العدد 2670 - الأحد 27 ديسمبر 2009م الموافق 10 محرم 1431هـ

الأنشطة المدرسيّة اللاّصفيّة بين الإقبال عليها والعزوف عنها

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

بات من باب المعلوم في مجال التربية بالضرورة أهمية الأنشطة اللاّصفيّة في المدرسة الحديثة المنفتحة على المحيط نظرا لما حققته وتحققه هذه المدرسة من نجاح بفضل تلك الأنشطة وخاصّة أنّها ساعدت بشكل كبير على الحد من طرق التدريس التقليدية القائمة على التلقين والتحفيظ. واستطاع القائمون على هذه الأنشطة المدرسية أن يحوّلوا الطلاب من متلقّين سلبيين إلى مشاركين إيجابيين في إنتاج المعرفة وتعلّمها وذلك من خلال أمثلة متعدّدة من هذه الأنشطة منها على سبيل الذكر لا الحصر: إقامة الحوارات بين الطلاب والإذاعة أو الصحافة المدرسية فضلا عن الزيارات الميدانية وتنظيم الندوات وما يدور فيها من نقاش بين الطلاب، إضافة إلى الأنشطة الرياضية والمسرحية والفنية عموما.
وكل هذا نابع من إدراك راسخ بقيمة الأنشطة المدرسية اللاّصفيّة في بناء شخصية الطالب وتنمية مواهبه وتقوية روح المبادرة والمشاركة لديه. وفي هذا السياق يقول محمد عباس العمادي في كتابه بوح الذاكرة (البحرين 2005) «... الأنشطة التربوية تعدّ جزءا لا يتجزّأ من الخبرات التي تساهم في بناء الاتجاهات وتنمية المواهب ورعايتها».
لكننا اليوم نلحظ شيئا من العزوف عند الطلبة في بعض المدارس حين يقترح عليهم القائمون على المسابقات داخل المدرسة أو حتى بين المدارس المشاركة في بعض الأنشطة اللاّصفيّة وقد يعتلّ بعض الطلبة وخاصة في الثانوي بضغوطات المناهج والمقررات المزدحمة وعامل الزمن والاستعداد للامتحان وغيره.
بل يجد أولئك المدرسون والمنسقون لهذه الأنشطة صعوبات في تحديد أسماء الطلبة المشاركين حتى إذا ما وجدوا اسما أو اثنين اتكلوا عليهما في معظم المسابقات والأنشطة حتى أصيب بعض من هؤلاء الطلبة بالملل أحيانا. في حين يقبل بعض الطلبة وخاصة في مدارس البنات برغبة على هذه الأنشطة قصد إشباع ميولاتهن وصقل مواهبهن ومهاراتهن وضمان حسن توجيهها.
وبين هذا الإقبال وذلك العزوف تظلّ الأنشطة اللاّصفيّة إلى حدٍّ ما في مهب الريح. ونحن على يقين أن الوزارة تولي أهمية كبرى لهذه الأنشطة ليس فقط من خلال وجود إدارة خاصة بها منذ سنوات وإنما بالنظر إلى الجهود المبذولة من قبل القائمين على هذه الأنشطة بالتخطيط والبرمجة والتنفيذ. لكن للأسف اليوم صار الطالب يميل إلى النفعية المباشرة وخاصة في المراحل الثانوية والجامعية وحتى الإعدادية لذلك يحسن التفكير في حلول ومحفزات مشجعة على المشاركة الإيجابية مثل استخدام نظام دقيق للدرجات يحصل الطالب المتميز في الأنشطة بمقتضاه على درجة يمكن احتسابها في درجات الأعمال الفصلية مثلا أو باستخدام أسلوب التحفيز بإعطاء تقدير إضافيّ للطالب المشارك في الأنشطة التربوية.
وقد يحتجّ البعض على هذا الرأي قائلا: «إنّ إخضاع كل نشاط للدرجات يلغي حبّ الشيء لذاته» قد يكون هذا صحيحا ولكن هل إن فلسفة (حبّ الشيء لذاته) مازالت قائمة في عصرنا هذا؟! أتمنّى ذلك. عموما قد نطرح هذه الاقتراحات كوسيلة مرحليّة على الأقلّ لإعادة جذب الطلاب نحو الأنشطة اللاّصفيّة باعتماد أساليب التحفيز بالدرجات وخاصة مع الطلاب متوسطي المستوى والذين لهم بداية موهبة في مجال ما يمكن استثماره وتطويره عبر الأنشطة اللاّصفيّة.
وللأمانة فإن الكثير من المدرسين وخاصة في الثانوي يشجعون الطلاب بإضافة درجات لهم على مشاركتهم في الأنشطة وخاصة إذا كان القائم على النشاط هو نفسه مدرس الطالب في الصف. لكن نعلم أن الكثير من الطلاب يشاركون مع مدرسين أو مشرفين لا يدرسونهم في الصف فكيف السبيل إلى التحفيز بالدرجات.
قد يقول قائل إن المدارس لا تقصّر في إسناد الجوائز والشهادات الرمزية ذات القيمة المعنوية لتحفيز الطالب وخاصة بتكريمه أمام الطلاب في الطابور وهذا كفيل بتشجيعه ودفعه نحو مزيد من العطاء.
صحيح هذا ولا اعتراض، لكن نرى أنّ هذا غير كاف وبالإمكان خير مما هو كائن إذا نحن نوّعنا من أساليب التحفيز بل نضع نظاما دقيقا يشرف عليه أهل العلم من رجال القياس والتقويم لإسناد درجات لمن يشارك في الأنشطة اللاّصفيّة.
إنّ نظرة جديدة وبحثا جديّا عن وسائل تلهب الطلاب وتذكي الحماس فيهم نحو المشاركة في الأنشطة اللاصفية تفرض نفسها اليوم أكثر من أي وقت مضى.
إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 2670 - الأحد 27 ديسمبر 2009م الموافق 10 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً