاينة يقفون بعنف ضد أي شخص أو جهة تقوم بفضحهم، ويسلطون عليه كل سهامهم المسمومة، والمؤسف أننا لا نرى مثل هذا العمل من القوى العربية، وهذا جعل أنصار الصهاينة يتزايدون - خوفا أو رجاء - بينما لم يعد أحد يهتم بقضايا العرب لأن العرب أنفسهم لا يهتمون بقضاياهم.

وعلى سبيل المثال؛ فالسكرتيرة الأولى في السفارة النرويجية في «الرياض» وصفت ممارسات «إسرائيل» الحربية بأنها نازية، وأن معاملة الجيش الإسرائيلي للعرب مثل معاملة النازيين لليهود في الحرب العالمية الثانية.

وقد ثار اليهود الصهاينة لهذه التصريحات وطالبوا حكومتها بفصلها من عملها، وربما يتزايد ضغوطهم حتى يحققوا مطالبهم... والسؤال: ماذا فعل العرب للوقوف مع هذه السيدة التي أنصفتهم؟ نائب رئيس جمعية حقوق الإنسان صالح الخثلان اعتبر قولها من باب حرية التعبير، وطالب المنظمات الحقوقية بدعم موقفها لأن «إسرائيل» مارست ضغوطا لفصلها من عملها... الشكر للخثلان على موقفه لكن الحاجة تستدعي مواقف كثيرة نعبّر فيها عن شكرنا لكل من يقف مع قضايانا.

رئيس الوزراء التركي هو الآخر وقف مع العرب بكل قوة وشجاعة إلى درجة أن خصومه اتهموه بأنه كان عربيا أكثر من العرب! أليس من المحزن أن يصل العرب إلى هذه الدرجة! إن أردوغان سيعاني كثيرا من أجل العرب فهل يتركه العرب على رغم كل ما فعله من أجلهم؟!

كم كنت أتمنى أن يترك عمرو موسى قاعة «دافوس» كما تركها أردوغان!

المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الصهاينة وكل من يدعمهم أمر مطلوب وفي غاية الأهمية، ويبدو أن بعض العرب قد بدأ تطبيقها، وبحسب جريدة «الرياض» السعودية فإن الصهاينة بدأوا بتسويق منتجاتهم بأسماء شركات وهمية تحايلا على المقاطعة، وعملهم هذا يؤكد أهمية المقاطعة وأنها يجب أن تستمر، وهذا من صور الضغط على الصهاينة وأنصارهم.

الحقوق لا تستجدى، والضعيف لا يُعطى حقه مهما كان واضحا، والصهاينة لا يعرفون لغة الحوار، ولدى العرب - لو اتحدوا - قوة هائلة توصلهم إلى حقوقهم كاملة، فهل نرى تغيّرا للخطاب العربي يحقق الآمال!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2342 - الإثنين 02 فبراير 2009م الموافق 06 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً