العدد 2728 - الثلثاء 23 فبراير 2010م الموافق 09 ربيع الاول 1431هـ

من قريب

محمد مهدي mohd.mahdi [at] alwasatnews.com

رياضة

يُبرز الإنجاز التاريخي الذي حققه المنتخب الوطني لكرة اليد بتأهله إلى نهائيات كأس العالم المقبلة بالسويد، الكثير من الأمور الجوهرية التي تجعل من هذا الإنجاز مثالا تحتذي به الألعاب الجماعية الأخرى ولا سيما لعبة كرة القدم التي كانت قريبة من ذلك في أكثر من مرة، إذا ما استثنينا اللعبتين الأخريين – السلة والطائرة – اللتين لا تشاركان أساسا في التصفيات المؤهلة إلى كؤوس العالم.

ولعل كوني واحدا من أولئك الذين كانوا قريبين جدا من هذا الإنجاز، فقد شاهدت الكثير من العوامل التي كانت السبيل نحو الوصول بنجاح إلى السويد، من جهتي لن أزيد كثيرا في ما قاله الزملاء الذين تحدثوا في الصحيفة والملاحق الأخرى كثيرا في هذا الإنجاز وطالبوا أكثر من مرة بأن يلاقي هذا المنتخب التكريم اللائق، وخصوصا بعد الاستقبال الرسمي الضعيف الذي حظي به لدى عودته من لبنان، وأن يقوم المسئولون بواجبهم في إعطاء المنتخب حقه الكامل من التكريم، الذي وعلى ما يبدو لن يصل لتكريم مماثل لمنتخب كرة القدم الذي يحظى بالميزانيات الخرافية والتكريم غير الطبيعي، لكنني سأنقل ربما نقاطا أراها من وجهة نظري جوهرية في تحقيق منتخب كرة اليد لهذا الإنجاز الذي طال.

لنبدأ من أعلى الهرم، فقد كانت إدارة الوفد برئاسة رئيس الاتحاد علي عيسى واعية وذات دراية كبيرة بمثل هذه التصفيات والمباريات، كونه لاعبا سابقا في المنتخب، الأمر الذي سهل عليها كثيرا قيادة السفينة في سباقها المونديالي بنجاح، وخصوصا ذلك التعامل الشفاف بينها وبين الجهاز الفني وتخطيط طريقة سير المنتخب في هذه البطولة ومناقشة كل صغيرة وكبيرة مع مدرب المنتخب وإحساسه بالتالي بالمسئولية في كل وقت، وحتى مع اللاعبين الذين كانوا يعدونه الأخ الأكبر.

اللاعبون من جانبهم كانوا جسدا واحدا متجانسا إلى أبعد الحدود، فكانت الفرحة ترتسم على شفاههم في حلهم وترحالهم، وكان المزاح الجميل السمة البارزة بين لاعبي باربار والأهلي والتضامن والنجمة والبقية، هؤلاء لم يحاولوا يوما النيل من الثقة العمياء التي أولتها إليهم رئاسة الوفد، وبقوا ينفذون التعليمات بحذافيرها، حتى مع منع الخروج إلى شوارع الحمرا المزدحمة من أجل شراء بعض الحاجيات إلا بإذن مسبق من مدير الفريق.

هؤلاء لم تغرهم الملذات القريبة جدا من سكن الوفود، ولم ينصبوا الرقص والأفراح خارج الديار، ورسموا صورة جميلة عن الإنسان البحريني الواعي القادم لهدف معين، إذ كان بالإمكان أن يخرج أحدهم سرا إلى تلك المناطق ويعود سريعا من دون علم الإدارة، لكن ذلك لم يحدث من لاعبينا.

أكثر ما شدني في هذه الرحلة، هو التجانس الكبير والجميل بين اللاعبين أنفسهم، فكان نموذجا مختلفا بشكل كبير عن شكل الفريق في رحلة البطولة قبل الماضية بأصفهان 2008، فكان الجميع ينفذ من دون احتجاج الكلام الذي يطلبه منهم قائد الفريق سعيد جوهر، من دون أن يكون هناك حاجز للكبر، إذ ما عرفنا أن أصغر اللاعبين سنا وفارقا عن جوهر يصل إلى نحو 20 سنة، وهذا ما يفرضه عليه القانون والعرف.

فريق حقيقة كان أنموذجا يتطلب من الاتحاد البحريني لكرة اليد والمؤسسة العامة للشباب والرياضة الحفاظ عليه والسعي من الآن لإعداده للحدث العالمي بالشكل المطلوب، ولاسيما أن الفريق يشارك لأول مرة في مثل هذه المناسبات، وغالبية اللاعبين من صغار السن، الأمر الذي سيتطلب من مجلس إدارة الاتحاد التخطيط العلمي ووضع البرمجة الصحيحة، بغية المحافظة على مستقبل هذا المنتخب لسنوات مقبلة يكون فيها العلامة المضيئة في سماء الرياضة البحرينية، في ظل الظلام الدامس الذي يخيم عليها نتيجة الإخفاقات السابقة المتتالية، من دون أن ينسى الاتحاد علاج الأخطاء البسيطة التي ظهرت بالتأكيد في البطولة الآسيوية، في مقابل ذلك يتطلب كذلك من اللاعبين أن يبقوا على تواضعهم الجميل، لأن ذلك هو سر النجاح.


السكوت من ذهب

لم يكن توضيح اللجنة الأولمبية على لسان أمينها العام يوم أمس بشأن الاستقبال الضعيف لمنتخب اليد مبررا، مع الاستغراب الذي أبانه الجميع من صحافة وجمهور وإداريين للأندية، فكانت حالة السكوت أفضل في هذه الحالة من وضع التبريرات المخجلة بحق إنجاز تحقق باسم البلد والشعب، وليس باسم اتحاد كرة اليد، وهو ما كان ينبغي أن تقوم الدولة بتبليغ اللجنة الأولمبية للتنسيق من اجل الاستقبال؟

إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"

العدد 2728 - الثلثاء 23 فبراير 2010م الموافق 09 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً