العدد 2730 - الخميس 25 فبراير 2010م الموافق 11 ربيع الاول 1431هـ

المشروع الإصلاحي في برامج الفئات الثلاث (3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إزاء ردود الفعل التي عبرت عنها الفئات الثلاث التي تحدثنا عنها، والتي عكست بشكل أو بآخر محصلة مواقف القوى السياسية الفاعلة في ساحة العمل السياسي البحرينية، من المشروع الإصلاحي، لذلك فمن الطبيعي والمنطقي أيضا أن يكون المشروع مطالبا، هو الآخر، اليوم، ونحن على أبواب انتخابات برلمان 2010، وبغض النظر عن المسافة التي تبعد أيا من تلك القوى عنه، أن يبادر إلى الإقدام على حركة تجديدية تمده بالطاقة التي يحتاجها من أجل ضمان القدرة على الاستمرار والحيوية التي تقتضيهما قوانين التطور.

ولكي يكون المشروع، وهو يسلخ عن نفسه عقدا من الزمان، قادرا على عبور هذه المرحلة الدقيقة والصعبة، لابد للقائمين عليه، والذين لهم مصلحة حقيقية في نجاحه، والحريصون على أن يأخذوا بيده إلى بر الأمان... عليهم قبل الإقدام على أية خطوة عملية مراعاة الحقائق المؤثرة التالية في المشروع:

1. استمرار سلبية السلطة التنفيذية، إذ لاتزال حركة السلطة التنفيذية سلبيا، إن لم يكن معاديا لجوهر المشروع وأساسياته، وإن كان ذلك يتم بشكل مبطن أحيانا، ومغلف بقشرة إيجابية خادعة أحيانا أخرى.

فمن يراقب سلوك هذه السلطة خلال السنوات التسع الماضية، بوسعه أن يلمس إصرارها على وضع العصي في دواليب المشروع الإصلاحي، من أجل إيقاف حركة دورانها السياسية والاقتصادية الإيجابية في آن. وما هو أخطر من ذلك نزوع بعض صناع القرار فيها - أي السلطة - نحو الاستعانة بالعصي الاجتماعية، وهي الأكثر خطورة والأشد سلبية، من خلال إثارة النعرات الطائفية، التي من شأنها تمزيق إيجابيات النسيج الاجتماعي التي تشكل الإطار الواقي الذي يكرس قيم المواطنة الصالحة التي من شأنها أن توفر، متى ما نعم المجتمع بظلالها الوارفة، للمشروع الإصلاحي أخصب بيئة تضمن الديناميكية التي يحتاجها وعناصر التطور التي لا يستطيع الاستغناء عنها.

2. شكوك المعارضة ومخاوفها، التي تأتي كردة فعل طبيعية على سلوك السلطة التنفيذية السلبي، والذي يزرع بذور الشك بشكل تلقائي في صفوف هذه المعارضة، التي لا تملك، بدورها، إلا أن تكون ضحية موجات متدفقة من الشكوك جراء ما تقدم عليه السلطة التنفيذية وإداراتها من إجراءات تشوه صورة المشروع، وتعمل على حرفه عن مساره الصحيح.

وبقدر ما نلوم بعض أطراف المعارضة على التطرف في مواقفها المتشككة، بقدر ما نستطيع فهم تلك المخاوف وتفسيرها، من منطلقات التراكمات التي أفرزتها طبيعة علاقة الشك المتبادل بين تلك الأطراف والسلطة التنفيذية، والتي تعود جذورها إلى حقبة قانون أمن الدولة، الذي لاتزال هناك مناطق نفوذ واضحة لرموزه الأساسية الممسكة بمواقع مفصلية في الدولة، وفي صنع قراراتها.

3. تردد المواطن العادي الصادر عن انشطاره من تنازع قوتين تمسكان بتلابيبه، الأولى تدعوه إلى التفاؤل ووضع ثقته في المشروع الإصلاحي، الذي، وفقا لتلك القوة، الوحيد القادر على وضع أسس الانتقال إلى مجتمع ديمقراطي تتلاشى فيه مظاهر القمع، وأشكال مصادرة الحريات، والثانية تحذره من وضع «بيضه في سلة واحدة»، وتدعوه إلى اتخاذ الاحتياطات الضرورية اللازمة لحماية نفسه من أية مفاجآت غير سارة، في حال أية انتكاسة يتعرض لها المشروع الإصلاحي، جراء انقضاض القوى المناهضة له من بين صفوف المتضررين، ممن مس مصالحهم المشروع الإصلاحي بشكل مباشر، أو حتى بشكل غير مباشر.

أخذا بعين الاعتبار هذه الحقائق أن يبادر المشروع الإصلاحي، وعلى جناح السرعة، باتخاذ خطوة راديكالية لا تقل جذرية عن تلك التي ولدته، متحدية حينها الكثير من الحقائق التي كانت تعمل ضده وتسعى إلى وأده وهو لايزال في المهد.

ولعل أول هذه الخطوات الجريئة، تتمثل في موقف صريح وسياسة عملية تجاه كل من يقف في السلطة التنفيذية عقبة أمام تفتح آفاق المشروع.

والحديث هنا لا يتناول برنامجا اقتصاديا هنا أو مشروعا اجتماعيا هناك، بل يغوص في أعماق ما هو أكثر استراتيجية من كل ذلك، بحيث يصل إلى قلب المشروع وأساساته. على المشروع هنا أن يتحول إلى «بولدوزر» سياسي يجتث من طريقه كل من يحاول أن يشكل عقبة دون وصوله إلى نهاية ذلك الطريق، والذي هو بناء مجتمع المملكة الدستورية المعاصرة.

يترافق مع هذه الخطوة، واحدة أخرى لا تقل أهمية عنها، تتجسد في التفاتة استراتيجية نحو قوى المعارضة، بكامل ألوانها، من أجل مكافأة من تعاطى بإيجابية مع المشروع، ونزع الشك من صدور من لاتزال تسيطر على أذهانهم بعض الشكوك التي تنعكس سلبا على مواقفهم من المشروع.

على المشروع، ومن منطلقات صادقة أن يمد أياديه، ويفتح صدره من أجل التعاون مع هذه المعارضة وإزالة أية حساسيات من شانها تنغيص مسيرته أو إبطاء خطواته.

ولابد لنا هنا من تأكيد حقيقة في غاية الأهمية، وهي ذلك الموقف الإيجابي المطلق الذي دشنت به المعارضة البحرينية تعاطيها مع المشروع الإصلاحي لحظة الإعلان عنه، وحرصها على طي صفحات الماضي، بكل ما حملته من آلام، وفتح فصول جديدة قامت حينها على ثقتها في حيثيات المشروع وسلامة نوايا من وقف، ولايزال يقف وراءه.

وفوق تلك السلطة التنفيذية، وهذه المعارضة، لا ينبغي أن يقفز المشروع أو أن يتناسى المواطن البحريني الذي ينبغي أن يوضع حد، وللأبد، لآلامه، كي يغادر مواقع التردد التي تشوه سلوكه وتحول دون مساهمته الحقيقية في تبني المشروع والدفاع عن مرتكزاته.

ما ينبغي أن يتفهمه الجميع هنا، مشروع إصلاحي، أم سلطة تنفيذية، أم معارضة سياسية بحرينية، أن تغييب مصلحة هذا المواطن، من شأنها في مراحل لاحقة، أن تكون بمثابة القنابل الموقوتة التي متى ما انفجرت يمكنها أن تئد المشروع، وتنسف السلطة التنفيذية، وتشوه أجساد المعارضة السياسية. وبالتالي، وبدلا من أن نسير بخطى ثابتة حثيثة نحو المملكة الدستورية، تقودنا أقدامنا، شئنا أم أبينا، نحو محرقة تاريخية جماعية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2730 - الخميس 25 فبراير 2010م الموافق 11 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:11 م

      ليتك تكون مستشارا .. لكن لا تنسى حينها الشعب المظلوم كما فعل الآخرين

      مقال رائع يا أستاذ عبيدلي .. ليتك تكون مستشارا للملك أو سمو الأمير ولي العهد لتوضح لهما مكامن الخطر .. يبدو أن الحاشية المحيطة لا تنقل الصورة الحقيقية كما تفهمها أنت ولكأنك تقرأ أفكار الشعب الذي وصل إلى طريق مسدود مع حكومته ومعارضته ورجال دينه ولم يبق أمامه سوى الإنفجار

اقرأ ايضاً