العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ

البحرين حُكِمت 27 عاما بقانون «أمن الدولة»... و«الميثاق» أنهاهُ

تسبب في تعليق الحياة البرلمانية ربع قرن

أنهى ميثاق العمل الوطني الذي صوت عليه الشعب في 14 و15 فبراير/ شباط 2001 سبعا وعشرين عاما مدة حكم قانون «تدابير أمن الدولة»، منذ الثاني والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول 1974 حتى الثامن عشر من فبراير/ شباط 2001 الذي أصدر فيه سمو الامير (جلالة الملك) حمد بن عيسى آل خليفة المرسوم رقم (11) للعام 2001 بإلغائه، أي بعد أربعة أيام فقط من الاستفتاء الشعبي على ميثاق العمل الوطني.

وكان قانون «أمن الدولة» قد أعطى وزير الداخلية الصلاحية للتوقيف والحجز ولمدة 3 سنوات بلا محاكمة أو مراجعة قانونية أي شخص يتهم بأفعال تعتبر ضارة بأمن الدولة.

وبعد إعلان نتائج الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في السادس عشر من فبراير 2001 التي أظهرت أن 98.4 في المئة من البحرينيين وافقوا على ميثاق العمل الوطني وتصديق سمو الامير (جلالة الملك) حمد بن عيسى آل خليفة على الميثاق، وجه خطابا بهذه المناسبة أعلن فيه اعتزازه بمباركة البحرينيين إعلان بلادهم مملكة دستورية.

وأعلن سمو الأمير أنه أمر باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، مشيرا إلى أن إعلان ذلك لن يستكمل إلا بعد الاطمئنان إلى تحقيق الوعد بإقامة نظام المجلسين وإجراء الانتخابات العامة للمجلس النيابي حسبما جاء في الميثاق.

وقال سمو الأمير حينها (جلالة الملك حاليا) : «ستواكب الديمقراطية المملكة وتلتقي الإنجازات في حدث وطني كبير نصنع به معا بحول الله مستقبل البحرين وأيامنا الأجمل المقبلة».

ووجه الشكر إلى مختلف الفئات الوطنية على ما أبدته من تلاحم ومسئولية وطنية عالية وقال: «لنشرع معا في صنع هذه الصفحة الجديدة من تاريخنا الخالد».

وأضاف «ألغي بناء على هذا التفويض المعبر عن الإجماع الوطني فقد نذرت نفسي لتحقيق تطلعاتكم كما تجلت في بنود الميثاق ونصوصه وروحه ضمن برنامج عمل وطني يعلو بالبحرين ويجدد مسيرتها الديمقراطية ويعيد الحياة النيابية إليها في ظل الدستور والنظام الديمقراطي الذي ارتضينا لأنفسنا بعد حدود الله».

وبعد ذلك أصدر سمو أمير البلاد (جلالة الملك)مرسومين أميريين في 18 فبراير 2001 بإلغاء قانون أمن الدولة ومحاكمها، لتدخل البحرين في ذلك الوقت في عهد جديد بعيد عن الإجراءات الأمنية القمعية، كما سبق ذلك إصدار قرار في الخامس من فبراير 2001 بالعفو الشامل عن الجرائم الماسة بالأمن الوطني التي كانت تخضع تحت حكم قانون أمن الدولة.

وكانت الحكومة قد أعلنت في التاسع من فبراير 2001 عودة عدد من المعارضين المنفيين الذين شملهم العفو الأميري الأخير، وقالت وزارة الداخلية في ذلك الوقت: إن 289 بحرينيّا موقوفين ومسجونين موجودين داخل البلاد يستفيدون من قرار العفو، بالإضافة إلى 108 بحرينيين يعيشون في المنفى.

وأصدر عاهل البلاد في 13 فبراير أيضا عفوا خاصّا أسقط فيه الأحكام عن 16 مواطنا حوكموا في محاكم أمن الدولة في الدعاوى أرقام 973/ ج / 1995 و 8 لسنة 1995 و11 و13 و16 و54 لسنة 1996 و14 و18 لسنة 1997 و4 لسنة 1998. وقد بلغ عدد المفرج عنهم أكثر من 900 شخص.

تاريخ إقرار قانون «أمن الدولة»

يعود تاريخ قانون «تدابير أمن الدولة» إلى العام 1974 عندما قدمت الحكومة مسودة قانون «تدابير أمن الدولة»، إلا أن هذا القانون جوبه برفض شديد من قبل كل أعضاء المجلس الوطني، إلا أنه على رغم رفض المجلس الوطني مسودة القانون أصدر سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة قانون تدابير أمن الدولة في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 1974 على شكل مرسوم، خلال عطلة المجلس الوطني، معتمدا على حيثيات المادة 38 من الدستور التي نصت على «إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد المجلس الوطني أو في فترة حله ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحامل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية، ويجب عرض هذه المراسيم على المجلس الوطني خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائما، وفي أول اجتماع للمجلس الجديد في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي كذلك ما كان لها من قوة القانون ما لم يرَ المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر».

وفي 24 أغسطس/ آب 1975 قدم رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة استقالة الحكومة للأمير الراحل بسبب ما وصفه رئيس الوزراء بعدم رغبة المجلس الوطني التعاون مع الحكومة لإصدار تشريعات ضرورية.

من الأحداث التاريخية المهمة تلك المراسلات التي تبادلها الأمير الراحل ورئيس الوزراء خلال استقالة الحكومة وتجديد الثقة برئيس الوزراء، إذ تلخص خطاب سمو الأمير الراحل لسمو رئيس الوزراء بشأن تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة في تجديد الثقة برئيس الوزراء لما يتمتع به من أصالة الرأي، وسداد التدبير.

وقال سمو الأمير الراحل في تلك الرسالة: «إن البحرين وطننا العزيز لأحوج ما تكون في هذه الآونة إلى تضافر الجهود وضم الصفوف وجمع القوى وإنكار الذات في سبيل حفظ كيانها وإعلاء شأنها ورفاهية شعبها وذلك ما أرجو أن يكون بتوفيق الله وعظيم تأييده».

وأضاف «وقد أثار قلقنا ما ذكرتموه في كتاب استقالة الوزارة السابقة من استحالة التعاون بين الحكومة والمجلس الوطني، ولئن كان من الطبيعي أن تظهر الحياة العملية ما في الدستور من الثغرات فإن العمل على تلافي تلك الثغرات وسد ذلك النقص ليكون المجلس الوطني أصدق تمثيلا لمجموع الأمة باختلاف طبقاتها وهيئاتها يصبح ضرورة توجبها مصلحة البلاد العليا. والتاريخ العام للحياة النيابية في مختلف الدول حافل بهذه التعديلات التي تقع في جو من السكينة الشاملة مع الحرص على بقاء الأصول العامة للدستور».

فيما جاء رد رئيس الوزراء بقبول دعوة الأمير الراحل إلى تشكيل الحكومة من جديد، مذكرا بما أشار إليه في رسالة استقالته إلى أن التعاون بين الوزارة وبين المجلس الوطني غير قائم، وإجماع الوزراء على أن الضرورة تقضي بحل المجلس الوطني وإجراء تعديلات دستورية بحيث يصبح المجلس أصدق تمثيلا لمجموع الأمة بمختلف هيئاتها.

ورفع سمو رئيس الوزراء خلال خطابه إلى سمو الأمير الراحل أول مشروع من الحكومة الجديدة وهو مشروع مرسوم بحل المجلس الوطني، ومقترحا بإصدار أمر أميري بتأجيل إجراء الانتخاب حتى تضع لجنة من أهل الرأي في البلاد نظام الانتخاب الأمثل.

حل البرلمان في 1975

وبعد يومين تم حل المجلس الوطني في 26 أغسطس 1975 وذلك بعد 20 شهرا فقط من انعقاده لأول مرة في ديسمبر 1973، وذلك نتيجة الأزمة التي شهدتها الحكومة والمجلس الوطني.

وصدر بعد يوم واحد (26 أغسطس 1975) مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة، وصدر مرسوم أميري آخر رقم 4/1975 بشأن تأجيل انتخاب المجلس الوطني حتى يتم إصدار قانون انتخاب جديد، وتعليق العمل بالمادة (65) من الدستور والتي تنص على أن «للأمير أن يحل المجلس الوطني بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى. وإذا حل المجلس وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل. فإن لم تجرَ الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد».

وفي 20 مارس/ آذار 1976 صدر قانون العقوبات الجزائي والذي بني في أساسه على إجراءات قانون «تدابير أمن الدولة»، وألحقتها الحكومة بأربعة مراسيم أخرى تركزت في تشكيل محاكم أمن الدولة، وتوسيع دائرتها، وتوسيع دائرة القضايا التي تعتبر من قضايا أمن الدولة.

ويعطي قانون أمن الدولة المحكمة الصلاحية لكي تبني حكمها على اعتراف المتهم فقط، ويخضع اعتراف المتهم للتقييم العام للمحكمة بغض النظر عما إذا كان الاعتراف حصل رغما عنه، أو ضد متهم آخر شريك أوما إذا كان الاعتراف حصل أمام محكمة أمن الدولة أو قاضي التحقيق أو خلال فترة التحقيق التي يقوم بها المدعي العام أو أمام الشرطة

العدد 2353 - الجمعة 13 فبراير 2009م الموافق 17 صفر 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً