العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ

مسجد الخميس «الثالث»: وصفه والهدف من بنائه

بعد أن دخل العيونيون (أوال) أصبحت الهوية المذهبية لها هي الهوية الشيعية، إلا أن بعض الباحثين يعتقدون أن هويتها كانت سنية. لن أطيل في هذه القضية فهناك كم من البحوث والدراسات المستفيضة في ذلك، ولكن سأكتفي بذكر واحدة منها وهي دراسة نايف الشرعان التي أصدرت ككتاب من قبل مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وقد تناول الباحث في هذه الدراسة نقود الدولة العيونية والتي نقش عليها «لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله». العملة تعكس هوية الدولة وهي واضحة هنا في الصورة رقم (1).

لقد حصل شعب (أوال) على انفراج مذهبي، ويبدو من المعطيات والدلائل أنهم اقتبسوا إما في فتراتهم الأولى أو الفترات المتأخرة أنظمة معينة من المناطق الشيعية، وخاصة فكرة وجود سلطة دينية لها مركز تجتمع فيه، ويكون هذا المركز قريب من المركز التجاري في البلد. وفي مثل هذه الأنظمة تكون رئاسة المركز وراثية نوعا ما. وهذا يعني أن المركز أو المكان يكون ملك لسلالة تتسلم الزعامة. من خلال النقوشات الموجودة في المسجد أو المنقوشة على القبور التي عثر عليها في حدود المسجد والتي سنتناولها بالتفصيل على حلقات يمكننا أن نستنتج مثل هذا النظام، وسنقارن بينه وبين نظام السادة العلويين في حضرموت، وهل هناك علاقة بينهم. تشير الدراسات المتأخرة على أن السادة العلويين سنة شافعيين بينما توضح دراسات المستشرقين أنهم كانوا شيعة قبل التحول للتصوف، من هؤلاء المستشرقين سيرجنت الذي عاش في حضرموت وهو متخصص في دراسة تاريخ الحوطات في الجزيرة العربية، كذلك السيد الأمين في دائرة المعارف الشيعية يأتي بدلائل على تشيعهم.

يبدو من المعطيات أن المسجد سيلعب دورا أكبر من كونه مكان للصلاة، ربما مركز لقيادة دينية أو مركز أو مدرسة لتعليم الفقه.

وصف بناء المسجد الثالث

لقد تم تغير المسجد تماما في هذه المرحة، فقد زادت مساحته من 132 مترا مربعا وهي مساحة المسجد الثاني إلى 632 مترا مربعا، ولم تتم التغييرات في سنة واحدة بل على مدى سنوات من التجديد والترميم والإضافة، وكل جزء أضيف أو رمم وثق تاريخ بنائه أو ترميمه. هنا سنصف المسجد بصورته النهائية كما وصفته البعثة الفرنسية وبعدها سنبدأ بتفصيل تواريخ بناء الأجزاء. أول تلك الإضافات، بناء سور رباعي الأضلاع تبلغ أطوال جداريه الممتدان من الشمال إلى الجنوب 59.5 م أما الجداران الممتدان من الشرق إلى الغرب فيبلغ طول أحدهما 23.7 مترا و25 مترا. ويبلغ ارتفاع الجدار 1.5 م. وتوجد في هذا السور فتحتان تمثل بابين أحدهما للجهة الغربية والآخر في الجهة الجنوبية.

ومن داخل السور يمكن مشاهدة غرفتين ممتدتين جنبا إلى جنب من الغرب إلى الشرق وتملأ عرض المسجد بأسره تقريبا. هاتان الغرفتان في الواقع بنيتا فوق غرفتي المسجد الثاني تقريبا.

الغرفة الشرقية -وكانت تمثل الفناء في المسجد الثاني- كانت ترسم حدودها بأعمدة تدعم أقواسا مازال بعضها باقٍ ليومنا هذا، وهذه الأعمدة والأقواس تمثل مداخل متعددة للغرفة. وفي وسط الغرفة توجد 4 قواعد صخرية غير منتظمة الشكل. وتمثل هذه القواعد دعامة لأعمدة تدعم سقف لهذه الغرف.

أما الغرفة الغربية -وكانت تمثل غرفة الصلاة في المسجد الثاني- فقد كانت محاطة من ثلاث جهات ولم يكن لها حدود من الجهة الغربية، أي جدار القبلة الذي لم يعثر إلا على بقاياه مبنية على بقايا جدار القبلة للمسجد الثاني، والتي هي بدورها مبنية على جدار القبلة للمسجد الأول. ولهذا السبب اعتقد دياز الذي زار المسجد في العام 1914 أن جدار السور هو جدار القبلة ورسم للمسجد مخطط على هذا الأساس. و يوجد في وسط هذه الغرفة قاعدتان حجريتان صغيرتان، كان يرتكز عليها أعمدة تسند السقف. وأثناء زيارة دياز العام 1914 كان السقف مازال قائما ومرتكزا على أعمدة من الساج ارتفاعها 4 أمتار وسمكها 24 سمX 15 سم. والجدار الفاصل بين الغرفتين به 3 أبواب، وقد زين هذا الجدار بمحرابين وهما عبارة عن صخرتين مصفحتين منقوشتين.

ويوجد على شمال وجنوب الغرفتين جناحان ممتدان من الشرق إلى الغرب، ويوجد في كل جناح صفان من الأعمدة والممتدة من الشرق إلى الغرب مقسمة بذلك كل جناح لثلاثة صحون. وربما كانت هذه الأعمدة تدعم سقفا في الماضي.

ويوجد داخل المبنى بالإضافة للغرفتين منارتان يبلغ علو كل واحدة منهما قرابة 22. المنارتان أسطوانيتي الشكل وترتكز كل واحدة منهما على قاعدة رباعية الشكل مرتفعة، أما الجزء العلوي لكل منارة فهو سداسي الشكل ومزين بقلنسوة مضلعة الشكل.

مصادر المياه

لا يوجد داخل المسجد أي مصدر للماء، وإنما يوجد حوض ماء يبعد عن المسجد مسافة 30 أو 40 مترا، وقد تم حفر ممر ضيق بعرض 0.6 إلى 0.7 متر، ويصل ارتفاعه لأعلى من قامة رجل، ويبدأ بسلم مكون من ست درجات تنزل من المسجد إلى داخل الممر

العدد 2344 - الأربعاء 04 فبراير 2009م الموافق 08 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً