العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ

أمينة الفردان ترصد التوظيف اللوني عند المرأة الشيعية في البحرين

في كتابها «رمزية الألوان»

صدر عن دار نينوى كتاب «رمزية الألوان عند المرأة الشيعية في البحرين» لأمينة الفردان، من الحجم المتوسط في 131 صفحة، وهو بحث مقدم ضمن متطلبات درجة البكالوريوس، في علم الاجتماع، بجامعة البحرين، إشراف أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا السيد الأسود، وقد عالجت الباحثة رمزية الألوان من خلال أربعة فصول، في الفصل الأول تحدثت عن الأساليب المنهجية، والإطار النظري، والدراسات السابقة لموضوعها، أما الفصل الثاني فرصدت الدلالة الرمزية لكل من الألوان، الأسود والأخضر والأحمر والأبيض والذهبي، وختمت هذا الفصل بالألوان التي ترتبط بأحلام المرأة الشيعية في البحرين ودلالتها الرمزية، أما الفصل الثالث فخصصته للأساليب الفنية التي ترتبط بالمرأة ورصدت دلالة الألوان في الرسم والنحت والتمثيل، أما الفصل الرابع فخصصته للخاتمة والتوصيات والنتائج وملحق الصور الميدانية والمراجع التي اعتمدت عليها.

دراسة الثقافة اللونية عموماً موضوع أثير، فكيف به وقد أتى عبر دراسة لخبرة شعبية تتصل بعلوم الإنسان عبر رصد رمزية الألوان ودلالتها من زاوية محددة هي (المرأة الشيعية في البحرين) فكان هذا التحديد طريقاً دقيقاً يجعل الباحثة تركز على موضوعها ويمنحها فرصة للتعمق فيه، وخصوصاً أنها تمتلك خبرة المعاينة والمعايشة كونها امرأة تنتمي لهذا المجتمع الذي سترصده؛ ما يمنحها فرصة لاستبطان التجربة وحكايتها وتمثلها حين معايشة هذه التجربة ذات الثقافة اللونية، ولذلك لم يكن من الغريب عليها أن تقف أحياناً في موقع الرصد والبحث، وأحياناً في موقع الساردة العليمة أو الواصفة لما حولها ولما عايشته وتمثلته من واقعها؛ بل وحتى ما رصدته من تحولات اجتماعية في الثقافة اللونية لهذا المجتمع.

ولذلك نجد الباحثة كلما توقفت مع لون من الألوان استعرضت رصدها له وخبرتها معه واستدعت بعض الشهادات التي تؤكد هذه الخبرة والرصد كمنهجية متبحبحة تمنحها علوم الإنسان للباحث ليعمق من الدلالات التي رصدها وليؤكد صدق ما توصل إليه من نتائج.

حينما تناولت الباحثة الألوان في ثقافة المرأة الشيعية توقفت مع الأجواء والطقس الذي يندغم اللون فيه، وليس هناك من طقس أكبر من أجواء موسم شهر محرم وعشرة عاشوراء؛ إذ تكتسب فيه الخبرة اللونية بعداً ودلالة عميقة على مستوى التأويل والدلالة، ولذلك كان هذا الموسم معيناً خصباً لمتابعة الحركة اللونية فيه.

حيث يحضر الأسود والأخضر والأحمر والأبيض وخاصة اللون الأسود الذي يكتسب دلالة مرجعية عميقة؛ إذ في لباس المرأة، وتزيي الأجواء به في القرى والشوارع المآتم النسائية؛ ما يوفر فرصة للباحثة في رصد الأجواء المصاحبة لتركيب السواد على الجدران في موسم محرم وصفر وكذلك الأجواء التي تصاحب خلعه واستبداله وتحول الأجواء بعده إلى عكسها.

ومما يعمق حضور اللون الأسود الذي رصدته الباحثة في لباس النساء أنه أصبح فيما بعد يحمل دلالة واضحة على الهوية والتعبير عن الذات الجمعية والفردية؛ إذ اشتغلت المخيلة على سحبه من الأجواء الاحتفالية عبر الزمن في التعبير عن الحزن والحداد العام إلى حال من التعبير عن الخصوصية الشيعية إلى كونه اللباس اللوني الملازم لمجمل أنشطة المرأة خارج الحياة المنزلية عبر شحنه بمفهوم الستر والحشمة والعفاف.

وكذلك الأمر مع اللون الأخضر لون الحياة والنماء والخضرة واقترانه بأهل البيت في الخبرة الشيعية؛ إذ هم مصدر القيم والأخلاق الحسنة والخير ومن هنا أصبح رمزاً للسادة امتداد أهل البيت في الثقافة الشيعية خاصة وتزين الأضرحة والمقامات به.

وقد لخصت الباحثة تساؤلاتها في ما هي الألوان الأكثر شيوعاً عند المرأة الشيعية في البحرين، وما هي الرموز التي ترتبط بتلك الألوان، وما مدى ارتباط رمزية الألوان بالشعائر السائدة عند المرأة؟

ثم حددت مفهوم الرمز والتأويل والشعيرة ومجتمع الدراسة وهي منطقة كرزكان ومناطق أخرى في مملكة البحرين منها المالكية ورأس الرمان ومدينة حمد وجدحفص وعالي وتوبلي وسلماباد.

ثم توقفت في إطارها النظري مع النظرية التفاعلية الرمزية التي تتمثل في قابلية الأفراد للتفاعل مع الرموز المشتركة التي تعطي معنى لأنشطتهم وتحدد مواضعهم الاجتماعية وتفسر سلوكياتهم اليومية معتمدة في فهمها على ما ذهبت إليه موسوعة علم الإنسان لإحسان الحسن، وما ذهب إليه غيره من الباحثين في فهم التفاعلية الرمزية وتعبيرها عن الإنسان والظاهرة الاجتماعية.

وفي مجال الدراسات السابقة توقفت الباحثة مع دراسة الألوان في القرآن الكريم راصدة مواقع الألوان في الآيات الكريمة ودلالة ذلك؛ إذ توقفت مع اللون الأبيض ودلالة الهدوء والشفافية والسلام والنقاء والنصر، ثم مع اللون الأخضر ودلالة النماء والجمال والنعيم في الدنيا والآخرة، ثم الأصفر والأسود.

وخلصت إلى أن الثقافات هي التي تحدد الإحساس بالألوان والتمايزات فيما بينها بما يجعلها ذات دلالة خاصة ومعبرة عن معنى معين في كل ثقافة على حدة ففي الوقت الذي يرتدي الرجل الدشداشة (الثوب الأبيض) في دول الخليج ترتدي المرأة العباءة اللون الأسود؛ ما ينجم عن تقابل ثنائي بين الأبيض والأسود لا تخطئه العين» وتمايز على المستوى الاجتماعي عبر التعمق في الدلالة اللونية لكل من الاختيارين.

وكذلك اللون الأسود وما يلعبه من معنى مرجعي دال عند الشيعة في البحرين عبر ارتداء الملابس السوداء في شهر محرم وصفر بما يأخذ شكل الدلالة المكثفة مستشهدة بما ذهب إليه مشرف البحث نفسه، السيد الأسود.

وفي بداية الفصل الثاني وهو لب البحث تتبعت الفردان الدالات الرمزية للون الأسود المرتبط بالشعائر الحسينية وأجوائها، ولبس الأسود للستر كثقافة، ولبس الأسود في أيام العدة، ولبس الأسود عند فقد شخص عزيز أو قريب، أو عند ذهاب المرأة للتعزية، والتحوّل في معنى الأسود ولبسه في الأفراح كالزواج، والكحل الأسود، والخوف من القط الأسود، والتشاؤم من صوت الغراب الأسود، والتقميع بالخضاب الأسود وأجوائه، وبعض العبارات الاجتماعية التي تستوظف اللون الأسود.

ثم رصدت الدلالات الرمزية للون الأخضر متتبعة إياه في مواسم الزواج الخطوبة وليلة الحناء والجلوة والمتيرب، واستخدام اللون الأخضر في مواليد الأئمة، والمشموم في الأعراس وفي الوفاة، وسعف النخيل في التزيين والأفراح واللون الأخضر في عاشوراء، والملابس الخضراء في تجسيد مشاهد واقعة الطف، وقبور الأولياء والأضرحة ومقامات الصالحين، وقد خلصت إلى أن تعدد استخدام اللون الأخضر يرجع إلى تعدد الدلالات الرمزية التي يحملها هذا اللون من حيث التعبير عن الانتماء لأهل البيت، الجنة النعيم وكل تلك الرموز التي تجعله محبباً عند المرأة خالصة إلى أن الموروث الثقافي لتلك النساء بشأن اللون الأخضر تشرَّبنه من مجتمعهن المحلي وتناقلنه جيلاً بعد جيل وهكذا تتبعت بقية الألوان ورمزيتها.

العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:51 م

      ماشاء الله

      اعتقد ان الباحثة امينة تمتلك خيال واسع بقدر الفضاء الكوني ... حيث ان اختيار هذا النتاج يدلل على ابداعية براقة ... الى الامام .....

اقرأ ايضاً