العدد 2733 - الأحد 28 فبراير 2010م الموافق 14 ربيع الاول 1431هـ

لبنان... بوصفه «كبش فداء»

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقريره الثاني عشر بشأن تطبيق القرار الدولي 1701 من هشاشة الوضع على الحدود بين لبنان و «إسرائيل». فالقرار الذي صدر في العام 2006 نص على وقف العمليات الحربية وأبقى مسألة «وقف إطلاق النار» مفتوحة حتى تضمن القوات الدولية في الجنوب اللبناني الشروط المطلوبة التي تؤكد حال الاستقرار الدائم.

حتى الآن لم يصدر قرار وقف إطلاق النار ما يعني أن احتمال فتح الجبهة مسألة غير مستبعدة في حال تواصلت ما يسميه بان كي مون سياسة «استخدام خطاب متصاعد وعدائي وتحذيرات متزايدة الحدة».

كلام مون جاء تعليقا على الحرب الايديولوجية التي بدأت حكومة تل أبيب بإطلاقها اتجاه الدولة اللبنانية، محذرة حكومة بيروت من أنها تتحمل مسئولية أي خرق لوقف العمليات الحربية. وذريعة حكومة الثنائي نتنياهو - ليبرمان أن دولة لبنان صاحبة سيادة وهي الطرف المسئول عن كل ما يجري على أرضه أو يحصل خارج حدوده، وبالتالي فالرد لن يقتصر على مطاردة المقاومة بل سيشمل كل البنى التحتية والمؤسسات الرسمية ومصادر الطاقة وغيرها من جسور وهيئات ومراكز عامة أو خاصة.

تهديدات «إسرائيل» وضعت بلاد الأرز من جديد في دائرة الاستهداف بغض النظر عن الجهة التي تتخذ منها منصة لإطلاق الصواريخ. فالدولة شاءت أم أبت تتحمل المسئولية ولبنان من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه سيكون ساحة مفتوحة للتقويض من دون اكتراث أو انتباه للخسائر المادية والبشرية التي يمكن أن تسفر عنها عمليات العدوان.

لبنان إذا من جديد «كبش فداء» وهو ملاذ تفريغ الطاقة الإقليمية والميدان الذي تختبر فيه الأسلحة على أشكالها وأنواعها. والكبش حتى يكون جاهزا للتضحية به على مذبح القضية أو لحسابات إقليمية تقع خارج أرضه وإرادته لابد أن يخضع لعمليات تغذية تؤهله لأن يكون في حال تسمح بدفعه نحو معركة السكاكين القادرة على تقطيع أوصاله حين تأتي اللحظة المناسبة.

هل اقتربت اللحظة المناسبة للتضحية بالكبش أم أن هناك مسافة زمنية تفصل بين الحرب الايديولوجية الكلامية والصدام العسكري؟ الصور وموائد العشاء ودعوات الإفطار والمؤتمرات الصحافية وما يقال من كلام عنيف (طنان ورنان) مشمول بالوعود الوردية لا يكفي للإشارة إلى اقتراب موعد التضحية بكبش الفداء. فهذه الأدلة ليست دامغة وهي تحتاج إلى قراءات أخرى يمكن أن تفتح النظر على وجود قنوات تصريف موازية يتم اعتمادها خارج رقابة الفضائيات والأجهزة المرئية. فما يقال للعامة والجمهور من كلام كبير ليس بالضرورة هو الصحيح. الأهم والأخطر هو ما لا يقال من كلام ويجري إعداده وراء الكواليس وخارج إطار الصورة.

اللقاءات «الفنية» والترتيبات «التقنية» التي تحصل في الغرف السرية وتشرف الهيئات الخاصة المحترفة مهنيا على إدارتها هي في النهاية القوة الحقيقية التي تتحرك في الجبهات الخلفية والبعيدة عن الأنظار وتقوم بالمهمات المضبوطة ضمن تصورات مرسومة سلفا ومتوافق على حدودها ونطاقها وعمقها الجغرافي ومداها الزمني.

لبنان بوصفه «كبش فداء» لا حول ولا قوة له، فهو غير قادر ولا يعرف متى وأين، وهو لا يستطيع إذا أراد، ولا يدري إذا كانت المسألة مؤقتة أو موقوفة أو مرسومة، أو هو مجرد وكيل أو بدل عن ضائع أو حقل تجارب للأسلحة والصواريخ والمعدات الحربية التي يجري اختبارها ميدانيا للتأكد من سلامتها وفعاليتها.

لبنان بهذه الصفة خارج الصورة. ولكنه بوصفه «كبش فداء» سيكون دائما في إطار المشهد الإقليمي بغض النظر عن الكلفة التي سيدفعها ماديا وبشريا لتسهيل عمل قنوات التصريف الموازية التي تتحرك خارج المرئيات وتدير اللعبة وبعيدا عن مسرح بلاد الأرز.

السؤال عن اللحظة المناسبة بشأن اقتراب موعد دفع «كبش الفداء» إلى لعبة النار يصعب تحديدها في خضم معركة ايديولوجية يقال فيها الكلام للعامة والجمهور لرفع المعنويات وكسب الثقة وشد الحزام وأيضا للتغطية على ما لا يقال عادة في المؤتمرات الصحافية ودعوات العشاء واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية.

الكلام الايديولوجي لا يعول عليه. فهو يطلق للاستهلاك المحلي وحرف الأنظار عن الزوايا المجهولة التي تعقد في ظلامها الصفقات «الفنية» و «التقنية» ومنها تحصل الترتيبات قبل أن يخرج الفيلم من الاستوديوهات إلى شاشات العرض السينمائية.

خارج «الحرب الايديولوجية» ترتسم الصورة الحقيقية للمشهد المراد إظهاره على المرئيات والفضائيات بعد الاتفاق على أسماء الأبطال وتلك القوى التي ستكلف بلعب الأدوار على المسرح أو الشاشة. فهل انتهت حفلة الاختيار وبدأ العمل على إعداد المشهد للتصوير؟ الجواب لا يمكن حسمه لأن من يدير خيوط اللعبة غير ظاهر في اللوحة الزيتية، ولكن ما يمكن التأكيد عليه هو أن «كبش الفداء» بات في وضعية جاهزة للتضحية به.

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 2733 - الأحد 28 فبراير 2010م الموافق 14 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 5:57 ص

      الفلم

      الفلم هو أن تقفد المقاومة قدرتها الرادعة, ولكن سنوات الحرمان والإحتلال في الجنوب من أزال سوادها, طبعا أصحاب الفكر المتنور لا الأيدولوجي, سيبقى السلاح لأن الدولة التي تنادي بها كانت نائمة, لأن الجنوبين لديها مواطنين بدرجة ثالثة أو ثانية, كلامك لن يغير شىء السلاح موجود لردع العدو ولتأديب المتملق للغرب المتعالي على شعبه الذين نسيو طوال فترة الإحتلال, عاشت الصحافة المترفة بالثقافة والتنظير.

    • زائر 1 | 3:50 ص

      لا تلمز بالمقاومة

      المقاومة هي من حررت وغيرهم ناموا وأفسدوا.

اقرأ ايضاً