العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ

بوجود الفلسطينيين ملتصقين في الزاوية... تتمحور محادثات السلام على التوجيه الأميركي

عمر كرمي - مراسل أجنبي للناشيونال، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند» 

28 يناير 2010

مع تزايد الضغط على الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات مع «إسرائيل»، حتى بدون تجميد كامل للمستوطنات في الأراضي المحتلة، تحول عبء المسئولية بشكل كبير إلى الجهود الدبلوماسية الأميركية لضمان تجدّد المحادثات.

يستمر محمود عباس، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بمقاومة الضغوطات، التي بدأت الآن تأتي من الدول العربية إضافة إلى واشنطن، مصرّا على أنه يتوجب على «إسرائيل» إنهاء أعمال البناء في المستوطنات قبل عودته إلى المحادثات.

وكلما ازدادت فترة صمود منظمة التحرير الفلسطينية أمام الضغوطات كلما أصبح من الأصعب للرئيس عباس أن يتراجع عن الوعد الذي قطعه، وكلما ازداد حجم الحوافز المقدمة من واشنطن.

يعتبر الفلسطينيون أن إنشاء المستوطنات هو وسيلة إسرائيلية لخلق حقائق على الأرض تستبق نتيجة المفاوضات.

ما هي فائدة التفاوض بينما تتلاشى الأراضي التي يجري التفاوض عليها حتى بينما تجري المحادثات؟ تساءل صائب عريقات، كبير مفاوضي منظمة التحرير الفلسطينية هذا الأسبوع.

ردا على ذلك، حثّت الولايات المتحدة الأطراف على أخذ الصورة الكبرى بعين الاعتبار، أو «النظر إلى الغابة»، بكلمات هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية يوم الجمعة.

تريد واشنطن من الأطراف أولا أن تبحث موضوع الحدود كوسيلة لحل مشاكل أخرى. الحدود في نهاية المطاف، لا يمكن الاتفاق عليها دون الاتفاق ولو ضمنيا على المستوطنات والقدس.

إلا أن الطلب من الأطراف، بحد ذاته، بحث الحدود أولا، لن يلّطف من عدم وجود تجميد كامل على المستوطنات.

وبشكل موازٍ، من المفهوم أن الولايات المتحدة تعمل على صياغة رسائل ضمانات إلى الجانبين.

وتقول التقارير أن البيت الأبيض ينوي أن يعرض على الفلسطينيين ضمانات بأن أية دولة مستقبلية سوف ترتكز على حدود عام 1967 مع تعديلات بسيطة، وأن يعطي الإسرائيليين وعودا بأن تبقى بعض المستوطنات ليجري ضمها إلى «إسرائيل».

وحتى يتسنى تجنب أي خطر بالتناقض في هذه الضمانات، يتوجب على الولايات المتحدة رسم وضع نهائي من حيث النسب المئوية، حسب قول غيرشون باسكن، رئيس المركز الإسرائيلي الفلسطيني للبحوث والمعلومات في القدس.

«مشكلة التعامل مع الحدود هي أنك لا تستطيع فصل الحدود عن حجم المناطق. إذا أعطي الفلسطينيون ضمانات بأن الدولة الفلسطينية ستقام على 22 في المائة من الأرض بين النهر والبحر، تستطيع أن تطلب منهم القدوم إلى طاولة المفاوضات للتفاوض على الحدود أولا»، حسب قول السيد باسكن مشيرا إلى حجم المناطق المحتلة من قبل «إسرائيل» العام 1967 مقارنة بمساحة فلسطين التاريخية.

يقترح السيد باسكن أنه بهذا الأسلوب يمكن تهدئة المخاوف الفلسطينية من أن تستولي «إسرائيل» على المزيد من الأراضي أثناء المفاوضات من خلال إقامة المستوطنات، وتستطيع الأطراف التركيز على مكان الحدود بالضبط، ومعرفة حجم الأراضي التي ستحصل عليها كل دولة.

إلا أنه من المشكوك فيه أن واشنطن تنوي أن تكون واضحة جدا في تأكيداتها. فقد احترقت أصابعها من قبل عندما دعمت نداء الفلسطينيين بتجميد كامل لبناء المستوطنات، لتتراجع وتحتضن فكرة «تجميد» الاستيطان الذي اخترعته «إسرائيل» بعد ذلك، والذي يستثني إنشاء المستوطنات في القدس الشرقية، وبناء مبانٍ تعتبر أساسية للصالح العام في المستوطنات بشكل عام، إضافة إلى 3000 وحدة إسكانية تمت الموافقة عليها في أماكن أخرى في الضفة الغربية.

وبالطبع، ربما يكون أكثر الأسئلة حسما والذي يسعى الإسرائيليون للإجابة عليه هو إلى أي مدى تستعد واشنطن لفرض أية ضغوطات جادة على «إسرائيل». لقد ألمح جورج ميتشل، المبعوث الأميركي إلى المنطقة مؤخرا في مقابلة مع شبكة PBS الأميركية أنه قد لا يتوجب على الولايات المتحدة تقديم ضمانات قروض إلى «إسرائيل» كوسيلة من وسائل الضغط.

ولكن بدا أن السيد ميتشل يتحدث نيابة عن نفسه، وقام بتصحيح تصريحه بالقول إنه ما زال يعتقد أن أفضل سبيل إلى الأمام هو أن تقوم واشنطن بإقناع الأطراف بما هو في صالحها.

تلك معادلة جرت تجربتها لمدة تزيد على 18 سنة، منذ أول مؤتمر سلام في مدريد، دون أية نتائج.

ويقول الفلسطينيون أنه في غياب أي ضغط أميركي جاد على «إسرائيل»، من غير المحتمل أن تنجح المفاوضات.

وفي حال فشل أية عملية سلام أخرى فقد يعني ذلك نهاية ليس فقط قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وإنما السلطة الفلسطينية، التي قُصِد بها أن تكون سلطة انتقالية لمدة سبع سنوات إلى حين تحقيق الدولة الكاملة بموجب عملية أوسلو.

«سوف تفشل المحادثات في غياب ضغط أميركي على إسرائيل» يقول جورج جياكمان، وهو محلل مركزه رام الله. «سوف يعني الفشل نهاية الطريق بالنسبة للمفاوضات. سوف ينتج عن ذلك فراغ سياسي على الجانب الفلسطيني، والمزيد من المواجهات العنفية بعد فترة من الزمان».

العدد 2702 - الخميس 28 يناير 2010م الموافق 13 صفر 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً