العدد 3294 - الثلثاء 13 سبتمبر 2011م الموافق 15 شوال 1432هـ

التنفيذ الجزئي للتوجيه الملكي يدمر واقعنا الجميل

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

أصدرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بياناً، أكدت فيه أنها تتابع ما صدر عن اللجنة المكلفة بالنظر في المسائل المتعلقة بتسريح العمال التي شكلت بتوجيهات من مجلس الوزراء بشأن بحث الآليات والإجراءات الكفيلة بضمان سرعة ترجمة وتنفيذ التوجيهات الملكية السامية بإعادة المفصولين والموقوفين إلى وظائفهم، وتدارس الجهود والنتائج المتحققة والمساعي المبذولة لمعالجة وتذليل الصعوبات التي أعاقت أو عطلت إعادتهم إلى أعمالهم ممن ثبت عدم وجود مسوغات قانونية تستوجب الفصل.

المؤسسة في بيانها لم تتطرق سوى إلى المفصولين والموقوفين من القطاع الخاص، على رغم أن جلالة الملك في خطابه بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك تطرق إلى المواطن البحريني من دون الإشارة إلى موقعه في القطاع العام أو الخاص، إذ قال جلالته: «لا يرضينا أن يتعرض أي من أفراد شعبنا بما يمس أمنه وحريته ومصدر رزقه وتحصيله العلمي».

وبالتالي فإن من واجب المؤسسة والتي على رأس أولوياتها مراعاة تطبيق المعاهدات الدولية التي وقعتها البحرين في مجال صون كرامة وحقوق الإنسان، أن تتحدث باسم كل المفصولين والموقوفين في القطاعين العام والخاص، لا أن تنحاز إلى جهة على حساب الأخرى من باب العدالة والإنصاف في طرح القضايا الوطنية التي تمس شريحة واسعة من المواطنين.

كذلك الحال بالنسبة لوزارة العمل، فمسمى اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء واضح جداً ولا يحتمل المزيد من التأويل والتفسير فهي «اللجنة المكلفة بالنظر في المسائل المتعلقة بتسريح العمال»، وهنا لم تُحصر في قطاع محدد، فكل المسرّحين والموقفين من الجانبين هم عمال لا يختلفون عن بعضهم البعض في الحقوق والواجبات.

تحرّك وزارة العمل من جهة والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان من جهة أخرى لحث الشركات ومؤسسات القطاع الخاص فقط للاستجابة لتوجيهات الملك، يحرف مسار القضية ويفرغها من محتواها، ويجعل الناس في حال انقسام شديد، فلا يعقل أن يرى المواطن جاره في القطاع الخاص عاد إلى عمله وهو عاطل يضرب الراح بالراح على أمل أن تستدعيه الجهة الحكومية التي يعمل بها للعودة إلى موقعه مجدداً.

إن كان من يجزم بأن جميع المسرّحين والموقوفين يستحقون ما أصابهم لأنهم أضربوا عن العمل وعطلوا عجلة الإنتاج، فعليه أن ينتبه بأن اتهامه يقع في دائرة الظلم الذي لم يكلف نفسه عناء البحث للتأكد من صحته، ذلك أن شريحة كبيرة لم تُضرب عن العمل ولم تشارك في أي مسيرة أو اعتصام، تم تلفيق تهم كيدية لها من أجل دحرها عن مواقعها والاستئثار بمسمياتها الوظيفية.

ومسرحون آخرون لم يتخلفوا يوماً عن عملهم وتمت ملاحقتهم بتهم تتعلق برسائل نصية أو إعجاب بموضوع على الفيسبوك أو نشاط اجتماعي غير مخالف للقانون في شبكات التواصل، وهي مسائل ليست ذات صلة بالعمل أبداً، ولكن تم استغلالها من أجل تجميع أكبر قدر من الأدلة لسوق اتهامات تفضي إلى التسريح.

كما أن عملية إيقاف الموظفين لمدة 10 أيام مع الخصم من رواتبهم تجري على قدم وساق هذه الأيام - حتى كتابة هذه العبارات - في مختلف الوزارات والأجهزة الحكومية خلافاً للتوجيهات الملكية الصريحة بعدم التعرض لأي مواطن في رزقه وأمنه وتعليمه، والأعجب أنها موجهة ضد أناس محددين على رغم أن حال انعدام الأمن إبان الأزمة طالت كل البحرينيين بلا استثناء والتغيّب جاء من كل الطوائف والملل، في ظل غياب حال الأمن وعدم التأكد من خلو الشوارع من المخاطر.

هذه المنهجية غير السليمة لا تؤسس لوطن مستقر، ولا تبني مستقبلاً قائماً على التسامح والتعايش بين المواطنين، بل تفضي لحالة من النزاع وانعدام الأمن والاستقرار، فأكثر ما يؤدي بالإنسان إلى حال اللاثقة والتخوف من المجهول هو استهدافه في رزقه وقطع قوت يومه.

طي صفحة الماضي والتأسيس لبناء قوي قائم على أسس متينة لإنقاذ البلاد من الانقسام الطائفي، يبدأ من إرجاع المفصولين والموقوفين إلى مواقع عملهم، فغالبيتهم أخذوا بدائرة الظن أو الاتهام غير المثبت بدليل قاطع يؤكد مخالفتهم للقوانين، وإن كانت المشاركة في مسيرات واعتصامات إبان الأزمة جرماً، فإن وزير العمل جميل حميدان أشار في المعايير التي حددها لعودة المسرّحين في القطاع الخاص أنها مشمولة بالعفو الملكي.

هنا نستشهد مجدداً بكلمة جلالة الملك: «التسامح والابتعاد عن العنف هو ما نصبو إليه وليس التشدد في العقاب بما يؤثر على وحدتنا وتلاحمنا وتعايشنا الوطني»، فالتشدد في العقاب كما بيّن جلالته هو ما يجرّ البلاد إلى التنافر والتشتت وتمزيق اللحمة الوطنية، والاستمرار في توقيف المواطنين وعدم إرجاع المفصولين من القطاعين إلى أعمالهم يأخذ بنا إلى تدمير واقعنا الجميل الذي عُرفت به البحرين منذ أقدم الأزمان والذي لايزال يتغنى به الآباء والأجداد

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3294 - الثلثاء 13 سبتمبر 2011م الموافق 15 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 6:38 ص

      المشكلة ..

      المشكلة في من يحمل مفاتيح الحل وليس هيكل الحل وهي الحكومة نفسها

    • زائر 3 | 1:33 ص

      اقعنا الجميل!

      عن أي واقعٍ جميل تتحدث يا أخي الكريم؟

    • زائر 2 | 1:06 ص

      شكرا لك

      انت اللي حاس فينا احنا مفصولي القطاع العام لأن إذا نراجع وزارة العمل يقولون لينا ما عدنا ليكم شي احنا نعالج قضية العمال يعني احنا ما نعتبر عمال (والنار ما تحرق الا واطيها) ليش بس القطاع الخاص يدافعون عنهم واحنا وين نروح يعني المشتكى لله

اقرأ ايضاً